كتب على عوباني
يبدو ان الفترة الزمنية الفاصلة عن عطلة عيد الفطر السعيد ستشهد زخما سياسيا مكثفا في وقت كثر فيه الحديث في الآونة الأخيرة عن أجواء المصالحة والتوافق على أكثر من خط وفي اكثر من اتجاه , وبرزت في هذا السياق ايجابيات عدة تمثلت بتقاطعات محددة بين جهات من المعارضة وأخرى من الموالاة أرخت بظلالها على الواقع السياسي المتشنج رغم خروج البعض للتنغيص عليها في خطاباته الانتخابية . وفي هذا الاطار فقد أثمرت السياسة التي انتهجها حزب الله باستمرار سياسة الايدي الممدودة تجاه مختلف الأطراف الى ملاقاة بعض الايدي في الطرف المقابل , وتحقيق اختراقات عدة في جدار الاصطفاف السياسي الحاصل دون ان يعني ذلك انعكاس المصالحات الجارية على التحالفات القائمة او على الانتخابات النيابية القادمة , وان كانت هذه اللقاءات والمصالحات تهدف بالدرجة الاولى الى إراحة الاجواء الداخلية وتنفيس الاحتقان السياسي والمذهبي لإبعاد شبح الفتنة المتنقلة عن لبنان والتي يدفع اليها اكثر من طرف اقليمي ودولي . من هنا كثرت مؤخرا المؤشرات التي توحي بقرب وضع  اللمسات الأخيرة على لقاء الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله مع زعيم تيار المستقبل النائب سعد الحريري والذي سيسبقه فيما يبدو زيارة لوفد من حزب الله الى قريطم في سياق الإعداد والتحضير لهذا اللقاء . وهو ما اشارت اليه صحيفة السفير صباح اليوم كاشفة ان " حزب الله تبلغ رسمياً، عبر القنوات المعنية، في ساعة متأخرة من ليل أمس، أن رئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري، حدّد يوم غد، موعداً لاستقبال وفد حزب الله  الذي يمثل أمينه العام السيد حسن نصرالله ، برئاسة رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد. واوضحت السفير انه " وفق المعلومات التي تسربت من قريطم، فإن وفد الحزب سينقل الى النائب الحريري دعوة من السيد نصرالله لعقد لقاء مشترك بينهما، يكون بمثابة تتويج للجهود الرامية الى تحقيق مصالحة سياسية بين الجانبين، وأن الحريري سيلبي الدعوة قبل عيد الفطر المبارك" . فيما كشفت معلومات خاصة لقناة المنار ان وفد حزب الله سيضم كلا من رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد والنواب امين شري وحسين الحاج حسن وحسن فضل الله .
على ان هذه الأجواء وان بدت انها آخذة بالتعميم على اكثر من صعيد الا انها اصطدمت مؤخرا بتعنت البعض من قوى الموالاة في سياق حملاته الانتخابية واستمرار شحذ كافة اسلحة الشحن والتحريض السياسي والمذهبي وهو ما لقي امس ردود فعل حازمة وجازمة على رفض هذا المنطق الذي يضع السدود والعراقيل امام لقاء اللبنانيين ومصالحتهم بعضهم ببعض . 
الى ذلك فقد أجمعت جميع ردود الفعل التي صدرت بالأمس على خطاب رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع الأخير بانه جاء مناقضا لمساعي التوافق والمصالحات الجارية بين أطراف فاعلة على الساحة المحلية بشكل عام , وعلى الساحة المسيحية بشكل خاص معتبرة انه هدف إلى إطلاق رصاصة الرحمة على المصالحة المسيحية المسيحية ووأد هذه المصالحة التي تسعى الرابطة المارونية جاهدة لتحقيقها بالتنسيق مع اللجنة البطريركية الرباعية . وفي السياق ذاته أجمعت ردود الفعل التي توالت بالامس ايضا على اعتبار اعتذار جعجع شكلي وعام واصفة إياه بالاعتذار الانتخابي وغير المقبول حيث بدا وكأن جعجع يريد من خلاله إلغاء القيادات المسيحية الأخرى التي أثبتت حضورها القوي في الساحة المسيحية عبر لعب ورقة الإعتذار لكسب العطف المسيحي وضمان اصواته في صناديق الإقتراع .
وفي هذا الاطار اشار زعيم تيار المردة الوزير السابق سليمان فرنجية إلى أن جعجع هو صاحب دور على الساحة المسيحية يقوم بتأديته عند أسياده , معتبرا أن تقديم الاعتذار من قبل جعجع هو بمثابة مناورة وغير مقتنع به هو أصلا . اما الرئيس عمر كرامي فأكد أن أهمية الاعتذار الذي قدمه سمير جعجع أنه أثبت ما كنا نقوله دائما بأن سمير جعجع هو قاتل ومجرم...
من جهته رأى رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون أن خطاب رئيس القوات اللبنانية لا يؤثر على المجتمع المسيحي بمعناه العميق لكنه يؤثر على الهامشيين في هذا المجتمع , داعيا جعجع إلى الاعتذار من الثلاثة الكبار رشيد كرامي , طوني فرنجية وداني شمعون لكن اللافت في كلام عون الذي جاء بعد اجتماع تكتل التغيير والإصلاح تحذيره من انه لن يشارك في طاولة الحوار إذا ما تم التلاعب بمدة الاستقالة لرؤساء البلديات محذرا من محاولات مسبقة لتزوير الانتخابات النيابية المقبلة... 
اما النائب ميشال المر فاعتبر بعد اجتماعه بالسفيرة الأميركية في بيروت ميشال سيسون ان المصالحة المسيحية ستكون صعبة بعد كلام جعجع بالأمس .
على صعيد اخر يحضر لبنان اليوم أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة من خلال الكلمة التي يلقيها رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان امام الجمعية وذلك بعد سلسلة لقاءات أجراها بالامس على هامش مشاركته في نيويورك وشملت كلا من وزيرة الخارجية الاميركية كونداليزا رايس ورئيسي قبرص والباراغواي , وزير الخارجية المصري احمد ابو الغيط , والامين العام للجامعة العربية عمرو موسى وأكد فيها العماد سليمان ان لبنان يتجه إلى المصالحة والحوار مشيرا انه يحاول بناء علاقات تفاهم بين أبنائه انطلاقا من الحوار الوطني آملا ان  تعكس نتائجه رغبة اللبنانيين في الوحدة والتضامن وتخطي الصعوبات والتحديات . كما طالب سليمان وزيرة الخارجية الاميركية بوجوب مواصلة دعم بلادها للبنان عبر تزويد الجيش والقوى الأمنية بالأسلحة والمعدات اللازمة لتمكينها من الدفاع عن الوطن ومواجهة المخاطر والتحديات.
على ان يوم الخميس المقبل سيشهد محطة بارزة تتمثل بوضع البند الاخير من مقررات اتفاق الدوحة أي قانون الانتخابات النيابية وفق التقسيمات الادارية لقانون العام 1960 , على سكة التنفيذ والاقرار الفعلي في المجلس النيابي , خصوصا وان لجنة والإدارة والعدل انجزت مسودة اقتراح القانون الجديد للانتخابات، وارسلت نسخة منه الى وزير الداخلية لمراجعته على ان تعمد الى تسليمه لرئيس مجلس النواب نبيه بري غدا بعد وضع اللمسات الاخيرة عليه على ان تعقد اللجنة لهذا الغرض جلسة اخيرة غدا الاربعاء تخصصها للقراءة النهائية لكافة المواد قبل رفع تقريرها الى رئاسة المجلس .
اما يوم الجمعة القادم فسيحيي المسلمون في لبنان والعالم يوم القدس العالمي الذي اعلنه سماحة آية الله العظمى، الإمام الخميني ( قدس الله سره) في آخر يوم جمعة من شهر رمضان المبارك , داعيا "جميع مسلمي العالم إلى اعتبار آخر جمعة من شهر رمضان المبارك، التي هي من أيام القدر ويمكن أن تكون حاسمة أيضا، في تعيين مصير الشعب الفلسطيني، يوما للقدس. و أن يعلنوا من خلال مراسيم الاتحاد العالمي للمسلمين، دفاعهم عن الحقوق القانونية للشعب الفلسطيني المسلم". وفي هذه المناسبة يقيم حزب الله احتفالا جماهيريا وفاء ودعما للشعب الفلسطيني ومقاومته في مجمع سيد الشهداء مساء يوم الجمعة المقبل .