ارشيف من :أخبار عالمية
خاص "الانتقاد.نت": مفاوضات جنيف النووية.. قدر1 وسجيل 2 وفوز بالنقاط !
يخطئ الغربيون ومن ورائهم الاسرائيليون وعرب الاعتدال اذا ما ظنوا للحظة بان المفاوض الايراني في طريقه لتقديم أي تنازل يذكر في مفاوضات جنيف النووية مع دول الـ (5 + 1) في ظل العنتريات الاسرائيلية او الحروب النفسية التي تشنها الدول الغربية ومن ورائها آلتها الإعلامية الإمبراطورية حول برنامج إيران النووي السلمي أو قدراتها الصاروخية.
فالكشف عن المنشأة النووية الجديدة من جانب الايرانيين في بطون الجبال القريبة من مدينة قم المقدسة والمحصنة تجاه أي عدوان جوي أو صاروخي، واطلاق شهاب 3 المعدل ليصبح قدر 1 برؤوس حربية جديدة ومعه سجيل 2 في اطار مناورات الجيل الرابع من الصواريخ البعيدة المدى، لم تكن سوى رسالة للغرب وتوابعه مجتمعين، بان معادلة التفاوض الجديدة لن تكون الا على أساس من توازن ردعي متكافئ لا مكان فيها لمقولتي العصا والجزرة والامتثال او الحرب كما اعتاد الغرب حتى الآن!
صحيح ان الرئيس محمود احمدي نجاد مستعد لملاقاة باراك اوباما في منتصف الطريق ولكن بشرط ان يقدم اوباما على خطوة تغييرية ملموسة تبعده عن ادبيات سلفه بوش الامبراطورية المتعجرفة والمتعالية على الآخرين، ولعل اكثرها توقعا الاقلاع عن وهم تخلي ايران عن طموحها النووي او قدراتها الدفاعية الصاروخية!
وصحيح ان احمدي نجاد مستعد اليوم لشراء اليورانيوم المخصب من الامريكيين لاجل تشغيل منشآت ايران النووية المنتجة للطاقة الكهربائية، وانه مستعد كذلك لاشراك خبراء نوويين امريكيين في مسار التأكد من سلمية برنامج ايران النووي، لكن ايران لن تتراجع مطلقا عن ثوابت ثلاث هي من اساسيات سياساتها الاستراتيجية ولو ادى ذلك الى ان يهدد الغرب باشعال حرب عالمية ثالثة ضد ايران الا وهي:
اولا : ان ايران التي وطنت التكنولوجيا النووية لتصبح مع الزمن محلية مائة بالمائة لن تعود الى الوراء قيد انملة وماضية في برنامجها الى حين الاستغاء الكامل عن الاجنبي حتى في شراء الوقود النووي اللازم في تشغيل المنشآت فضلا عن انشائها وتطوير تقنيات التخصيب!
ثانيا : ان ايران لن تسمح لاي كان ومهما علا وتجبر في الارض، ان ينفذ الى منظومتها الدفاعية باية حيلة كانت، بذريعة القلق من برنامجها النووي او باي ذريعة اخرى، ذلك لانها ملتزمة التزاما كاملا بالمعاهدات والتعهدات الدولية المعتبرة، ولا تشعر مطلقا بانها ملزمة للرد على كل ما يطرحه الغربيون والاسرائيليون من لغط متعمد واحتيال مفبرك في دوائر استخباراتهم حول برنامجها النووي، الهدف منه بات واضحا الا وهو اختراق المنظومة الدفاعية الايرانية او النفاذ الى مطبخ صناعة القرار الايراني وتاليا الحد من استقلالية قرار طهران كحد ادنى!
ثالثا : ان ايران ليست مستعدة لمبادلة اي من حلفائها او اصدقائها بأي من اغراءات الغرب او رزمه التحفيزية، وبمعنى ادق فانها لن تتخلى عن واجباتها الانسانية الناتجة عن عقيدتها وشرعها الذي يلزمها بالدفاع عن المقاومات العربية والاسلامية وبالاخص في فلسطين ولبنان، وعن حركات التحررالعالمية ضد الاستعمار والامبريالية حتى لوطال الحصار عليها الف عام!
من جهة اخرى فاذا كان صحيحا بان السماء في اكثر من بلد عربي واسلامي ملبدة بغيوم سوداء ثقيلة، وصحيحا ايضا بان لا اخبار مفرحة لدينا لنزفها للناس في هذه الايام، وصحيحا ايضا بان لا انفراجات في الافق لاي من المشكلات او الازمات المزمنة التي اعتدنا على متابعة تطوراتها عبر نشرات الاخبار اليومية، لكن الصحيح ايضا بان معادلة الاقوياء المنتصرين في الحرب العالمية الثانية والذين شنوا اكثر من حرب ضدنا وغزوا اكثر من بلد عربي او اسلامي في السنوات الاخيرة، هم الآخرون في وضع لا يحسدون عليه ان لم يكونوا في وضع اقرب للكارثي!
فالاطلسي في افغانستان وفي مقدمه الامريكي يغرقون في وحل الهزائم، وبلاد نورستان تكاد تبتلعهم كما فعلت من قبل مع الامبراطورية العجوز وامبراطورية الزحف الاحمر!
والامبراطوريون الجدد يخسرون مواقعهم التقليدية في العراق وان ببطء، ويجعلون من بطانتهم مع كل يوم يمر في وضع اكثر صعوبة من ذي قبل!
والصهاينة الغاصبون لا يقدرون على شيء، فلا هم قادرون على شن حرب جديدة بيسر واقتدار، ولا هم قادرون على فرض استسلام مهين على فصائل الجهاد والمقاومة والكفاح ورجال الحرية والتحرر الوطني!
ثم ان جموع الروم من امريكيين واوروبيين وصهاينة هم اليوم اقرب ما يكونون فيه الى وضعية "البرزخ" في معادلة الهجوم والدفاع، وحال قادتهم وكبار ضباطهم وجنودهم اشبه ما تكون من وصف الآية القرآنية الشريفة لاولئك المتأرجحة ارواحهم بين الموت والحياة: "لا يموت فيها ولا يحيا"!
اما من جهتنا نحن فقد لا نكون قادرين بالفعل على حسم اي من معارك التحرير او التحرر من الاستعمار الجديد او الاستبداد المزمن في بلادنا، لكن قدراتنا على صد الهجمات ووقف الزحف واحباط المخططات الجهنمية تزداد بلاشك ولا ريب!
من هنا نرى انتشار المعارك بيننا وبينهم على اكثر من صعيد!
فالحرب في افغانستان مستعرة وتزداد وخامة على رجال الروم الذين بدأت ضربات المجاهدين تحاصرهم في القصور وتلاحقهم في قواعدهم ومطاراتهم العسكرية فضلا عن تصيد عرباتهم الحربية!
والتغيرات الكامنة في بلاد الرافدين تنبئ عن ملامح عراق جديد اظنه لن يكون لمصلحة عملاء الغزو وبطانة الاحتلال، ويبشر بآفاق جديدة خارطة طريقها في علم الغيب والراسخين في مدرسة المقاومة!
واما في فلسطين الجريحة والنازفة فانهم وبرغم كل صيحات شذاذ الآفاق وتهديدهم ووعيدهم وما يسمى بتشددهم وتطرفهم في آن، حالهم الحقيقي اشبه ما يكون بحال مغني الليل الدامس الخائب والخائف والمرعوب من اخبار الغد وعالم ما بعد الغد، وهو في كل الاحوال قد بدأ العد العكسي في صيرورة النزول بعد ان اخذ يصارع من وراء جدر!
واما لاولئك الذين لا يزالون يمنّون انفسهم بحصول شيء ما، اي شيء كان في دمشق او طهران مما وعدهم به الامريكان او غير الامريكان فاننا نطمئنهم، بانه فات الميعاد، وغلبت الروم هناك، وليس في الافق ما يؤمل بانهم من بعد غلبهم سيغلبون!
لقد تجاوزت دمشق الصعاب والافخاخ والمطبات، وانتصرت طهران على المتطاولين عليها من بعض ادوات الروم الصغار، وعلى كل من سولت له نفسه ان يسوّق لنظريات بالية كان مصيرها العزلة او الابتلاع من قبل طوفان جمهور يوم القدس الاسلامي والعالمي، وها هي تستعد لمعركة ذرة جديدة!
ثم انهما يستعدان لبناء وحدة عمل اقليمية يمتد مداها الى مشارف الاطلسي عبر ممر انقرة، بانتظار ان ينتهي كل من لبنان والعراق من استحقاقهما الانتخابي ليصبح “شبح” المحور السوري الايراني الذي لطالما ارق الكثيرين وحبس انفاسهم، جبهة ممتدة من البحر الاسود والبسفور والدردنيل الى شواطئ المتوسط المطبقة على سواحل حيفا وعسقلان!
تستطيعون ان تصوروا كل ما تقدم على انه ليس سوى "اضغاث احلام" ولا يضيرنا ذلك في شيء ان لم يكن يفيدنا، لكن العاقل هو من يعد العدة للاسوأ حتى لو كان في ظهر الغيب!
لقد انتهت سبع سنواتكم السمان او تكاد، وها هي السبع العجاف بانتظاركم ولم تعدوا العدة لها، لا سيما انكم فوجئتم بانهيار كازينو القمار العالمي الذي ظننتم انه دائم لكم!
من جانبنا فاننا في كلا الاحتمالين سنكون من المسرورين، لاننا وحتى الآن فنحن الفائزون عليكم بالمرتبة وبالنقاط كما تقول الآية الشريفة : "ان كنتم تألمون فانهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون"، ولاننا نائلون من الله احدى الحسنيين، نصر او استشهاد اليس كذلك؟!
اما انتم فهل بامكانكم ان تبزونا في ذلك وانتم احرص الناس على حياة حتى ولو في اوحال الطين الممتدة من بغداد الى كابول او في بيوت هي اوهن من بيت العنكبوت كما هي حال ربيبتكم اسرائيل؟
محمد صادق الحسيني
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018