ارشيف من :آراء وتحليلات

مجرد كلمة: رصاص "بصرما" وخطاب ملعب جونيه

مجرد كلمة: رصاص "بصرما" وخطاب ملعب جونيه
كتب أمير قانصوه
هل كانت عين جعجع على طاولة بعبدا؟ وهل كان في نيته اغتيال الحوار الذي انطلق الثلاثاء الماضي؟
في اليوم نفسه لانطلاق الحوار في بعبدا والذي كان من المنتظر أن يطلق العنان لمرحلة جديدة من التهدئة في لبنان, وأن يعيد الاعتبار للمواطن ليعمل ويدرس ويعوض ولو القليل من الخسائر التي مني بها جراء السنوات العجاف التي مرت على البلد، فجأة أطل التوتر من حيث اعتاد، ومن حيث كنا نسمع نذر الموت الآتية، من الذي بشّر بالاغتيال مرات ومرات..
القوات اللبنانية.. وعناصرها يفتعلون مشكلة في بلدة بصرما الشمالية أمام مركز لتيار المردة، ويستمرون بتحريك المشكلة لنحو ثلاث ساعات بنار باردة، حتى حضر القيادي في المردة يوسف فرنجية، فانطلق الرصاص القواتي ما أدى الى استشهاده.
لم يستطع كل الرصاص الذي انطلق من أسلحة القواتيين أن يسقط عزيمة وإرادة زعيم تيار المردة سليمان فرنجية، الذي عض على الجرح مرة جديدة بإرادة الزغرتاوي، وأظهر أنه زعيم وطني، يضع في رأس حساباته حماية الوطن وأهله وسلمه..
وهكذا لم يستجب سليمان فرنجية لنار القوات، أخذ الأمر بصدره ووضعه مع كل ملابساته في عهدة القضاء اللبناني..
الاحد، وبعد خمسة أيام من انطلاق الحوار، وأيام على جريمة اغتيال يوسف فرنجية في بصرما.. مرة جديدة يطلق سمير جعجع العنان لرصاصه.. فينطلق من الاعتذار الى الهجوم على كل من كان يشاركه الطاولة والحوار.. وكأنه يقول لهم: لا عودة الى الطاولة..
وهكذا استطاع سمير جعجع ببضع كلمات امتصاص كل الأجواء التي خلفتها طاولة بعبدا وكل الأجواء التفاؤلية التي أشاعتها المصالحات من الجبل الى الشمال أو في بيروت التي تتحضر لشيء مشابه.
يعني ببساطة، ان الاستنتاج الذي يصل إليه أي محلل، أن رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع وبعدما شعر للحظة أنه لن يعيش في أجواء المصالحة ذهب للتخريب، ولو على حساب كل الوطن وكل المواطنين.
بعد رصاص الكورة وخطاب الملعب البلدي، فان التحدي الجديد أمام رئيس الجمهورية وكل القوى المخلصة أن تضع حداً للفكر التخريبي الذي لا يعيش في أجواء التصالح والسلم.. فكيف يلتقي التصالح مع رفد هذا الفكر بالمال والاعلام والجماهير لتملأ الساحات، وتشحذ الهمم لخطاب الاستفزاز.
لا شك ان مثل هذا الفكر الموجود في بلدنا وعلى أكثر من جبهة، لا يريد الاطاحة بطاولة الحوار فحسب، بل بالوطن ووحدة أراضيه وعيشه المشترك، في اطار الفكر التقسيمي الانعزالي الذي عشش في رأس البعض منذ سنين طويلة.
لا فرق بين رصاص بصرما الذي اغتيل به يوسف فرنجية، وبين خطاب الملعب البلدي في جونيه ما دام الهدف واحد.. الاطاحة بهذا البلد.
الانتقاد/ العدد1301 ـ 23 أيلول/ سبتمبر 2008
2008-09-23