اعداد : هبه عباس

شهد المسجد الاقصى منذ احتلال الصهاينة لأرض فلسطين عام 1948 سلسلة طويلة من الاعتداءات ومحاولات الاقتحام من قبل جنود الاحتلال او الجماعات الصهيونية المتطرفة وذلك في محاولة مكشوفة لتهويد المسجد الاقصى تحت عناوين عدة ابرزها التنقيب عن الهيكل المزعوم .

وفيما لم تمحى بعد صورة اقتحام رئيس وزراء الاحتلال السابق ارييل شارون وجنوده باحة المسجد عام 2000 ، التي لا تزال تردداتها تتفاعل شيئا فشيئا داخل الكيان الصهيوني ، قامت امس جماعات صهيونية متطرفة بالدعوة الى اقتحام الاقصى في مناسبة " عيد الغفران اليهودي " ما ادى الى اندلاع مواجهات بين المصلين الذين احتشدوا في باحة المسجد للدفاع عنه والى وقوع اصابات في صفوفهم.

هذه المحاولة الجديدة لتدنيس المسجد الاقصى من قبل الصهاينة ، والتي قد تؤدي الى اندلاع انتفاضة جديدة استدعت مواقف فلسطينية وعربية شاجبة ومنددة بالاعتداء الصهيوني السافر على المسجد الاقصى ومطالبة بإحترامه كرمز ديني مهم للأمة العربية ككل .

وفي التفاصيل فقد اسفرت المواجهات بين المصلين الفلسطينيين والشرطة الصهيونية في المسجد الاقصى ومحيط الحرم القدسي عن سقوط 40 جريحا ، جراء استخدام الشرطة الرصاص وقنابل الغاز واعتدئها بالهراوات على مئات المصلين .

وكان جيش الاحتلال قد فرض منذ ليل الاول من امس وحتى مساء امس طوقا امنيا شاملا على الضفة الغربية، كما رفعت درجة التأهب في كل انحاء فلسطين المحتلة تحسبا لإمتداد المواجهات الى مناطق اخرى.

وفي معرض الرد على الانتهاكات الصهيونية السافرة على الاقصى قامت كتائب شهداء الاقصى ، الجناح العسكري لـ " حركة فتح " بقصف موقع " ايريز " الصهيوني شمال قطاع غزة بقذيفتي هاون عيار 80 ملم، مؤكدة اصابة الموقع بشكل مباشر، وفي السياق نفسه اعلنت كتائب المقاومة الوطنية عن قصف موقع عسكري صهيوني شمال قطاع غزة بالقنابل اليدوية والاسلحة الرشاشة.

وفي اولى ردود الافعال فقد اصدر "حزب الله" بيانا أمس الأحد أدان فيه بشدة محاولات الاعتداء على المسجد الأقصى، واشار الى إن الأمة العربية والإسلامية لا سيما تلك الأنظمة المهرولة لتضع بلدانها ومقدرات شعوبها تحت تصرف المشروع الأميركي الصهيوني تتحمل كل المسؤولية عما يجري داخل فلسطين المحتلة.

واعتبر حزب الله في بيانه أن ما جرى لا يمكن السكوت عنه أبدا"، ودعا الجميع إلى الارتقاء إلى مستوى المسؤولية التي تحتمها الاعتداءات والتجرؤ الصهيوني على حرمة المسجد الأقصى، مؤكدا أن المقاومة وحدها هي السبيل لانتزاع كل الحقوق ولتحرير كل الأرض .

في السياق نفسه وفي ردود الفعل الفلسطينية الجماهيرية الغاضبة على الاحداث في الاقصى نظمت حركة "حماس " امس مسيرات شعبية في مدينة غزة وخان يونس وردد المتظاهرون شعارات تطالب باستئناف المقاومة والعمليات ضد العدو الصهيوني، في هذا الوقت كان الآلاف من أبناء قطاع غزة شاركوا في مسيرة للتنديد باقتحام ساحات المسجد الأقصى ودعوا إلى التوحد من أجل حماية المسجد ومواجهة خطط التهويد في المدينة المقدسة، وفي السياق ذاته من المقرر ان تنظم حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين اليوم الاثنين مسيرة حاشدة بعد صلاة المغرب.

وفي توالي المواقف وردود الفعل، دعا القيادي في حركة الجهاد الاسلامي الشيخ عبد الله الشامي كافة اذرع المقاومة الفلسطينية أن تقوم بالرد السريع و المناسب على إجرام الاحتلال الصهيوني. وأوضح الشامي أن هذا الواقع يلقي العبء على كاهل الشعب الفلسطيني، مطالباً الجماهير الفلسطينية بهبة جماهيرية لنصرة المسجد الأقصى والدفاع عنه.

من جهته ، اكد رئيس مجلس أوقاف القدس الشيخ عبد العظيم سلهب أن اقتحام الشرطة الإسرائيلية للمسجد الأقصى يؤشر على وضع خطير جدا، وحذر من أن أي مساس بالأقصى سيجعل المنطقة كلها على فوهة بركان.

من جهتها ، نددت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين كذلك باقتحام ساحات المسجد الأقصى، ودعت السلطة الفلسطينية إلى "الكف الفوري" عن أي لقاءات أو مفاوضات مع الحكومة الصهيونية.

بدوره ، قال رئيس الحكومة الفلسطينية إسماعيل هنية إن "إسرائيل" تستخدم اللقاءات السياسية التي جرت مع السلطة الفلسطينية في نيويورك غطاء لاعتداءاتها على الشعب الفلسطيني ومقدساته. ووصف هنية في تصريحات للصحفيين في غزة ما حدث بأنه تصعيد إسرائيلي خطير.

الى ذلك ، اعتبر الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة أن التصعيد الإسرائيلي يهدف إلى نسف الجهود المبذولة لإحياء "عملية السلام" خاصة بعد اللقاء الثلاثي في نيويورك. كما أدان ابو ردينة اقتحام المسجد الأقصى المبارك وحمّل الكيان الغاصب مسؤولية هذه الجريمة، مطالبا المجتمع الدولي بالتحرك الفوري لوقف هذه السياسة الصهيونية.

وفي السياق، نددت الامانة العامة لجامعة الدول العربية بالعدوان الوحشي الذي تعرض له المسجد الاقصى على مدار الساعات الماضية ، ودعت الجامعة العربية في بيان لها المجتمع والمؤسسات الدولية الى التدخل الفوري لوقف الانتهاكات السافرة التي تشكل ضربة لـ " جهود السلام "، ونبَّهت الجامعة من هذه المحاولات المتكررة التي تقوم بها قوات الاحتلال لتمكين غلاة المتطرِّفين من انتهاك حرمة المسجد الأقصى .

واكدت جامعة الدول العربية الى انها تنظر بغضب شديد وبقلق بالغ إلى العدوان الصارخ والمُبيَّت لقوات الاحتلال على المسجد الأقصى المبارك وعلى المصلين المقدسيين.

وفي سوريا خرج العشرات في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين بمظاهرات منددة بالانتهاك الصهيوني للحرم.

بدورها عبرت الحكومة الأردنية أمس عن إدانتها واستنكارها لمحاولة اقتحام المسجد، واستدعت وزارة الخارجية القائم بالأعمال الصهيوني في عمان وطلبت منه نقل احتجاج وشجب الحكومة الشديد لما وصفته بـ"الاعتداء السافر" على الحرم القدسي.

على صعيد آخر وفي معرض التبرير الصهيوني لاقتحام المسجد الاقصى، اعتبر القائد العام للشرطة الإسرائيلية في القدس المحتلة أهرون فرانكو أن لليهود "حقا" في تأدية طقوسهم في الحرم القدسي الشريف أسوة بالمسلمين الذين أدوا شعائرهم الدينية خلال شهر رمضان في الحرم القدسي الشريف دون مضايقة، ويرى المتابعون في هذا التصريح إشارة واضحة إلى سعي الاحتلال لتقسيم المسجد الأقصى ولو بالقوة، كما هو الحال في المسجد الإبراهيمي.

وكدليل واضح على محاولة الصهاينة تهويد الاقصى وجعل الفلسطينيين يعتادون على هذه الفكرة كشف كتيّب وزعته ما يسمى بجمعية «عطيرات كوهانيم» الاستيطانية أخيراً عن تفاصيل مخطَّط أعدته للاستيلاء على بيوت وعقارات الفلسطينيين في البلدة القديمة في القدس المحتلة.

وحاول الكتيّب الربط بين عملية شراء المنازل ومواجهة الضغوط الدولية، حيث اشار الى انه وفي الوقت الذي تخطط فيه الأمم المتحدة ودول العالم لانتزاع القدس والأماكن المقدسة بالقوة من أيادي الصهاينة، فإن "الوجود اليهودي" الراسخ والقوي داخل البلدة القديمة يصبح حيوياً وضرورياً بالنسبة إلى قدرة الصهاينة في الحفاظ على مركزهم الروحي" بحسب زعمها .

ويتمثل المشروع الأكثر طموحاً الذي يذكره الكتيّب، بتوسيع المستوطنة الصغيرة المسماة "كدمات تسيون "في قرية أبو ديس، حيث تعتزم الجمعية بناء 300 وحدة استيطانية في المرحلة الأولى.