ارشيف من :أخبار عالمية
اليوم الاول للجمعية العامة للامم المتحدة: خطابات بالجملة وديمقراطية لا يمكن ان تتحقق حتى في نيويورك
تقرير: ليلى سرعيني
"هايد بارك" من نوع جديد، شهدته أمس، مدينة نيويورك بعدما إجتمع فيها زعماء 192 دولة، على خلفية أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، في مشهد لا يحصل تقريباً إلا مرة واحدة في كل عام. افتتح بان كي مون الاربعاء الجمعية العامة السنوية للامم المتحدة في نيويورك، داعيا المشاركين الى مواجهة تحديات المناخ والاسلحة النووية والفقر. وقال الامين العام للامم المتحدة متوجها الى اكثر من 120 زعيما يشاركون في الجمعية العامة "اذا كان هناك من وقت مناسب للتصرف بذهنية تعددية متجددة، فهذا الوقت هو الان".
واتّسمت كلمة كي مون بالعمومية، من نوع الدعوة إلى "الوحدة لمواجهة التحديات الضاغطة التي يواجهها العالم"، وخصوصاً على جبهات الغذاء والطاقة والكساد ووباء الأنفلونزا والتغيّر المناخي ونزع التسلّح والسعي إلى عالم خالٍ من القنبلة النووية.وفي حين تطرّق بان إلى الأزمات السياسية العالمية، وأبرزها دارفور والشرق الأوسط وأفغانستان، ظلّ كلامه محصوراً في إطار الآمال والأحلام؛ ففيما حثّ المعنيين على استئناف المحادثات بين العدو الاسرائيلي والفلسطينيين ليصلوا إلى "العيش في دولتين مسالمتين"، عبّر عن حلمه برؤية الأفغان "يستفيقون من ليلهم المظلم الطويل، شأنهم شأن الباكستانيين".
وبحسب التقليد المتّبع في توزيع الكلمات على الزعماء العالميين، تحدث الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا، مركّزاً على أزمة هندوراس، وذلك بعد يومين من عودة الرئيس الشرعي مانويل زيلايا إلى العاصمة الهندورية تيغوسيغالبا، واحتمائه في مقر السفارة البرازيلية. وكما كان متوقعاً، رأى دا سيلفا أنه يجب أن يُعاد زيلايا إلى مهماته "على الفور".
ووجه الرئيس البرازيلي دعوة قوية لاقامة نظام اقتصادي عالمي جديد في اعقاب الازمة المالية العالمية. قائلا "نحن مجبرون على التدخل عبر الحدود الدولية ولذلك علينا اعادة بناء نظام اقتصادي عالمي جديد ".
وجدد الرئيس البرازيلي الذي يشارك في قمة مجموعة العشرين في بتسبرغ في وقت لاحق من هذا الاسبوع ، دعوته الى تنظيم الاسواق المالية وانهاء الحمائية. واكد ان على المؤسسات المتعددة الاطراف مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ان تصبح "اكثر تمثيلية وديموقراطية" للتعامل مع مشاكل معقدة مثل اعادة تشكيل النظام النقدي العالمي ".
أما الرئيس الاميركي باراك أوباما، فقد اكد امام القمة ان الولايات المتحدة لا تعتبر ان مواصلة الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة امرا شرعيا لكنه تحدث عن دولة يهودية اضافة الى ضرورة استئناف المفاوضات دون شروط مسبقة.
وقال "الولايات المتحدة لا تقبل بشرعية المستوطنات الاسرائيلية المستمرة ولا تعتبر أن مواصلة الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة امر شرعي وحان الوقت لاستئناف المفاوضات بدون شروط مسبقة. واضاف علينا معالجة مسألة القدس واللاجئين والهدف واضح أن دولة اسرائيل اليهودية مع أمن حقيقي لجميع الاسرائيليين ودولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة على أراض متصلة، وبالتوازي سنسعى الى تحقيق سلام بين الاسرائيليين وسوريا وبين الاسرائيليين واللبنانيين ولن أتخلى عن سعيي لإرساء السلام".
وحذر الرئيس الاميركي من ان برنامجي كوريا الشمالية وايران النوويين يهددان باخذ العالم الى "منحدر خطر" كما قال. وقال ان "حكومتي كوريا الشمالية وايران بافعالهما حتى اليوم. تهددان باخذ العالم الى هذا المنحدر الخطر "،مجددا تعهده بالعمل من اجل عالم خال من الاسلحة النووية. وقال ان جميع الدول ستكون اقل امنا اذا تجنب بعضها عمليات التفتيش الدولية .
الرئيس الاميركي دعا الى "عهد جديد من التعاون المتعدد الاطراف" لمواجهة تحديات الكوكب. وقال "لان الوقت حان للعالم لاتخاذ وجهة جديدة ينبغي ان نفتح عهدا جديدا من التعاون المتعدد الاطراف قائما على مصلحة واحترام متبادلين ".
من جهته، طالب الرئيس الليبي معمر القذافي بفتح تحقيقات تشمل جميع الحروب والاغتيالات، داعيا قوات الاحتلال الاميركية لمغادرة أفغانستان، وذلك في خطاب مطول هو الأول له أمام الجمعية العامة. ممزقا نسخة من ميثاق الأمم المتحدة لأن أعضاءها غير متساوين في الحقوق وفشلت في منع عشرات الحروب.
وذكّر القذافي، في خطاب مدته ساعة ونصف، بأن 65 حربا نشبت منذ إنشاء الأمم المتحدة، وإصلاحُ المنظمة ليس بتوسعة مجلس الأمن لأنه لن يمكن التوفيق بين الدول الكبيرة.
وتساءل كيف تتنازل إيطاليا التي قاتلت مع الحلفاء عن المقعد لألمانيا التي سببت الحرب العالمية وهزمت فيها؟ واعتبر الحل هو إلغاء العضويات الفردية لصالح الاتحادات القارية.
كما اعتبر القذافي أن أفريقيا جديرة بمقعد دائم، حتى دون إصلاح مجلس الأمن، استحقاقا عن الماضي كـ"قارة معزولة ومضطهدة ننظر إليها كحيوانات ثم عبيد ثم مستعمرات تحت الوصاية".وتساءل لم لا يسمح لطالبان بأن تحكم أفغانستان دولةً دينية "كالفاتيكان"؟.
ووصف القذافي الجمعية العامة بأنها "هايد بارك"، متنزه لندن الشهير، أي أنها منبرٌ للخطابة فقط، وهاجم الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومحكمة العدل لأنهما تحاسبان الضعفاء فقط، على حد قوله.
وأشار القذافي الى الرئيس الاميركي باراك أوباما بقوله ، إن أفريقيا فخورة بابنها "الأسود" الذي صار رئيسا، لكنه "ومضة في الظلام" عمرها أربع سنوات وبعدها "من يضمن من يحكم أميركا؟".
ودعا أيضا للتحقيق في قضايا كثيرة، كغزو غرينادا وبنما وحربي العراق وأفغانستان وإعدامات لم يعرف من نفذها، حسب قوله، كإعدام صدام حسين وهو أسير حرب و"رئيس دولة عضو في الأمم المتحدة"، وأيضا للتحقيق في فضيحة "أبو غريب"، والعدوان على غزة ومجازر صبرا وشاتيلا.
وتساءل لم لا يحقق في اغتيال باتريس لومومبا، وحتى الرئيس الأميركي جون كينيدي الذي صُفي -حسب القذافي- لما أراد إخضاع مفاعل ديمونة الإسرائيلي للتفتيش.
وتطرق القذافي إلى قضايا عديدة من إنفلونزا الخنازير ومعاهدة أوتاوا لحظر الألغام المضادة للأفراد إلى فلسطين ودارفور والقرصنة البحرية. واتهم القذافي شركات كبرى بنشر فيروس إنفلونزا الخنازير وتصنيع المصل المضاد للمتاجرة به، متسائلا كيف يدفع الإنسان مقابل الدواء؟.
واعتبر اتفاقية أوتاوا الحالية خاطئة ودعا الموقعين لمراجعة مواقفهم، لأن من حقهم استخدام الألغام لأنها دفاعية أصلا.
أما في موضوع القضية الفلسطينية اعتبر الزعيم الليبي أن لا حل لها إلا في دولة واحدة ديمقراطية للشعبين، لاستحالة قيام دولتين متجاورتين، لأنهما متداخلتان أصلا. وخاطب اليهود قائلا إن العرب هم من حماهم من الرومان ومحاكم التفتيش والمحرقة، والغرب يزج بهم الآن ليقاتلوا من دافعوا عنهم.
هذا وقاطعت بعض الدول، أبرزها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا ، كلمة رئيس الجمهورية الاسلامية الايرانية ، الرئيس محمود أحمي نجاد ،الذي تفادى التطرق لبرنامج بلاده النووي خلال خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، وركز على انتقاد "إسرائيل" متهما إياها بممارسة سياسات غير إنسانية في فلسطين، كما أكد أن الحاجة باتت ماسة لإجراء تغييرات في السياسة الدولية الحالية قائلا إن عصر الرأسمالية الجشعة ولى دون رجعة.
وقال أحمدي نجاد "كيف يمكن للمرء أن يتصور أن السياسات غير الإنسانية في فلسطين يمكن أن تستمر؟ وكيف يتأتى لجرائم المحتلين في حق النساء والأطفال العزل وتدمير منازلهم ومزارعهم ومستشفياتهم ومدارسهم أن تلقى مساندة مطلقة من قبل حكومات معينة؟".
وأضاف أنه حان الوقت للعالم كي يرد على هذه الأوضاع، وأنه من غير المقبول أن تسيطر أقلية صغيرة على سياسات العالم واقتصاده وثقافته، مؤكدا أن الحاجة أصبحت ماسة لإجراء تغييرات جذرية في السياسات الحالية التي تسود العالم، وأن عصر الرأسمالية الجشعة ولى دون رجعة مع اندلاع الأزمة المالية العالمية.
وردا على تجاهل إيران للعقوبات المفروضة عليها في الموضوع النووي، رأى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، في خطابه، ان الايرانيين "سيرتكبون خطا فادحا" اذا راهنوا على عجز المجتمع الدولي ليواصلوا برنامجهم النووي العسكري كما قال.
من جهة ثانية اقترح الرئيس الفرنسي على الدول الاعضاء في الامم المتحدة "التوافق قبل نهاية هذا العام على الاقل حول اصلاح موقت" لمجلس الامن معتبرا انه "في السياسة والاقتصاد والبيئة تبرز ضرورة (بلورة) ادارة عالمية جديدة". ورأى ان "الدول الاكثر تطورا لا يمكنها ان تدعي ادارة العالم وحدها" داعيا الى "توسيع دائرة الاعضاء الدائمين وغير الدائمين في مجلس الامن ".
بدوره، قال أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني إن ميثاق الأمم المتحدة ضمان للسلم العالمي، ودعا إلى العودة إلى هذا الميثاق لأن فيه الحل لكل أزمات العالم بما فيها التغير المناخي.
وأكد في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة مساء أمس في نيويورك أن "العودة لمرجعية الأمم المتحدة ليست ضرورية فقط لحل الأزمات المستعصية مثل أزمات الشرق الأوسط، ولكنها حيوية أيضا لتحقيق آمال لا يمكن بلوغها إلا بتوافق دولي شرعي داخل نظام متفق عليه".
واعتبر أمير قطر أن الوقت قد حان للرجوع إلى نظام الأمم المتحدة "إطارا يتسع للجميع وساحة معترفا بها من الكل وميثاقا ارتضته أمم الأرض كافة".
وأضاف الشيخ حمد أن نظام الأمم المتحدة "مكتمل في مؤسساته، لكن لا بد من تجديده بحيث يتطابق مع الحقائق المستجدة" في العالم.
وقال إن "العالم في حالة استعداد للتجدد والبحث عن مستقبل مختلف"، بعد كبريات الأحداث التي وقعت منذ الحرب العالمية الثانية مرورا بالحرب الباردة ووصولا إلى أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 والأزمة المالية العالمية في نهاية 2008.
وأوضح أنه اتضح بعد هذه المنعطفات التاريخية أن "سلام ورخاء العالم يحتاج إلى ما هو أكثر من سلاح الأقوياء، ويحتاج إلى ما هو أكثر من ثنائية دولتين عظيمتين، ويحتاج إلى ما هو أكثر من انفراد بلد واحد بالنفوذ مهما بلغت درجة تقدمه"، و"يحتاج إلى إدارة أوسع وأشمل للطارئ الداهم من الأزمات".
وأكد أن أزمات العالم الخطرة "تفاقمت عندما قررت الدول المؤثرة على النظام الدولي أن تخرج بأهم قضايا الحرب والسلام والتقدم من إطار الأمم المتحدة إلى أطر أخرى خارجه".
وقال إن الذين طالبوا باحتكار القرار الدولي عليهم أن يدركوا أن العالم واحد يتساوى فيه الاهتمام حتى وإن تفاوت حجم القوة.
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018