ارشيف من :آراء وتحليلات
فاصلة: متى نسير بخيار "لبنان القوي"؟

كتبت ليلى نقولا الرحباني
ساد مفهوم مزمن في لبنان رُوِّج له من قبل بعض السياسيين المسيحيين والمسلمين على حد سواء، تجلى بمصطلح "قوة لبنان في ضعفه"، أي رفض الدولة القوية التي لديها أجهزة أمنية ذات كفاءة عالية للدفاع عن الوطن ضد اي تهديدات خارجية او داخلية. وقد كشفت الأحداث التاريخية ان "الضعف" كان مطلباً خارجياً سار فيه بعض الداخل تسهيلاً لتمرير الصفقات المريبة على حساب الوطن وأرضه وأهله.
وقد تجلى هذا الضعف المزمن على الصعيدين الداخلي والخارجي، الأمر الذي جلب الويلات للبنان وتسبب بانتهاك سيادته وحرمانه استقلاله:
ـ على الصعيد الخارجي: ان الضعف تجاه التهديدات والأطماع الخارجية سمح باستباحة أرض لبنان واجتياحه من قبل الإسرائيليين مرات عدة، وبشكل "نزهة" في معظم الأحيان.
ـ اما الضعف الأمني داخلياً فقد فتح المجال واسعاً أمام سيطرة التنظيمات الفلسطينية المسلحة على لبنان بعد حرب حزيران 1967، وتوقيع الحكومة اللبنانية اتفاق القاهرة المشؤوم عام 1969. وبعد انسحاب الجيش السوري من لبنان كان يفترض بالسلطة ان تعزز الأمن تعويضاً عن الفراغ الذي خلفه السوريون في المجال الأمني، لكنها لم تفعل، الامر الذي فتح المجال لتغلغل الحركات الجهادية التكفيرية مثل فتح الإسلام، إضافة الى شبكات تخريب تولّت زعزعة الاستقرار عبر الاغتيالات والتفجيرات المتنقلة التي أصابت شخصيات سياسية وإعلامية والمؤسسة العسكرية التي دفعت ثمناً باهظاً، سواء من العدو الاسرائيلي او من أعداء الوطن الداخليين الذين استهدفوها بتفجيرات انتحارية واستهدفوها في نهر البارد.
اذاً الضعف المزمن لم يخلف للبنان سوى الاحتلالات وعدم الاستقرار، ووضعه قيد التداول في بورصة الحلول الشرق ـ أوسطية، وعرضه كجائزة ترضية على مائدة المفاوضات للحفاظ على المصالح الإسرائيلية.
أما بعد 11 أيلول وإطلاق "الحرب العالمية على الإرهاب"، وتجاه السياسة الإسرائيلية ـ الأميركية التي تعتمد دوماً على قوة السلاح في مقاربتها لفرض الحلول، وتجاه استضعاف لبنان وشعبه وتجاهل حقه بأرضه وسيادته عليها، لا خيار أمام لبنان وحكومته وشعبه الا السير في خيار دعم قوة لبنان داخلياً وخارجياً:
خارجياً: لا خيار للبنان إلا أن يكون دولة قوية ذات مكانة محترمة في النظام الإقليمي، بحيث لا يقع في فلك أحد المحاور الإقليمية والدولية في المنطقة. ومن أجل ذلك عليه أن يطور نظاماً دفاعياً متماسكاً رادعاً وفعالاً، وأن يعزز جيشه ومقاومته بما يمنع الاعتداء عليه، وانتهاك سيادته وسرقة مياهه، والطمع في أرضه.
أما داخلياً: فلا بد من تفعيل الأمن في لبنان وإخراجه من دائرة الفئوية. والأهم أنه لا بد من ان يعي المسؤولون ان الأمن هو "أمن سياسي" بالدرجة الأولى، وللحفاظ على الاستقرار الأمني والهدوء لا بد من تعزيز التضامن الداخلي سبيلاً لاحتواء الفتن التي يسعى البعض اليها.
عقود مرت على شعارات "التحييد" و"قوة الضعف" التي لم تؤدِّ الى استقرار لبنان، والنأي به عن العواصف الدائمة التي تمر بالمنطقة منذ تأسيس "اسرائيل" لغاية الآن. فالتحييد لم يمنع "اسرائيل" مثلاً من قصف مطار بيروت.. والضعف المزمن كاد يودي بلبنان ويزيله عن الخريطة!! فمتى يقتنع المعنيون من أهل السياسة بأن شعار "لبنان القوي" الذي أطلقه العماد عون في ثمانينيات القرن الماضي كان محقاً؟ متى يقتنعون بأن لا خيار أمام اللبنانيين الا خيار "قوة لبنان في قوته"؟
الانتقاد/ العدد 1303 ـ 30 أيلول/ سبتمبر 2008
ساد مفهوم مزمن في لبنان رُوِّج له من قبل بعض السياسيين المسيحيين والمسلمين على حد سواء، تجلى بمصطلح "قوة لبنان في ضعفه"، أي رفض الدولة القوية التي لديها أجهزة أمنية ذات كفاءة عالية للدفاع عن الوطن ضد اي تهديدات خارجية او داخلية. وقد كشفت الأحداث التاريخية ان "الضعف" كان مطلباً خارجياً سار فيه بعض الداخل تسهيلاً لتمرير الصفقات المريبة على حساب الوطن وأرضه وأهله.
وقد تجلى هذا الضعف المزمن على الصعيدين الداخلي والخارجي، الأمر الذي جلب الويلات للبنان وتسبب بانتهاك سيادته وحرمانه استقلاله:
ـ على الصعيد الخارجي: ان الضعف تجاه التهديدات والأطماع الخارجية سمح باستباحة أرض لبنان واجتياحه من قبل الإسرائيليين مرات عدة، وبشكل "نزهة" في معظم الأحيان.
ـ اما الضعف الأمني داخلياً فقد فتح المجال واسعاً أمام سيطرة التنظيمات الفلسطينية المسلحة على لبنان بعد حرب حزيران 1967، وتوقيع الحكومة اللبنانية اتفاق القاهرة المشؤوم عام 1969. وبعد انسحاب الجيش السوري من لبنان كان يفترض بالسلطة ان تعزز الأمن تعويضاً عن الفراغ الذي خلفه السوريون في المجال الأمني، لكنها لم تفعل، الامر الذي فتح المجال لتغلغل الحركات الجهادية التكفيرية مثل فتح الإسلام، إضافة الى شبكات تخريب تولّت زعزعة الاستقرار عبر الاغتيالات والتفجيرات المتنقلة التي أصابت شخصيات سياسية وإعلامية والمؤسسة العسكرية التي دفعت ثمناً باهظاً، سواء من العدو الاسرائيلي او من أعداء الوطن الداخليين الذين استهدفوها بتفجيرات انتحارية واستهدفوها في نهر البارد.
اذاً الضعف المزمن لم يخلف للبنان سوى الاحتلالات وعدم الاستقرار، ووضعه قيد التداول في بورصة الحلول الشرق ـ أوسطية، وعرضه كجائزة ترضية على مائدة المفاوضات للحفاظ على المصالح الإسرائيلية.
أما بعد 11 أيلول وإطلاق "الحرب العالمية على الإرهاب"، وتجاه السياسة الإسرائيلية ـ الأميركية التي تعتمد دوماً على قوة السلاح في مقاربتها لفرض الحلول، وتجاه استضعاف لبنان وشعبه وتجاهل حقه بأرضه وسيادته عليها، لا خيار أمام لبنان وحكومته وشعبه الا السير في خيار دعم قوة لبنان داخلياً وخارجياً:
خارجياً: لا خيار للبنان إلا أن يكون دولة قوية ذات مكانة محترمة في النظام الإقليمي، بحيث لا يقع في فلك أحد المحاور الإقليمية والدولية في المنطقة. ومن أجل ذلك عليه أن يطور نظاماً دفاعياً متماسكاً رادعاً وفعالاً، وأن يعزز جيشه ومقاومته بما يمنع الاعتداء عليه، وانتهاك سيادته وسرقة مياهه، والطمع في أرضه.
أما داخلياً: فلا بد من تفعيل الأمن في لبنان وإخراجه من دائرة الفئوية. والأهم أنه لا بد من ان يعي المسؤولون ان الأمن هو "أمن سياسي" بالدرجة الأولى، وللحفاظ على الاستقرار الأمني والهدوء لا بد من تعزيز التضامن الداخلي سبيلاً لاحتواء الفتن التي يسعى البعض اليها.
عقود مرت على شعارات "التحييد" و"قوة الضعف" التي لم تؤدِّ الى استقرار لبنان، والنأي به عن العواصف الدائمة التي تمر بالمنطقة منذ تأسيس "اسرائيل" لغاية الآن. فالتحييد لم يمنع "اسرائيل" مثلاً من قصف مطار بيروت.. والضعف المزمن كاد يودي بلبنان ويزيله عن الخريطة!! فمتى يقتنع المعنيون من أهل السياسة بأن شعار "لبنان القوي" الذي أطلقه العماد عون في ثمانينيات القرن الماضي كان محقاً؟ متى يقتنعون بأن لا خيار أمام اللبنانيين الا خيار "قوة لبنان في قوته"؟
الانتقاد/ العدد 1303 ـ 30 أيلول/ سبتمبر 2008