ارشيف من :أخبار عالمية

هيكل: تقرير غولدستون ذهب إلى مجلس الأمن منزوع المخالب والأنياب

هيكل: تقرير غولدستون ذهب إلى مجلس الأمن منزوع المخالب والأنياب

تناول الكاتب المصري محمد حسنين هيكل في حديثه لجريدة "المصري اليوم" الخاصة والتي نشرت الجزء الأخير منه أمس تشخيص الواقع العربي والظروف الدولية المحيطة به والتأثير السياسي للعرب في الساحة الدولية وطريقة تفكيرهم، وأدائهم في قضايا لا يحاربون فيها وحدهم، ولا يفتقدون المتعاطفين والمؤيدين دولياً، مؤكداً أن العرب يهدرون كل شيء، ويساعدون المجرم على الهروب بأقل عقوبة ممكنة.


 وفي هذا الشأن، كشف الكاتب أن تقرير القاضي الدولي ريتشارد غولدستون بشأن جرائم الحرب "الإسرائيلية" في غزة تم إفراغه من الجزء الفاعل فيه، وقال إن العرب ارتضوا نزع مخالب التقرير وأنيابه، وإن المؤتمر الموسع للمجلس الدولي لحقوق الإنسان توصل إلى إجراءات غير التي انتهى إليها غولدستون، مؤكداً أن تقرير غولدستون لم يترك شيئاً من جرائم الحرب التي تدين "إسرائيل".

ودلل هيكل على ذلك ببعض ما ورد في التقرير الأصلي من أن ما كان مقصوداً من الحرب "الإسرائيلية" على غزة هو "تدمير مجتمع بأسره، فقد حدث قصف للمدنيين، وضُربت أهداف مدنية وتم قتل مدنيين عن عمد، وبطريقة عشوائية أحياناً، واستعمال رهائن فلسطينيين كدرع للهجوم، وتحطيم البنية الأساسية، وضرب أفراد الشرطة وتعقبهم، وحرق الأراضي والمحاصيل الزراعية، حتى مزارع الدواجن"، مضيفا أن غولدستون اقترح كشف حساب عما جرى من انتهاكات للإنسانية، وطالب بتعويضات، كما أشار إلى حدوث انتهاكات خطيرة للإنسانية، وتحدث عن الحصار وطالب بضرورة فعل شيء ما في ذلك، وتحدث أيضاً عن استعمال أسلحة غير مشروعة، وطلب تحقيقا من الأمم المتحدة في كل هذه الأمور، كما طالب بحماية المدنيين وحماية موظفي وممثلي الأمم المتحدة والمدافعين عن حقوق الإنسان في هذه اللحظة، إضافة إلى أن غولدستون رأى أن الانتهاكات التي وقعت تستوجب إخطار المحكمة الجنائية الدولية لكي تكون جاهزة لبحث هذه القضية عندما يطالبها مجلس الأمن بذلك.
 
وأكد هيكل أن العرب لم يحققوا مكاسب ملموسة وراء ما حدث في مناقشة التقرير بعكس ما حدث من تبادلهم للتهاني وحديثهم عن أنهم انتصروا، وأن التقرير انتصار للإنسانية، وقال إن هذا لم يحدث، لأن البند الأول من مشروع القرار الذي صدر اكتفى بأمور لا خلاف عليها، مثل إدانة "إسرائيل" كقوة محتلة عرقلت مهمة اللجنة في التفتيش.

وأكد هيكل أن العرب ضيعوا الفرصة بقبولهم النص الإجرائي كما صدر، مشيراً إلى أنه في الإجراءات الجديدة التي وضعها قرار مجلس حقوق الإنسان فإنه لم يرد في القرار بعد تعديله أي ذكر للمحكمة الجنائية، معتبراً أن ذلك يمثل "ضعفا" عربيا، وقال إن "إسرائيل" غير راضية عن التقرير بعد خلع أسنانه، وهذا يجسد حالة إجرامية واضحة.


وأضاف أن التقرير الأصلي كانت له مخالب "المحكمة الجنائية الدولية" وأنياب "مجلس الأمن الدولي"، وارتضى العرب بخلع أنيابه ومخالبه، فتسلمناه مؤدباً وانتهى الأمر، و"حتى لو أوقف التقرير بالفيتو الأمريكي، كنا سنكون الفائزين، فهناك فارق بين أن نتوقف لأننا يجب أن نتوقف، أو لأننا عجزنا، أو لأن أمريكا اعترضت"، موضحاً أن غولدستون لخص أزمة الشرق الأوسط في "امتناع العقاب عن أطراف معينة.. هناك طرف تصعب معاقبته وطرف لا يحاسب".

وتساءل هيكل، كيف يمكن أن يشعر قاض أنصفك في قضية كتلك بينما أنت تتخلى عن حكمه؟ وبشأن مسؤولية الرئيس الفلسطيني محمود عباس بشأن التقرير قال هيكل: "عندما نتحدث عن فلسطين، لابد أن نوضح أن لدينا طرفاً سجيناً في غزة، وطرفاً أسيراً في رام الله، وما بين الأسير والسجين كيف تكون الإرادة، وكيف يمكن لهذه الإرادة أن تعبر عن نفسها.

 هيكل تحدث عن السياسة الأمريكية تجاه المنطقة العربية مؤكدا أنه لا يوجد شيء اسمه مبادرة أوباما في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، مضيفا "نحن أمام رجل جاء في فترة أزمة أمريكية، فهو يفتقر إلى تجربة رجل الدولة، والكونغرس طرف رئيسي في رسم السياسات، والرئيس سلطة تنفيذية للسياسات التي يقرها الكونجرس، ولديه سلطة لكنه لا يستطيع أن يبتدع سياسات إلا بموافقة الكونغرس".

ودعا هيكل العرب إلى الاعتراف بـ"أن ما فات كان فشلاً" وأن يحددوا ما يريدون، ويتأكدوا من أن الطريق الذي يسيرون فيه حالياً لن يجدي نفعاً، وأن يحسبوا خسائرهم ومواردهم والتعامل حسب هذه الموارد والإمكانات والإرادة.


2009-10-23