ارشيف من :آراء وتحليلات

التصعيد الموالي وحادثة عين الرمانة... أي علاقة!

التصعيد الموالي وحادثة عين الرمانة... أي علاقة!

ليلى نقولا الرحباني
لم يكن حادث عين الرمانة والاشكال الذي وقع حادثًا منفصلاً في الزمان والمكان والاطار السياسي الذي تجري فيه المشاورات الحكومية واللقاءات الاقليمية، بل إنه يبدو كقطعة أساسية من المشهد السياسي الحاصل، ومن التصعيد الكلامي الذي يجري ومن القلق السائد في صفوف القوى المسيحية في الاكثرية.
وفي استعادة لتفاصيل المشهد السياسي، نلاحظ ما يلي:
- انفراجات على الخط السوري السعودي وزيارة للملك عبد الله الى سوريا، وهي الاولى منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري عام 2005.
- حديث عن انفراجات مواكبة وليونة من قبل سعد الحريري في اطار مشاوراته لتشكيل الحكومة اللبنانية، وحديث عن ايجابيات خلال لقاءاته مع العماد ميشال عون.
- فتح الرئيس سليمان كوة في جدار الازمة من خلال الحديث عن "ان عدم توزير الراسبين ليس دستوريا"، وتبدل رأي البطريرك صفير حيال القضية بذريعة مواكبة الرئيس في كلامه.
- هجوم من قبل مسيحيي الموالاة على المشاورات التي تحصل وما يحكى عن ايجابيات، واعتبار ان التفاؤل هو "حديث مفرط"، فالنائب سامر سعادة أعلن أن الكتائب لن تقبل عرضاً مثل الذي قدّمه الحريري في تشكيلته الأولى، فيما شنّ النائب سامي الجميّل هجوماًَ على حزب الله، متهماً إياه بالخروج عن القانون، مطالبًا الجيش اللبناني والقوى الأمنية ورئيس الجمهورية بأن يبسطوا سلطتهم على كل شبر من الأراضي اللبنانية. ورأى الجميّل أن "لبنان رهينة لسلاح يهدّد وجوده وحياة مسؤوليه باستمرار".
- أما القوات اللبنانية، فأشارت على لسان أكثر من مسؤول فيها أنها "ضد التسوية"، مؤكدة ان حكومة الشراكة لا يمكن قبولها لأنه ـ برأيهم وكما عبّر عنه وهبة قاطيشا ـ "ان أقطاب المعارضة يزعمون أنهم يريدون حكومة شراكة، لكن في الحقيقة هم يريدون إقامة دولة إيران على ساحل البحر المتوسط، وهذا الحلم لن يتحقق لأن هذا الوطن هو لنا، ونحن كفريق سياسي الأقوى والأضمن".
وفي تناقض مع سياسة "مد اليد" التي قام بها جعجع خلال احتفال القوات، اعتبر مسؤولو القوات اللبنانية أن جذور الأزمة سببها وجود حزب الله بحد ذاته "كوجود مكوّن مسلّح إلى جانب الجيش اللبناني، ما يمنع قيام الدولة دستوريًا"، معتبرين أن تضحياتهم "منعت قيام دولة ولاية الفقيه من الأوزاعي إلى زغرتا".
عند هذا الحد من القراءة للمشهد، يتجلى للمراقب ان حادث الشياح ـ عين الرمانة هو مواكبة ميدانية لخطاب جعجع، ولا يمكن أن يكون منفصلاً عما يجري، بل يبرز بشكل جليّ أن القوى المسيحية على الساحة الموالية لن تسمح بأي شكل من الاشكال بحصول انفراج على خط تشكيل الحكومة، ما يجعلها "تعاقب على انتصارها في الانتخابات" كما قال أمين الجميل، لذا كان لا بد من افتعال حرائق متنقلة وتوترات أمنية تواكب التصريح الذي اعطاه جعجع لرويترز، والذي طالب فيه الرئيس ميشال سليمان بأن "يستخدم قلمه للتوقيع على أي تشكيلة حكومية، وأن لا ينتظر نتائج المباحثات الجارية".
وهكذا كان!! إشكال أمني على خط الشياح ـ عين الرمانة، يسقط بنتيجته ضحايا، واللافت أن الحاضرين في المكان من الصحفيين، هم حصرًا من الصحفيين المحسوبين بقوة على القوات اللبنانية، فيصبح الخبر كما تورده "الوكالة الوطنية للاعلام" أن جميع الضحايا" لم يكن لهم علاقة بالحادث، وأن الموضوع الذي استأهل سقوط ضحايا وقتلى هو "استفزازات من سائقي دراجات نارية"...
ولنا أسئلة نضعها برسم الرأي العام المسيحي الذي سيتم تحريضه وشحنه طائفيًا في الايام القادمة: بغضّ النظر عن مدى هذه الاستفزازات وجسامتها، هل تستأهل مقتل مواطن، وماذا يمكن أن يقال للأم الثكلى بمقتل ابنها؟. وما الفائدة من اطلالة نائب الامة سامي الجميل للتحريض الطائفي، كما أطل في حادث سابق في "مونو" منذ فترة، ليصوّر الحادث بأنه هجوم "اسلامي على منطقة مسيحية" والكل يذكر صرخة الجميل الابن الشهيرة التي كانت بوجه الجيش اللبناني وليس بوجه المعتدين، كانت عبارة: "هجووم"؟.
انها محاولات اخذ مكاسب سياسية على حساب دماء الناس في الشارع تعود من جديد، ويبقى أن الشعب المغرر به، لم يتعلم شيئًا من التجارب الماضية... فهل هو فعلاً شعب لبنان العظيم؟ أم انه شعب القبائل التي تنقاد بغريزتها وتقدم أبناءها ودماءها ذبائح وقرابين لخدمة "آلهة" نصبوا أنفسهم أوصياء على المسيحيين وشؤونهم، وقرروا قيادتهم الى الانتحار؟.

2009-10-07