ارشيف من :أخبار عالمية

20 ألف منزل مهددة عاجلا أم آجلا

20 ألف منزل مهددة عاجلا أم آجلا

تمام الساعة الخامسة والربع من فجر الثلاثاء في حي صور باهر غرب مدينة القدس، أطفال عائلة نمر ينامون بهدوء رغم الخوف المتنقل بين آبائهم، بعد دقائق فقط أصوات الآليات والجرافات "المرعبة" هدمت سكون المكان... وأخرج الأطفال بثياب نومهم من أسرتهم.

ويروي الأب نمر علي نمر، وهو رجل في الستينيات من عمره، كيف أمضى عمره في الدفاع عن كيان أسرته بالعمل الشاق وتعليم الأبناء وبناء شقق لهم ومساعدتهم على الزواج.. وكيف هدم كل ما بناه في دقائق معدودة فقط.


في فجر الثلاثاء ذاته، هدمت طواقم بلدية الاحتلال في القدس تسعة منازل مقدسية دفعة واحدة في أحياء صور باهر وجبل المكبر وضاحية السلام وشردت 75 مواطنا بينهم أكثر من 20 طفلا، وألقوا جميعا في العراء، بحجة البناء بدون ترخيص.


يقول نمر:" عشرات الجنود الإسرائيليين وطواقم الشرطة والهدم وموظفو البلدية انتشروا في محيط المنزل المكون من أربع شقق (للأب وأبنائه الثلاثة المتزوجين) وقاموا بإخراج كل من فيها من رجال وأطفال ونساء ومسنين وإلقائهم في ساحة المنزل.

محاكم وغرامات

وخلال أقل من ساعة هدم البيت كاملا، " بعد 15 عاما من المعارك القضائية في المحاكم الإسرائيلية في محاولة للحصول على ترخيص" كما يوضح صاحب المنزل.


ويضيف:" وكأن الأمر مبيت، حضروا إلى منزلنا ومنها إلى إحياء عديدة في القدس وبدؤوا حملة هدم شاملة حتى نشروا الخوف والرعب في كل المدينة".

ويؤكد نمر إنه ومنذ أعوام طويلة بدأ محاولات حثيثة لاستصدار ترخيص لمنزله من قبل بلدية الاحتلال في القدس وخاض في سبيل ذلك نضالا طويلا في المحاكم الاسرائيلية ودفع أكثر من 150 ألف شيكل غرامات بدعوى "السكن في بيت غير مرخص".. فلا هم منحوه الترخيص ولا تركوه يعيش مع أسرته في بيت آمن.. "منطقة خضراء"!

وحسب الرجل، فإن المفاجئ في قضيته أن بيته الذي منع من الترخيص يقع وسط حي مرخص بالكامل، إلا أن سلطات الاحتلال اعتبرت المنزل وساحته "منطقة خضراء" ورفضت منحه الترخيص.


وعلى أنقاض منزله، يتساءل الحاج نمر:" إذا كانت إسرائيل تريد السلام، فما هذا الذي تفعله في القدس...؟ وكيف يمكن للفلسطينيين أن يصدقوا سلام إسرائيل وهي تهدم وبيتهم وتشرد أطفالهم".


ويوجه الحاج نمر رسالة للسلطة الفلسطينية وإدارة أوباما، كما قال:" أريد أن أقول لكم من يريد السلام لا يهدم أسسه، ولا يعتبر أهل الأرض إرهابيين وهو الذي يهدم كيانهم صانع السلام!".


20 ألف منزل مهددة

وفي إطار استهداف الوجود الفلسطيني في القدس، يوضح زياد الحموري مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية أن عمليات هدم المنازل في القدس، ورغم ارتفاع وتيرتها مؤخرا، إلا أنها لم تتوقف عند حد معين خلال السنوات الأخيرة.


وينوه الحموري إلى إعلان إسرائيلي رسمي صادر عن بلدية الاحتلال في القدس قبل فترة وجيزة، يوضح أن هناك 20 ألف منزل تسلمت أوامر هدم في القدس، وحسب هذه الإعلانات "سيتم هدمها عاجلا أم آجلا".


ويرى الحموري أن هذا الإعلان يشكل سابقة خطيرة على مستوى العالم، ويأتي نتيجة شروط الاحتلال القاسية المفروضة على الناس والتي تصادر أراضيهم ولا تسمح لهم بالبناء.


وأضاف:" من الواضح أن هناك تصميم من قبل الاحتلال على تشريد الناس وإبعادهم عن مدينتهم، وإكمال سياسته وهي جزء من سياسات عامة تفرض في القدس سواء على الصعيد الديني من خلال محاولات اقتحام المسجد الأقصى مرارا خلال الأسابيع الماضية وبتخطيط مسبق من كل الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أو عن طريق استهداف البناء واعتقال الإنسان، وكل ذلك من أجل خلق وقائع جديدة في القدس".


والهدف من كل ذلك حسب الحموري، هو إيجاد واقع لا يتمكن الفلسطينيين في أي حل مستقبلي من خلال المفاوضات على المدينة المقدسة من الحصول على أي سيادة سواء سياسية أو دينية.


ويؤكد الحموري إن هدم البناء في القدس، ليس إلا صورة من هدم الوجود الفلسطيني المقدسي كاملا بذرائع واهية، فمثلا في حي البستان جنوب القدس هناك 88 بيتا مهددة بالهدم وهي مبنية منذ الفترة التي سبقت احتلال المدينة عام 67.


وحسب القانون فإن هذه المنازل وإن كانت لا تملك ترخيصا بالبناء، إلا أنها وجدت قبل الحكم الإسرائيلي على القدس وتثبت ملكيتها بالتقادم، ومع ذلك هي معرضة للهدم بسبب نية احتلالية لتغيير الطابع العربي وإقامة حدائق يهودية مكانها.


وفي صورة أكثر تقريبا للواقع الذي يواجه المقدسيين في الأشهر القليلة المتبقية من هذا العام، فإن 150 منزلا مقدسية سيتم هدمها خلال فترة بسيطة، من بين أكثر من 20 ألف أمر هدم ستنفذ في القدس.

فلسطين المحتلة- الانتقاد

2009-10-28