ارشيف من :أخبار عالمية
مناورة سلاح الجو الاسرائيلي فوق المتوسط: رسالة ردع ضد ايران.. لكنها غير كافية
خاص الانتقاد.نت: يحيى دبوق
تعتبر تعليقات رئيس الحكومة الاسرائيلية إيهود أولمرت، خلال المقابلة التي أجرتها معه صحيفة دير شبيغل الالمانية قبل أيام، آخر "الصراخ" الإسرائيلي في مواجهة المشروع النووي الايراني، رغم انه على غير عادته، لمّح إلى "إمكان" استخدام "اسرائيل" للخيار العسكري ضد ايران، لأن "كل العالم يعرف قدرات اسرائيل" وما يمكنها ان تقوم به.
ويأتي كلام أولمرت تزامنا مع إعلان "إسرائيل"، وإن بصورة غير مباشرة من خلال الإعلام الاميركي (صحيفة نيويورك تايمز) عن مناورات عسكرية إسرائيلية جرت فوق شرق البحر المتوسط واليونان، في الأسبوع الأول من الشهر الحالي، شاركت فيها أكثر من مئة مقاتلة من طراز قادر على الوصول إلى مسافات بعيدة (ايران)، وهي خطوة وصفها الاعلام الاسرائيلي كخطوة ''بدت وكأنها تمرين على قصف محتمل لمنشآت نووية ايرانية''.
في ذلك، قال مصدر أمني إسرائيلي، لصحيفة التايمز البريطانية، إن على ايران "أن تقرأ ما هو مكتوب على الجدار، فإذا لم تسفر الدبلوماسية عن نتائج، فإن "إسرائيل" ستتخذ خطوات عسكرية من أجل وقف البرنامج النووي الإيراني لإنتاج القنبلة النووية".
هل يعني ذلك، إضافة إلى نشاطات إعلامية إسرائيلية أخرى، كتصريحات موفاز الإشكالية قبل أكثر من أسبوع، أن خيار الضربة العسكرية لإيران، قد وُضع على سكة التنفيذ؟.
لعل أكثر "النشاطات" الاسرائيلية إلفاتا، هي المناورة "غير المسبوقة" المعلن عنها مؤخراً فوق شرق المتوسط واليونان، خاصة ان لليونان إمكانيات عسكرية دفاعية شبيهة الى حد ما بالقدرات الدفاعية المقدر أنها موجودة لدى ايران.. وبالتالي، تعتبر المناورة خطوة غير مسبوقة تماما، لكن ليس من ناحية حجمها ودورها وفاعليتها في مواجهة ايران، بل لجهة أنها الخطوة التي يمكن القول عنها إنها الاولى في ترقّي الاستعداد الاسرائيلي ميدانياً وعملانياً، بالتساوق مع التهديدات الكلامية، نحو دفع إمكان إقدامها على ضرب إيران عسكريا.
في الأساس، عانى الاسرائيليون من فقدان ردعهم أمام الايرانيين، ليس بمعنى عدم وجود قدرات لدى "إسرائيل" من شأنها الحاق الأذية الفعلية بايران، بل لجهة القدرة على تفعيل هذه القدرات وإيصالها الى حيّز التنفيذ، إلى درجة يصفها وزير البنى التحتية الاسرائيلية بنيامين بن العيزر بانها "تفقد السياسيين الإسرائيليين النوم". يعني ذلك أن كل الصراخ الاسرائيلي لا يجد تعبيراته وانعكاساته المطلوبة لدى الطرف الايراني، الذي يمضي، رغم كل الضغوط، قدما وصولاً بحسب التقدير الاسرائيلي الى القنبلة النووية، التي تعني سويا مع "نظام كنظام ايران تهديداً فعلياً للدولة العبرية".
ويبقى الخيار العسكري، بمعناه العريض، خياراً أميركياً بامتياز، وليس خياراً اسرائيلياً، بل إن "إسرائيل" نتيجة لذلك لا تستطيع أن تمثل دور الفزاعة فيه |
هل تؤدي المناورات الاسرائيلية الأخيرة، على فرض صحة وجودها، إلى تراجع الايرانيين وابتعادهم عن الاستهزاء بـ "الصراخ" الاسرائيلي المتواصل في وجهها؟ وهل يؤدي ذلك الى تقليص الثقة العالية بالنفس لدى طهران؟..
من المتسالم عليه عسكرياً، بحسب الباحثين العسكريين، أن لسلاح الجو الاسرائيلي قدرات فعلية على الوصول الى ايران، لكن بحسب الاعترافات الإسرائيلية، التي ما تكون عادة نادرة، يحتاج سلاح الجو الإسرائيلي إلى كل طاقته الفعلية القادرة على الوصول إلى إيران (بحدود مئة طائرة من الاجيال الجديدة والطائرات المساعدة لها)، من أجل قصف هدف نووي إيراني واحد. أي هناك حاجة إلى استخدام أسراب تنفيذية قادرة على الوصول إلى إيران، إضافة إلى عدد مضاعف للحماية، وكل الطائرات القادرة على التزويد بالوقود الموجودة لدى "إسرائيل"، وكل ذلك من أجل قصف موقع نووي واحد. والسؤال هو: كيف لـ "إسرائيل" أن تقصف كل المواقع النووية الإيرانية، التي تقول إنها تتجاوز العشرات؟ إن كان لديها القدرة على ضرب هدف واحد فقط ؟. سؤال يخرج في إجابته عن نية "إسرائيل" من عدمها، ليلامس قدرتها العملية الفعلية.
يتوجب النظر إلى المناورات الاسرائيلية الاخيرة، على أنها ترقٍّ حقيقي في مقاربة الملف النووي الايراني، لكنها مقاربة ـ رغم عمليانيتها ـ تفتقر الى عناصر أخرى غير موجودة لديها لتصل إلى نتائجها المرجوّة في مقابل إيران..
ويبقى الخيار العسكري، بمعناه العريض، خياراً أميركياً بامتياز، وليس خياراً اسرائيلياً، بل إن "إسرائيل" نتيجة لذلك لا تستطيع أن تمثل دور الفزاعة فيه، لافتقارها اليه. أما البحث في الخيار العسكري من الناحية الاميركية، فموضوع آخر، ويستلزم بحثاً خاصاً