ارشيف من :أخبار لبنانية
خاص الانتقاد.نت: "القوّات اللبنانية" تستذكر "مناضِلَيْن" منها كانا عضوين في شبكة تخريبية
أن يستذكر أيّ حزب محلّي أو عالمي مناضليه ومجاهديه في مناسبات معيّنة، فهذا حقّ مشروع له، يهدف من خلاله إلى التذكير بماضيهم ومآثرهم لكي يتخذوا قدوة أو مثالاً للآخرين، لكن أن يقوم باستعادة ذكرى مقتل أعضاء فيه كانوا منخرطين في شبكة تخريبية عاثت بأمن البلاد والعباد فساداً وإقلاقاً ورعباً وترهيباً، فهذا أمر شاذ غير مقبول، ولا يرمي إلاّ إلى القول بأنّ ماضيه المتمثّل بصورة هؤلاء المطلوبين للعدالة والملاحقين أمام القضاء، جاهز لأن يستخدم في المستقبل، واليوم قبل الغد، إذا ما اقتضت الضرورة، خصوصاً في ظلّ الوضع الأمني المتدهور في لبنان.
ومناسبة هذا الكلام ما خرجت به " القوّات اللبنانية" على الرأي العام اللبناني يوم الجمعة الواقع فيه 20 حزيران/يونيو من العام 2008، ببيان مطوّل تتحدّث فيه عن" الذكرى السنوية العاشرة لاستشهاد المناضلين جورج ديب ونعمة زيادة(...) اللذين أزهرت شهادتهما بعد أعوام عدّة انتفاضة استقلال".
وبعد الاستفسار عمن يكونا هذان الشخصان اللذان أخرجا فوراً على الناس، ولم يسمع بهما أحد من قبل، تبيّن أنّهما من ماضي ميليشيا "القوّات اللبنانية" المنحلّة خلال فترة تسعينات القرن العشرين، وكانا يؤلفان مع آخرين جرت محاكمتهم أمام القضاء العسكري، مجموعة إرهابية نفّذت أعمالاً تفجيرية في غير مكان ضدّ الناس الآمنين وضدّ " القوّات السورية" المنتشرة في لبنان، وخطّطوا لقتل سياسيين بينهم النائب ميشال المرّ" أبو إلياس".
فما هي القصّة الحقيقية لهذين" المناضلين" ولهذه الشبكة بحسب الوثائق الموجودة بحوزة القضاء، والمحفوظة في "أرشيف" القضاء العسكري وتحديداً المحكمة العسكرية؟.
بتاريخ 19 حزيران/يونيو من العام 1998، انفجرت عبوة ناسفة في سيّارة من نوع "رينو 19 " في محلّة الدورة ممّا أدّى إلى مقتل شخصين كانا بداخلها هما: نعمة زيادة وجورج ديب، وأظهرت التحقيقات التي قامت بها مديرية المخابرات في الجيش اللبناني أنّ القتيلين ينتميان إلى فرقة الصدم في "القوّات اللبنانية" المنحلّة، وأنّهما بعد حلّ "القوّات" انتميا إلى عصابة هدفها الاعتداء على الناس والممتلكات وارتكاب الأعمال الإرهابية بواسطة المتفجّرات.
ويشرح القرار القضائي أنّ القتيلين المذكورين كانا ينويان استهداف مركز للجيش السوري في محلّة النبعة، لكنّ العبوة انفجرت بهما قبل وصولهما إلى هدفهما، فقتلا على الفور. ودفعت التحقيقات إلى كشف النقاب عن شبكة تخريبية لـ "لقوّات اللبنانية"، وسيق أفرادها إلى المحاكمة العلنية، وتوّجت بأحكام مبرمة ونهائية من القضاء، هذا القضاء الذي لا تزال " القوّات اللبنانية" تلجأ إليه لتقديم الدعاوى ضدّ من يذكّرها بماضيها الحربي والدموي والأسود، وقتلها الأبرياء وقصفها المناطق الآمنة وتصفياتها الجسدية وذبحها الأشخاص على الهوّية، وتعتبر الأمر تعرّضاً لها ومسّاً بوجودها وكرامتها.
ويقول القرار القضائي إنّ من أفراد هذه العصابة كلاً من بسام أنطوان حرب، والنقيب سابقاً في الجيش اللبناني كميل مهيب يارد، وجورج طانويس الحلو، ووديع أديب الخوري، والدركي فراس حنا رحمة، وفادي نعمة شحود، وخليل فخر الندّاف وعبدو أنطوان صوايا ونعمة الله منير مسلّم. وقد نال كل واحد منهم الحكم الذي يستحقّه، فوضع يارد على سبيل المثال، في الأشغال الشاقة مدّة سبع سنوات وفق ما ارتأت محكمة التمييز العسكرية التي كانت برئاسة القاضي طربيه رحمة إبن بلدة بشري مسقط رأس سمير جعجع.
وكانت هذه العصابة بحسب التوصيف المعطى لها في القرار القضائي، على علاقة مباشرة بمكتب " القوّات اللبنانية" في أستراليا الذي كان يموّلها ويوجّهها ، كما أنّ الاتصالات كانت تتمّ عبر مكتب للكومبيوتر في محلّة فرن الشباك يملكه عبدو صوايا ونعمة الله مسلم.
أمّا العمليات الإرهابية التي نفّذها" المناضلان" القوّاتيان مع رفاقهم، فعديدة، وأبرزها ما يلي:
أولاً: عملية إطلاق نار على باص سوري في محلّة طبرجا في العام 1996 أدّى إلى مقتل شخص وإصابة آخرين بجروح.
ثانياً:وضع عبوة وتفجيرها في "محطّة شارل حلو" للمواصلات في محلّة المرفأ.
ثالثاً: تفجير عبوة ناسفة في منطقة برج حمود استهدفت العمّال السوريين.
رابعاً:تفجير عبوة أمام مقهى في منطقة البوشرية يرتاده عمّال سوريون.
خامساً:تفجير عبوة ناسفة في مركز سوري في محلّة الدورة.
سادساً: محاولة تفخيخ سيّارة تستهدف وزير الداخلية آنذاك ميشال المرّ في الطريق التي يسلكها بين انطلياس وبكفيا.
سابعاً: تفجير مركز الحزب القومي السوري الاجتماعي في محلّة جديدة المتن خلال شهر نيسان/أبريل من العام 1998. وتفجير مركز الحزب المذكور في بلدة بكفيا في شهر أيّار/مايو من العام 1998.
ثامناً:محاولة اغتيال الوزير السابق إيلي حبيقة خلال وجوده في مكتبه في "سنتر ميرنا شالوحي" بواسطة بندقية قنّاصة مزوّدة بمنظار.
الارتباط بـ"الموساد"
وفي سياق اعترافاته خلال التحقيق أمام قاضي التحقيق العسكري الأوّل آنذاك رياض طليع، يقرّ النقيب كميل يارد بأنّه "نفّذ طلب نعمة زيادة بإنزال خرائط إسرائيلية على الكومبيوتر وتحديد المراكز السورية الموجودة في بيروت بهدف ضربها، وتحديد التي ضربت، وتلك التي سيجري ضربها".
ويتابع القرار القضائي أن يارد" اعترف خلال التحقيق الاستنطاقي( أيّ عند القاضي طليع وليس أمام الضابطة العدلية وهذا يكسب كلامه أهمّية مضاعفة وينزع عنه الإدعاء بالإكراه على الاعتراف)، بأنّ الشبكة كانت مرتبطة بالموساد الإسرائيلي وطلبت تزويدها من إسرائيل بأسلحة متطوّرة".
وكان " مناضلا القوّات" يتخفّيان باسمين مستعرين مثل معظم رافقهما، فنعمة زيادة كان يحمل اسم "أمين نادر"، وجورج ديب يتجوّل باسم "عيسى".
وتاريخ 27 تموز/يوليو من العام 2001، هو ذكرى مقتل فادي نعمة شحود على يد قوّتين من مفرزة جونية القضائية ومفرزة زحلة القضائية في قوى الأمن الداخلي في بلدة عجلتون حيث كان يختبئ إثر تفتيشها عنه لتوقيفه باعتبار أنّه مطلوب بجملة أحكام ومذكّرات توقيف وبلاغات بحث وتحر تتعلّق بهذه الشبكة الإرهابية ولقيامه بالإتجار بالمخدرات، فهل تصدر "القوّات اللبنانية" بياناً عند اقتراب التاريخ المذكور، تستعيد فيه "أمجاد" و"بطولات" شحود، وذلك على طريقة القول المأثور"كلّ إناء ينضح بما فيه"؟.
علي الموسوي