ارشيف من :أخبار عالمية
مصر: منع قافلتين لفك الحصار عن غزة خلال شهر واحد

القاهرة ـ عمر سعيد
عادت أجهزة الدولة المصرية لأساليب القمع والارهاب في التعامل مع الحركة السياسية، فبعد أن منعت قافلة فك الحصار عن غزة الأولى الشهر الماضي، قامت يوم الاثنين 6 تشرين الاول/ أكتوبر بمنع قافلة فك الحصار عن غزة من التحرك الى رفح على الحدود مع فلسطين، واعتقلت حوالي 100 ناشط، وأودعتهم أحد معسكرات قوات الأمن الخاصة، غير المخصصة لاحتجاز المدنيين، وقامت بتعصيبهم وسحلهم وضربهم داخل الإحتجاز، ثم أفرجت عنهم بعد حوالي 20 ساعة من الاحتجاز. وكان من المقرر أن تنطلق القافلة من أمام نقابة الصحفيين المصريين في الساعة الثانية عشر ظهراً، وقد كان عدد كبير من ممثلي العمال والموظفين في المواقع العمالية التي انتفضت الشهور الأخيرة كشركة غزل المحلة وموظفو الضرائب العقارية مشاركين في القافلة، وقامت أجهزة الأمن بنشر عدد لا يقل عن 15 ألف جندي بمنطقة وسط القاهرة، منعوا عربات مترو الأنفاق من التوقف في المحطة المجاورة لمكان التجمع، طاردوا المشاركين واعتقلوا العشرات، في ذات الوقت الذي قامت فيه قوات الأمن باعتقال آخرين من مدينتي رفح والعريش على الحدود مع غزة.
المفارقة لم تقع بين رد فعل الدولة التي كانت تسمح بمرور قوافل التضامن مع الانتفاضة بين عامي 2000 و 2004 أو السماح بمرور قوافل المساعدة الانسانية القادمة من دول أخرى كالسعودية، وبين وقوفها بالمرصاد أمام القافلتين الأخيرتين. بالطبع، القضية الفلسطينية مازالت تطرح نفسها باعتبارها أعلى سلم النضالات المصرية، وهكذا تبنى عدد من القوى الاجتماعية القضية الفلسطينية في قلب نضالاتها الخاصة، فكان نضال موظفو الضرائب العقارية وعمال المحلة وعمال الاسمنت وعمال المطاحن والقضاة من أجل التضامن مع أهالي غزة المحاصرين جنباً الي جنب مع نضالهم من أجل تحسين أوضاعهم الاجتماعية.
الوضع هذه المرة يختلف عن المعركة التي خاضها السياسيون في التضامن مع الانتفاضة الفلسطينية الثانية، فاللجنة الشعبية للتضامن مع الانتفاضة الفلسطينية، التي ضمت عدد كبير من المثقفين والسياسيين المستقلين والحزبيين، عملت على مدار أربعة سنوات دون الوصول للنضالات اليومية للناس، واعتمدت بالأساس في عملها على القوى الذاتية للأحزاب المكونة للجنة ومنها علي سبيل المثال جماعة الاخوان المسلمين. هذه المرة انخرطت القضية في قلب موظفو الضرائب العقارية، 55 ألف موظف اعتصموا أمام رئاسة مجلس الوزراء في كانون الأول الماضي وانتزعوا مطالبهم، عمال المحلة 24 ألف عامل أضربوا ثلاث مرات علي مدار العامين الماضيين وانتزعوا مطالبهم أيضاً، غير عدة آلاف في شركات الأسمنت والمطاحن والقضاة، جميعهم لم تمتلك أجهزة الدولة المصرية آليات حقيقية لردع حركاتهم أو الوقوف أمام مطالبهم، فكان رد الفعل المنطقي الذي صدر منها تجاه التحركات الأخيرة للتضامن مع القضية الفلسطينية، كمحاولة لعرقلة تبنيهم الكامل للقضية الفلسطينية وطرحهم لها في مواقعهم الجماهيرية. لكن يبقى السؤال الذي يطرح نفسه، هل ستتمكن الدولة المصرية من الوقوف أمام تحركات التضامن مع الفلسطينيين بعد ان تجذرت القضية في قلب شرائح اجتماعية، لها نضالاتها اليومية التي تعتمد على قوة عشرات الآلاف من البشر؟ هذا هو بالتأكيد ما ستجاوب عليه معارك الشهور القادمة للوقوف مع الأشقاء الفلسطينيين.