ارشيف من :أخبار عالمية
هل تلجأ مجموعة الدول الست الى الخيار العسكري أم تستمر في الحرب النفسية على ايران؟
جنيف تستضيف في الأول من تشرين الاول اجتماعا لايران مع مجموعة الدول الست
اعداد : لطيفة الحسيني
تعقد الجمهورية الاسلامية الايرانية ومجموعة الدول الست (الولايات المتحدة ـ بريطانيا ـ فرنسا ـ الصين ـ روسيا ـ ألمانيا ) اجتماعا في الاول من تشرين الاول القادم في مدينة جنيف السويسرية لبحث الملف النووي الايراني ومناقشة المقترحات الايرانية الاخيرة، وهو الاجتماع الذي يحظى بأهمية قصوى لما قد تعكسه نتائجه، وما قد يرشح عنه من مفاجآت، تداعيات إن من حيث حسم الخيار العسكري في ضرب ايران ، أو من حيث متابعة المفاوضات معها واستكمال االوسائل الديبلوماسية معها للوصلول الى حلّ يرضي الدول الست ومن في "معسكرها".
وفي حين تصرّ الدول الست على التأكيد أن "البرنامج النووي الإيراني لا يزال يثير قلقا جديا لدى المجتمع الدولي"، وهو ما قد يعرقل تسهيل مسار النقاش مع طهران، تسعى الولايات المتحدة الى التشدد والتشبتث أكثر فأكثر بمواقفها المواجهة لأي طرح ايراني، وهو ما عبرت عنه وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون إثر اجتماع الدول الست، فقالت إن "هذه المجموعة تظل موحدة في تصميمها على الضغط على إيران لتحترم التزاماتها الدولية في ما يتصل ببرنامجها النووي"، مؤكدة على أن "هذه الدول مصممة على دعم الإستراتيجية المزدوجة القائمة على الحوار والضغط" ، وأشارت الى أن "لقاء "جنيف" سيعطي مؤشرا واضحا حول نوايا النظام الإيراني".
على أن ما كشفته السلطات الايرانية قبل يومين عن وجود منشأة نووية جديدة بالقرب من مدينة قم المقدسة، وما أعلنته عن نجاحها في اختبار نظام اطلاق متعدد الصواريخ خلال مناورة الرسول الاعظم 4 ، إضافة الى صاروخ شهاب 3 الطويل المدى المحلي الصنع الذي اختبرته ايران اليوم، سيزيد من أهمية المناقشات وجديتها إضافة الى ما ستؤول اليه الأمور عقب هذا الاجتماع، غير أن ما يبدو واضحا حتى اللحظة أن لا نوايا أمريكية حسنة وفاعلة في هذا الاطار.
وفي سياق متصل، وصف رئيس مجلس الشورى الاسلامي علي لاريجاني الصخب الاعلامي "الذي اثاره الغرب حول المصنع الجديد لتخصيب اليورانيوم بانه هروب الى الامام في المفاوضات المقبلة".
وشدّد لاريجاني في تصريح صحفي له اليوم على أن " ايران لا تخشى مطلقا من اجراء المفاوضات"، مضيفا ان "الغربيين متى ما استبدلوا بنمط المفاوضات ، فان طهران لم يكن لديها مشكلة في هذا المجال، فيوما ما تفاوضنا مع الترويكا الاوروبية ، ويوما طرحنا الموضوع مع مجموعة 5+1".
كما رأى رئيس مجلس الشورى الايراني ان "قضية الدول الست ليست الملف النووي الايراني وخطره لانه حتى تقرير وكالات المخابرات الامريكية وكذلك الوكالة الدولية للطاقة الذرية تنفي ذلك"،وتابع بالقول "انهم يعلمون ان توجهنا في البرنامج النووي لا يرمي انتاج السلاح النووي، كما ان قائد الثورة الامام السيد علي الخامنئي اعلن مرارا ان ايران تعتبر السلاح النووي غير شرعي"، معتبرا ان "مشكلة الغرب في حصول ايران على التقنية النووية ، وهو الامر الذي سيرجح كفتها في المنطقة والمعادلات الاقليمية".
من جهة أخرى، وعلى صعيد احتمال توجيه ضربة عسكرية لايران بعد اجتماع الاول من تشرين الاول ، ذكرت صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية أمس أن "الخبراء العسكريين الأميركيين والإسرائيليين في واشنطن يقرون بأن القيام بضربة جوية مفاجئة لن ينجح إلا في إرجاء الجهود الإيرانية لتطوير السلاح النووي".
كما يرى هؤلاء الخبراء أن "إسرائيل" ستواجه تحديات سياسية ولوجستية دون أن تضمن استئصال التهديد النووي الإيراني حتى مع الضرب المستمر للمنشآت المعروفة.
وترى الصحيفة أن المخططين العسكريين الأميركيين والإسرائيليين يدرسون منذ عقود الخيار العسكري ضد إيران، مشيرة إلى أنه لا يوجد نقص في عدد الأهداف المحتملة لا سيما أن طهران تملك عشرات المواقع النووية المعروفة لدى المسؤولين الغربيين.
وفي حال مضت "اسرائيل" في خيار الاعتداء العسكري على طهران ، تشير "صنداي تايمز" إلى أنه من المحتمل أن يستهدف كيان العدو مفاعل بوشهر وآراك ونطنز، وجميع هذه المواقع تبعد عن فلسطين المحتلة أكثر من 1500 كلم، أي خارج الهوامش العاملة للقاذفات الإسرائيلية.
وعلى الرغم من أن الصحيفة المذكورة استبعدت أي عملية عسكرية أميركية في المستقبل المنظو ، رأت أن هناك البعض في "تل أبيب" ممن يعتقدون بأن أي غارة إسرائيلية قد ترغم أوباما والبنتاغون على الانضمام للهجوم.
في غضون ذلك، كان وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند قد أعلن الاربعاء الماضي ان الدول الست الكبرى المعنية بالملف النووي الايراني تنتظر "ردا جديا" من ايران على اسئلتها حول برنامجها خلال الاجتماع المقرر عقده في الاول من تشرين الاول/اكتوبر في جنيف.
وفي بيان تلاه باسم الدول الست يحيط به نظراؤه والممثل الاعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي خافيير سولانا، دعا ميليباند طهران الى الرد ايجابا على طلبات المجتمع الدولي.
وتابع الوزير البريطاني "لقد اخذنا علما بالاجراءات الاخيرة التي اتخذتها ايران في شان تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ونشجع ايران على التعاون في شكل اكبر لمعالجة القضايا المعلقة التي تتطلب توضيحا بهدف خلو البرنامج النووي الايراني من احتمال (اتخاذه) بعدا عسكريا".
من جانبه، قال رئيس لجنة الامن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الاسلامي علاء الدين بروجردي تعليقا على المحطة الثانية للتخصيب في ايران، ان هذا الموضوع يأتي في إطار التزام ايران بالـ "ان بي تي".
وأكد بروجردي في تصريح له اليوم ان "كل بلد عضو في الوكالة الدولية للطاقة الذرية له الحق بأن يقوم بتخصيب اليورانيوم، الا ان عليه ان يطلع الوكالة الدولية بالموضوع قبل 6 اشهر من حقن الغاز في اجهزة الطرد المركزي" ، مضيفا ان "ايران اطلعت الوكالة على هذه المحطة للتخصيب، قبل 18 شهرا من حقن الغاز، اي بثلاثة اضعاف الفترة المقررة، لذلك فإن طهران هي صاحبة الحق في هذا المجال".
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اعتبر قبل نحو أسبوعين ان رزمة المقترحات الايرانية "جديرة بان تدرس".، فيما دعا حينذاك وزير الخارجية السويدي كارل بيلت الذي تتولى بلاده حاليا الرئاسة الدورية للاتحاد الاوروبي، الى التركيز على المفاوضات المرتقبة مع ايران حول ملفها النووي وليس على موضوع امكانية فرض عقوبات عليها.
وقال الوزير السويدي ردا على سؤال صحافي حول احتمال فرض الاتحاد الاوروبي عقوبات على ايران "علينا ان نركز على هذا اللقاء الخاص" المرتقب مع طهران حول برنامجها النووي. واضاف "ما سيحصل لاحقا يتوقف على ما سيجري في المفاوضات" التي ستجري خلال هذا اللقاء المقرر في الاول من تشرين الاول/اكتوبر بين ايران والدول الست الكبرى المعنية بملفها النووي.
احتمال أن تلجأ الولايات المتحدة و"اسرائيل" الى ضربة جوية لايران لا يبدو أنه قريب رغم الحديث المتصاعد عن بحث جدي لهذه الخطوة في الاروقة الدولية، فالكلام الكثير في هذا الموضوع يبدو أنه لا يندرج الا في إطار مناورة نفسية متشعّبة الاطراف للنيل من عزيمة وقدرات ايران العسكرية، التي تتقدم يوما بعد يوم، وبالتالي لممارسة ضغط دولي مضاعف على الجمهورية الاسلامية وشعبها وخاصة من في معسكرها.
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018