ارشيف من :أخبار لبنانية

الرئيس سليمان امام الجمعية العامة للامم المتحدة:

الرئيس سليمان امام الجمعية العامة للامم المتحدة:

اكد رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان على ان لبنان يواجه مجموعة من المخاطر والتحديات الملحة التي تتطلب الزام المجتمع الدولي اسرائيل تنفيذ القرار 1701 بجميع مندرجاته والكف عن تهديداتها الخطيرة بشن حرب جديدة على لبنان، واسترجاع او تحرير ما تبقى من اراض لبنانية محتلة مع التمسك بحق لبنان بمياهه، ووقف خروقاتها الجوية المتمادية لسيادة لبنان، والحصول على كامل خرائط الالغام ومواقع القنابل العنقودية التي زرعتها اسرائيل على الاراضي اللبنانية.

وشدد الرئيس سليمان على وجوب مواجهة الارهاب بكافة اشكاله والمحافظة على السلم الاهلي، ووضع استراتيجية وطنية شاملة لحماية لبنان والدفاع عنه، يتفق عليها في الحوار الوطني الذي ينطلق من الرغبة الصادقة في تعزيز المصالحة والوفاق الوطني، وبسط سلطة الدولة على كامل اراضيها.

واذ جدد رفض توطين الفلسطينيين على ارض لبنان، معددا الاسباب الموجبة لذلك، تطرق الى دور لبنان الفاعل في المنطقة، كما دعا الى اعادة تقويم وتفعيل دور الامم المتحدة، مطالبا بأن يصبح لبنان مركزا دوليا لادارة حوار الحضارات والثقافات.

نص كلمة الرئيس سليمان

مواقف الرئيس سليمان اتت في الكلمة التي القاها باسم لبنان في الدورة الـ63 للجمعية العامة للامم المتحدة، عند الساعة الرابعة والنصف (بتوقيت نيويورك)، امام قادة الدول ورؤساء الوفود المشاركة.
وفي ما يلي النص الكامل للكلمة:

" السيد الرئيس،
أستهل كلمتي بتهنئتكم لانتخابكم رئيسا للدورة الـ 63 للجمعية العامة للأمم المتحدة، ممثلا لنيكاراغوا ولدول أميركا اللاتينية والكاراييـبي التي يقيم معها لبنان أفضل العلاقات السياسية والإنسانية، لاسيما بفضل تواجد ملايين اللبنانيين والمتحدرين من أصل لبناني على أرضها المضيافة.
كما أتوجه بالشكر إلى رئيس الدورة السابقة السفير سرجان كريم على جهوده وحسن إدارته لأعمالها.
وأخص بالشكر سعادة أمين عام الأمم المتحدة السيد بان كي مون، على التقرير القيم الذي أعده عن أنشطة المنظمة هذا العام، وعلى حرصه على وضع قضايا لبنان في صلب اهتمامه في إطار المهمة الشاملة الموكولة إليه.

 التشديد على وجوب مكافحة الارهاب بأشكاله كافة والمحافظة
على السلم الاهلي وضع استراتيجية وطنية لحماية لبنان
لقد ساهمت الأمم المتحدة عبر متابعتها الحثيثة للوضع اللبناني، في وضع الأسس والمبادئ المرشدة والملزمة لكيفية مواجهة الأزمات والتحديات التي وقفت في وجه استقرار لبنان وازدهاره طيلة عقود. ولا يسعني بهذه المناسبة، إلا أن أعرب عن تقديري للدور الذي تضطلع به قوات الأمم المتحدة العاملة في جنوب لبنان في إطار عمليات حفظ السلام، وأن أثني على تضحياتها، وعلى ما ورد في تقرير سعادة الأمين العام من إشادة بالتعاون الوثيق القائم بينها وبين الجيش اللبناني، لتنفيذ المهمة الدقيقة والهامة الموكولة إليها، مؤكدا في الوقت نفسه حرص لبنان على أمن وسلامة هذه القوات في وجه الاعتداءات الإرهابية التي تعرضت لها.
السيد الرئيس،
إن لبنان أرض حضارة قديمة وعريقة، نقل شعبها المسالم المقدام إلى القارة الأوروبية، انطلاقا من شواطئه الهادئة، عناصر أبجدية متقدمة، ونشر في محيط البحر الأبيض المتوسط وما انفتح عليه من آفاق، روح التخاطب والحوار والتبادل الحر.
كما أن لبنان الذي يؤمن بالقيم الإنسانية والحضارية، يمثل أقدم ديمقراطية برلمانية في الشرق الأوسط، إذ يعود دستوره إلى العام 1926، يعتمد حرية الرأي والمعتقد والعدالة، وينبذ الطائفية والتعصب، وقد عرف في إطار سعيه لممارسة هذه الديمقراطية، تداولا مميزا للسلطة، عبر انتخابات بلدية ونيابية ورئاسية دورية، وذلك بالرغم مما تعرض له من أزمات واعتداءات وحروب أعاقت لفترات قدرات سلطته المركزية وحسن عمل مؤسساته، وهو يتحضر اليوم لتنظيم انتخابات نيابية جديدة ربيع عام 2009.
لبنان، عضو مؤسس لمنظمة الأمم المتحدة، وقد شارك بواسطة أحد أبرز ممثليه الدكتور شارل مالك في صياغة الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، وأمسى منذ منتصف القرن الماضي مركزا ثقافيا وطبيا وجامعيا ومصرفيا وسياحيا للشرق الأوسط ومنبرا للرأي الحر.
إلا أن لبنان كدولة فتية وناشئة عام 1943 عانى باكرا من تداعيات النكبة التي حلت في فلسطين عام 1948، فاستقبل على أرضه الضيقة وما يزال، مئات آلاف اللاجئين الفلسطينيين، وتعرض منذ أواخر الستينات لاجتياحين إسرائيليين واسعين، ولسلسلة من الاعتداءات الإسرائيلية المدمرة للأرواح والممتلكات والبنى التحتية، تشهد سجلات هذه المنظمة على وحشيتها، نذكر منها مجزرتي قانا ضد الأطفال والنساء والشيوخ الأبرياء، وصولا حتى عدوان تموز 2006، الذي أدى إلى مقتل وجرح الآلاف، وتشريد عشرات الآلاف، وإلى تدمير الجسور والمرافق المدنية في أنحاء مختلفة من البلاد. كما تسبب قصف إسرائيل في حينه لمحطة الجية لتوليد الكهرباء ولخزانات وقودها، بكارثة بيئية، من جراء انتشار بقعة نفطية على طول الشواطئ اللبنانية، مما دفع الجمعية العامة للأمم المتحدة لمطالبة إسرائيل بتقديم التعويض الفوري والكافي إلى لبنان عما تسببت به من تلوث وأضرار، علما بأن الحكومة اللبنانية ستستمر بالسعي على الصعيد الدولي لإلزام اسرائيل بدفع التعويضات المتوجبة عن كامل الأضرار التي ألحقتها اعتداءاتها المتكررة ضد لبنان.

السيد الرئيس،

توطين اللاجئين الفلسطينيين يتعارض مع حقهم الانساني والقانوني في العودة
الاستمرار بالسعي لالزام اسرائيل بدفع التعويضات المتوجبة عن اعتداءاتها 
 
لم تتوان الأمم المتحدة عن تحمل مسؤولياتها وتلبية مطالب لبنان في مواجهة هذه الاعتداءات، فأصدرت مجموعة من القرارات الداعمة لاستقلاله وسيادته ووحدته وسلامة أراضيه، وأبرزها القرار 425 الذي دعا إلى انسحاب إسرائيل الفوري من كامل الأراضي اللبنانية بدون قيد أو شرط، والقرار 1701 الذي "طالب حكومة إسرائيل بسحب جميع قواتها من جنوب لبنان"، وهو قرار يجدد لبنان اليوم التزامه بكامل مضامينه.
إلا أن تعنت إسرائيل وعدم امتثالها لإرادة مجلس الأمن الدولي، وتشبثها باحتلالها وممارساتها واعتداءاتها، دفعت لبنان، بموازاة العمل الدبلوماسي، إلى اعتماد خيارات مشروعة أخرى، فتمكن عام 2000، بفضل شعبه وجيشه ومقاومته، من إرغام إسرائيل على الانسحاب من معظم الأراضي اللبنانية التي كانت تحتلها، كما تكللت هذا العام بالنجاح، المساعي التي بُذلت بمساعدة الأمم المتحدة، لإنجاز عملية تحرير الأسرى والمعتقلين اللبنانيين من السجون والمعتقلات الإسرائيلية.

السيد الرئيس،
إن لبنان، بالرغم من إنجازه التحرير والتزامه المستمر بقرارات الشرعية الدولية، ما زال يواجه مجموعة من المخاطر والتحديات الملحة التي تتطلب ما يلي :

1- إلزام المجتمع الدولي إسرائيل بتنفيذ القرار 1701 بجميع مندرجاته، والكف عن تهديداتها الخطيرة بشن حرب جديدة ضد لبنان. إن مثل هذه التهديدات هي أعمال عدائية تطال الدولة اللبنانية ومنشآتها وبناها التحتية، كما تطال المجتمع المدني بكافة مكوناته بالإضافة إلى تأثيرها الفادح على الاقتصاد الوطني.

2-استرجاع أو تحرير ما تبقى من أراض لبنانية محتلة في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء الشمالي من قرية الغجر، والتمسك بحقنا في مياهنا في مواجهة الأطماع الإسرائيلية.

3-إلزام إسرائيل بوقف خروقاتها الجوية المتمادية لسيادة لبنان، والتي أكدت إدارة عمليات حفظ السلام في إحاطتها الأخيرة إلى مجلس الأمن، طابعها الاستفزازي وارتفاع وتيرتها.

4-الحصول على كامل خرائط الألغام ومواقع القنابل العنقودية التي زرعتها إسرائيل على الأراضي اللبنانية، والتي تشكل خطرا مباشرا على المدنيين، ولاسيما الأطفال منهم، وتحرم المزارعين والعمال من استصلاح أراضيهم التي يعتاشون منها، وبالتالي دعوة الدول المعنية للالتزام بتعهداتها لتأمين مصادر التمويل اللازمة لاستكمال برنامج نزع هذه القنابل والألغام القاتلة.

5-مواجهة الإرهاب بكافة أشكاله والمحافظة على السلم الأهلي، علما بأن قوى الجيش والأمن الداخلي قد تعرضت لاعتداءات وحشية من قبل جماعات إرهابية خلال السنوات الماضية، مما اضطرها لمواجهتها وتقديم التضحيات الكبار دفاعا عن كرامة اللبنانيين وأمنهم واستقرارهم. كما أن الأجهزة اللبنانية، في إطار سعيها للتصدي للعمليات الإرهابية الإسرائيلية، تمكنت من إلقاء القبض على رئيس شبكة إسرائيلية قامت بعمليات تجسس واغتيال داخل الأراضي اللبنانية.

6-وضع استراتيجية وطنية شاملة لحماية لبنان والدفاع عنه، يتفق عليها في الحوار الذي دعوت إلى أولى جلساته في السادس عشر من أيلول الجاري، تنفيذا لبنود اتفاق الدوحة، والذي ينطلق قبل كل شيء من الرغبة الصادقة في تعزيز المصالحة والوفاق الوطني وبسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها.
وبهذه المناسبة يؤكد لبنان التزامه بالمحكمة ذات الطابع الدولي التي أنشئت بموجب قرار مجلس الأمن رقم 1757 والخاصة بجريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه، ويتعاون مع الأجهزة المختصة في الأمم المتحدة، لتبيان الحق واستكمال مسيرة العدالة بعيدا عن أي تسييس.

السيد الرئيس،

تأكيدالتزام لبنان بالمحكمة ذات الطابع الدولي الخاصة باغتيال الرئيس الحريري  
إن لبنان الذي يتابع عن كثب تطور الأوضاع في الشرق الأوسط، نظرا لالتزامه بقضايا العرب المحقة وعلى رأسها قضية فلسطين، ولما لهذه التطورات من تداعيات مباشرة على أمنه واستقراره، يؤكد التزامه بعملية السلام العادل والشامل في المنطقة وبمبادرة السلام العربية التي أقرها القادة العرب بالإجماع في قمة بيروت عام 2002. ومن هذا المنطلق يؤكد لبنان على ضرورة انسحاب إسرائيل من كافة الأراضي العربية التي ما زالت تحت الاحتلال، وعلى حق الشعب الفلسطيني غير القابل للتصرف في العودة وإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني وعاصمتها القدس.
كما يدعو المجتمع الدولي في هذا السياق، لتحمل كامل مسؤولياته، لتأمين الموارد المالية اللازمة لوكالة الأونروا المعنية بإغاثة اللاجئين الفلسطينيين على الصعيدين الإنساني والمعيشي، إلى جانب ما تقوم به الدولة اللبنانية في هذا المجال، وذلك بانتظار إيجاد الحل النهائي العادل لقضيتهم، وفقا لقرارات الشرعية الدولية.
إلا أنه لا يسع لبنان من على هذا المنبر إلا أن يلفت نظر المجتمع الدولي من جديد، إلى رفضه المطلق لأي شكل من أشكال توطين اللاجئين الفلسطينيين على أراضيه، وذلك للأسباب الرئيسية التالية :
1-لأن توطين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان يتعارض مع حقهم الإنساني والقانوني في العودة إلى أرضهم وديارهم، وهو حق يؤكد عليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.

2-لأنه يصعب على بلد صغير المساحة كلبنان، محدود الموارد، ولا يتعدى عدد سكانه أربعة ملايين نسمة، تأمين العيش الكريم لأكثر من 400 ألف لاجئ فلسطيني على أراضيه، في الوقت الذي تضطر فيه شرائح كبيرة من الشعب اللبناني إلى الهجرة بحثا عن موارد الرزق وسبل العيش.

3-لأن رفض التوطين الذي تنص عليه صراحة مقدمة الدستور اللبناني، وينص عليه اتفاق الطائف الذي اعترفت به وكرسته قرارات الأمم المتحدة، هو عنصر أساسي من عناصر التوافق اللبناني.

السيد الرئيس،
بالرغم من وجود قضايا لبنان والشرق الأوسط في صلب اهتمام منظمة الأمم المتحدة، فإن جدول أعمال جمعيتنا العامة حافل بالبنود والمواضيع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية التي ما زالت تبحث عن حلول متكاملة أو عن مصادر تمويل كافية للتنفيذ.
وفي هذا السياق، فإن لبنان يتفاعل بشكل خاص مع حاجات وتطلعات القارة الإفريقية، التي يتشارك الانتماء مع العديد من دولها إلى مجموعة الدول الناطقة باللغة الفرنسية، ويعيش على أرضها الطيبة منذ ما يفوق القرن، مئات آلاف المنتشرين اللبنانيين، يفيدون هناك من إطار عيش وعمل كريمين، ويساهمون في الوقت نفسه في نموها وعمرانها في ظروف ما زالت شديدة الصعوبة، وفي هذا السياق نعرب عن تأييدنا للبيان الختامي الذي صدر البارحة عن الاجتماع الرفيع المستوى حول حاجات أفريقيا التنموية.
ولا بد في هذا المجال من قيام جهد دولي أكبر لتمويل برامج محاربة الفقر والمرض والأمية، كوسيلة من وسائل الحفاظ على كرامة الإنسان وتلافي المزيد من النزاعات المسلحة.
ونأمل في هذا المجال، بلورة مشروع أكثر فعالية للتضامن في مواجهة الكوارث الطبيعية بشكل سريع وفعال، في ضوء ما نشهده من تزايد للمخاطر التي يتسبب بها التغيير المناخي والانحباس الحراري وتدهور البيئة وانتشار ظاهرة حرائق الغابات والمساحات الخضراء.

السيد الرئيس،
إن لبنان المتجذر في التاريخ والذي ساهم مع صعود القوميات في بلورة النهضة العربية على الصعد السياسية والثقافية والفكرية والاجتماعية، والذي هو عضو مؤسس في جامعة الدول العربية، حريص على التضامن العربي وعلى العمل العربي المشترك، وبالتالي على إقامة أطيب العلاقات مع أشقائه العرب. وفي هذا السياق قمت بتاريخ 13 آب الماضي بزيارة رسمية إلى سوريا، تم التوافق بنتيجتها على مبادئ وآليات مثبتة في البيان المشترك الصادر بهذه المناسبة، ومن بينها اتفاق على إقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين، ومتابعة قضايا المفقودين، وترسيم الحدود وضبطها، من منطلق التنسيق والتشاور وتأمين المصلحة المشتركة، وهي مواضيع ثنائية بين البلدين، إلا أنها مواضيع تحظى بواقع الحال باهتمام الأمم المتحدة ومتابعتها في تقارير دورية يعدها سعادة الأمين العام. ولبنان الذي يضطلع بدور رائد على الصعيد العربي، يبدي اهتماما موازيا بنشاط وآليات عمل الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المتخصصة. فمنذ أكثر من ستين عاما، وإثر حرب مدمرة قررت مجموعة من الدول رسم مستقبل أفضل لأبنائها والعالم بتجديد فكرة تعاون الأمم واتحادها في هذه المنظمة، صونا للسلم والأمن الدوليين، وسعيا نحو تكـافل اجتماعي
واقتصادي عالمي، تسهم جميعها في حماية حقوق الإنسان بكافة أوجهها... وإذا كانت البشرية قد تمكنت من تفادي نشوب حروب جديدة شاملة، فإن النزاعات الإقليمية المتنامية، وبروز الإرهاب الدولي كظاهرة تتجاوز حدود الدول، والاضطراب في أسس الاقتصاد المُعوْلم، ونشوء أزمة الغذاء العالمي، تهدد جميعها بمزيد من الحروب الصغيرة القاتلة من إقليم إلى إقليم ومن منطقة إلى منطقة.
لذلك، يؤكد لبنان على ضرورة إعادة تقويم وتفعيل دور الأمم المتحدة كعنصر ضابط ومركزي وفاعل في النظام العالمي، وإلزامية إصلاحها، لتتلاءم مع المعطيات الدولية الجديدة، بما في ذلك إصلاح مجلس الأمن الدولي لزيادة الديمقراطية في عمله وصفته التمثيلية ومقدرته على تنفيذ قراراته.

السيد الرئيس،
سعى لبنان منذ العام 1974 كي يصبح مركزا إقليميا رئيسيا للأمم المتحدة، وباشر بخطوات تنفيذية بهذا الشأن، بالتنسيق مع الأمانة العامة للأمم المتحدة، قبل أن تدهمه أحداث 1975. إلا أنه عاد وخطى خطوات متقدمة في هذا المجال، منذ أن تم اعتماد بيروت كمقر للجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا ESCWA ولهيئات أخرى تابعة للأمم المتحدة.
ويسر لبنان في هذا المجال أن يذكر أنه تقدم بترشيحه لأحد المقاعد غير الدائمة لمجلس الأمن المخصصة لآسيا للفترة 2010 - 2011. وهو إذ يتعهد بتقديم مساهمته الجدية والصادقة في مجلس الأمن، كبلد ديمقراطي يتميز بروح التعايش والحوار، وكممثل للمجموعة العربية التي تبنت هذا الترشيح، كما تبنته المجموعة الآسيوية نفسها، فإنه يأمل بأن يحظى ترشيحه هذا، بتأييد ودعم جميع الدول الصديقة، علما بأن آخر مرة شغل فيها لبنان هذا المركز الرفيع تعود لعامي 1953-1954.

السيد الرئيس،
إن فلسفة الكيان اللبناني تقوم على الحوار والوفاق والعيش المشترك، منذ أن تم التوافق بين أبنائه على الميثاق الوطني عام 1943، مرورا بوثيقة الوفاق الوطني التي أقرت في الطائف عام 1989، والتي أكد عليها تكرارا اتفاق الدوحة عام 2008.
أمام واقع تفاقم النزاعات الدولية، المنذر بصراع ممكن بين الحضارات، يبدو لبنان حاجة دولية وكمختبر فعلي لحوار الثقافات والديانات.
وقد اعتبر قداسة البابا الراحل يوحنا بولس الثاني، في رسالتين له عامي 1989 و 1997، بأن لبنان هو "أكثر من بلد؛ إنه رسالة؛ رسالة حرية ونموذج في التعددية للشرق والغرب، ومساحة للحوار ولتعايش ثقافات وأديان مختلفة".
إن لبنان الذي تتعايش على أرضه ثماني عشرة طائفة مختلفة، والذي حافظ على نظامه الديمقراطي وعلى الحريات الأساسية بالرغم من جميع التحديات، يطمح اليوم إلى أن يصبح مركزا دوليا لإدارة حوار الحضارات والثقافات، آملا أن تتغلب قوى الخير في العالم، وأن تفضي عملية السلام القائمة في المنطقة إلى إيجاد حل عادل وشامل لكافة أوجه النزاع في الشرق الأوسط.
وشكرا."

2008-09-24