ارشيف من :آراء وتحليلات

باختصار: ماذا فعلت براقش بأهلها

باختصار: ماذا فعلت براقش بأهلها
كتب محمد يونس
مر زمن على الولايات المتحدة الأميركية وجدت فيه نفسها الحاكم المطلق على الكرة الأرضية بكل تفاصيلها، إلى درجة أن القابعين في البيت الأبيض أبدوا اعتراضهم واستياءهم الشديد لأن الشتاء تأخر في واشنطن وتأخر معه سقوط الثلج.
ولكن هذا الزمن ما لبث أن تبدل وبسرعة قياسية حتى أنه يمكن القول إن عمر الإمبراطورية الأميركية هو الأقصر من بين الإمبراطوريات التي حكمت العالم، فلماذا لم يهنأ الأميركيون طويلا بتفردهم بحكم العالم؟؟
العديد من البراهين والحجج يمكن سوقها في هذا المجال، لكن ابرز سبب يجمع عليه الكثيرون هو التصرف الفرعوني للإدارة الأميركية، وعدم تمييزها بين خاضع وغير مستعد للخضوع، وبين ممانع ومستعد لانتهاز أي فرصة لنبذ الخضوع، كما أنها لم تميز بين دولة من العالم الرابع أو الخامس إن وجد، وبين دولة في مصاف الدول الكبرى، فعاملت الجميع دون استثناء كالعبيد الواجب عليهم الانصياع دون حتى التفكير بالمناقشة.
لقد ظنت أنها باتت الأقوى وهذا له حيثياته، واعتقدت أنها بمجرد ما تشمر عن عضلاتها العسكرية فإن ذلك سيقضي على أي فكرة بالمقاومة ضد مخططاتها الاستعمارية التي بدأت بتنفيذها ميدانيا بعيد أحداث الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر. هاجمت واحتلت من دون أن تعطي بالا لظروف الأرض وعواملها، ثم ماذا؟
وجدت قوتها العسكرية منشورة على أوسع مناطق في العالم، لم تعد قادرة على تركيز جهدها في مكان واحد، راحت تتخبط فتثير الأحداث في هذه المنطقة على أمل استعادة شيء من ماء الوجه المهدور، وكان يرتد الأمر إليها الفشل تلو الآخر.
استهانت ببعض القوى وراحت تضيق عليهم وتحاصرهم إلى أن انفك الحديد وعلا زئير الدببة.
ربما يجلس الرئيس الأميركي جورج بوش أو أحد مفكريه الاستراتيجيين فيستذكر قصة براقش وما جنته على أهلها فيتساءل هو بدوره: ماذا فعلنا بأهلنا؟
الانتقاد/ العدد 1303 ـ 30 أيلول/ سبتمبر 2008
2008-09-30