ارشيف من :أخبار عالمية
خاص الانتقاد.نت: 200 معتكف نذروا حياتهم للدفاع عن أمة الإسلام
المرابطون في المسجد الأقصى: كرامة المسجد الشريف وعزته أغلى من حياتنا ووجودنا

القدس المحتلة ـ الانتقاد.نت
" خرجنا من بيوتنا وتركنا أهلنا وأعمالنا، ونحن ندرك حجم الأخطار والتهديدات التي ستحيق بنا من الاحتلال، ولكن كرامة الأقصى وعزته أغلى من حياتنا ووجودنا.."، بهذه الكلمات اختار المحرك الأول لنحو 200 فلسطيني مرابطين منذ أيام في المسجد الأقصى، أن يحكي قصة "بطولة ورباط" تدافع عن حقوق أمة بأكملها، كما قال.
ويروي الشيخ علي أبو شيخة في حديث مطول، بعض أشجان وعتب "المعتكفين المرابطين المحاصرين" كما اختار توصيفهم، على الشعوب العربية والإسلامية التي لا تبدي الحد الأدنى من المطلوب تجاه قبلتها الأولى "المسجد الأقصى".
مشوار الرباط
وبدأ "مشوار رباط" الشيخ علي أبو شيخة ومعه عدد كبير من قيادات وعلماء ومشايخ مدينة القدس والأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 عندما قرروا شد الرحال ليلة الأحد الماضي (3-10-2009) من كافة المناطق المحتلة للصلاة والاعتكاف في المسجد الأقصى.
وتحول اعتكاف 200 رجل، غالبيتهم ممن تجاوزت أعمارهم الخمسين عاما، إلى رباط وصمود بعد أن قرر الاحتلال الاسرائيلي محاصرتهم وإجبارهم عنوة على الخروج من الأقصى بغية تأمين الحماية للجماعات اليهودية المتطرفة التي سعت لاقتحام المسجد الأقصى وإقامة الطقوس التلمودية في جنباته بمناسبة ما يسمونه "عيد المظلة اليهودي" وعلى مدار أسبوع تقريبا.
ويوضح أبو شيخة والمكنى (بأبي السعيد) إن إجراءات الاحتلال التي تفرض تشديدا أمنيا على المسجد الأقصى في الأسابيع الماضية حالت دون دخول أعداد أكبر خاصة من الشباب الذين يمنعون بشكل تام من تجاوز البلدة القديمة للصلاة في الأقصى، إلا المرابطين تمكنوا من دخول الحرم القدسي قبيل الأعياد اليهودية وقرروا الرباط فيه.
وحول التهديدات التي يتعرضون لها ليلا ونهارا، يوضح أبو السعيد إن شرطة الاحتلال ومنذ الساعات الأولى لاعتكافهم بدأت بحملة منظمة لإجبارهم على الخروج من الأقصى عن طريق تهديدهم بضرورة تسليم أنفسهم مقابل فتح بوابات الأقصى التي أغلقت بالكامل، وهو ما رفضه المرابطون.
وفي اليوم الثاني، بدأت شرطة الاحتلال التي تنتشر بالآلاف في محيط الأقصى والبلدة القديمة للقدس، باستراتيجيه اعتقال كل من يخرج من المصلى القبلي "أي المسجد الأقصى بالقبة الرمادية"، واستغلت خروج أربعة مصلين للوضوء وقامت باعتقالهم إلا أن جموع المرابطين الذين هبوا دفعة واحدة خلصتهم من أيدي الشرطة وأجبروها على التراجع إلى بوابات الحرم.
وفي محاولة للضغط عليهم أيضا، تقوم شرطة الاحتلال بمحاولة تصوير الشبان أثناء اعتكافهم بالمسجد ليلا من خلال كاميرات متطورة وكشافات عن بعد، حيث قامت بتعميم صورهم على مداخل المسجد الأقصى بغية اعتقال كل من يحاول الخروج.

ويؤكد أبو السعيد إن أي محاولة لإخراج المرابطين بالقوة من المسجد الأقصى ستؤدي إلى مذبحة داخل الحرم القدسي لأن المرابطين مصممين على عدم الخروج إلا بعد رفع التهديدات باقتحام الأقصى، وهو ما يجرون اتصالات بشأنه مع الأوقاف الإسلامية صاحبة السيادة على الأقصى ومع قناصل وسفراء الدول العربية والإسلامية لدى السلطة.
وفي سبيل إجبارهم على تسليم أنفسهم، فرضت سلطات الاحتلال منعا تاما على الأوقاف الإسلامية وحراس الأقصى من إدخال الطعام والشراب والألبسة للمرابطين، رغم حالة البرد وعدم توفر الأغطية داخل المسجد.
ورغم ذلك، يؤكد أبو السعيد إن "أهل القدس من أكرم الناس وهم لا يبخلون على المرابطين بما يساندهم، ويحاولن توفير الطعام لهم بطرق لا يمكن ذكرها ولكن لا يستطيع الاحتلال كشفها مهما حدث، فهم أهل المدينة والأعلم بطرق التحرك فيها.." حسب قوله.
لن يتمكن اليهود من الأقصى
وفي كيفية قضاء يوم رباط في الأقصى، يقول أبو السعيد إنه رغم الضغوط النفسية التي يتعرض لها المرابطون والتهديدات باعتقالهم وملاحقتهم إلا أنهم يشعرون بالعزة والكرامة حيث استطاعوا منع أي مستوطن يهودي من دخول الحرم القدسي.
ويبدأ يوم المرابطين، حسب رواية أبو السعيد، منذ صلاة الفجر حيث يلتقون بكل من يستطيع الدخول إلى الأقصى لتأدية الصلاة ويطلعون منهم على مجريات الأمور في الخارج وتطورات الحصار المفروض عليهم.
وفي الساعة السابعة صباحا يكون مجموع المرابطين قد اكتمل بالاصطفاف عند بوابة المغاربة، وهي البوابة الوحيدة التي يملك الاحتلال مفتاحها بعد أن صادره عند احتلال الأقصى عام 1967، ومنها يتم إدخال الجماعات المتطرفة إلى الأقصى وتدفع من خلالها التعزيزات الأمنية إلى باحاته.
ويستمر رباط الرجال قرب بوابة المغاربة، والذي يسوده طيلة النهار صلوات ودروس وحلقات وعظ وأناشيد، هناك حتى ساعات المساء، حيث يتوجهون لأداء صلاة العشاء في المصلى القبلي ويغلقون أبوابه عليهم ثم يطفئون الأضواء استعدادا لليلة حصار أخرى.
رسالة المرابطين
ولا يخفي المرابطون في الأقصى حقيقة أنهم اختاروا البقاء وصمموا على الصمود حماية لعقيدة المسلمين وحقهم في السيادة على المسجد الأقصى، فهذه "أمانة كبيرة نحملها نيابة عن أمة الإسلام والعرب" كما قال أبو السعيد.
ورغم عدم اطلاعهم على التحركات الشعبية المناصرة لهم، إلا أن المرابطين يبدون عتبا شديدا على ضعف التحرك لنصرة القدس والمسجد الأقصى، مؤكدين أن المسجد الأقصى ليس ملك الفلسطينيين وحدهم وإنما هو قضية كل عربي ومسلم ما دام الاحتلال موجودا على أرضه.
وفي رسالتهم أيضا، يؤكد المرابطون إن أهم الخطوات في هذه المرحلة تكمن في عدم ترك المسجد الأقصى خاليا وإنما شد الرحال إليه من كل جانب، وخاصة من أهالي القدس والمناطق المحتلة عام 1948 كونهم الأكثر قدرة على الوصول إليه رغم الحواجز العسكرية والملاحقة الأمنية التي تفرضها سلطات الاحتلال عليهم.
وينهي الشيخ علي أبو شيخة رسالة المرابطين بالقول "إن الفلسطينيين والمسلمين اليوم أمام قضية مصيرية ويخوضون فيها امتحانا صعبا في إثبات هوية القدس وحقهم في المسجد الأقصى ولا خيار أمامهم سوى الصمود والنجاح في هذا الاختبار.
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018