ارشيف من :آراء وتحليلات

فاصلة: المصالحات ستحصل على حساب من؟

فاصلة: المصالحات ستحصل على حساب من؟
كتبت ليلى نقولا الرحباني
بعد أن أقلع قطار المصالحات في لبنان بأمر من تيار المستقبل الذي اختار من يصالحهم ومن يريد ابقاء الخلاف معهم، جرت مصالحات مهمة: الاولى بين تيار المستقبل ومجموعة علي عيد في الشمال، الثانية بين حزب الله والحزب التقدمي الاشتركي، والثالثة بين حزب الله وتيار المستقبل، وهي مساهمات ستعمل على تخفيف التوتر في الشارع وإطفاء نيران الاشتباكات الامنية، وتخفف الاحتقان السياسي، اضافة الى انها تقطع الطريق على المحرضين على الفتنة السنية ـ الشيعية، التي ما زال البعض يسوّق لها منذ ما بعد اغتيال الرئيس الحريري لغاية الآن.
والمفارقة ان مصالحة حزب الله ـ المستقبل لاقت اصداءً ايجابية من قبل جميع الاطراف، بينما التفاهم بين حزب الله والتيار السلفي في لبنان جرت مهاجمته وفرضت الضغوط على السلفيين ليتراجعوا عنه. وهنا سنطرح بعض الاسئلة الجوهرية التي تتبادر الى الذهن عند رؤية مروحة المصالحات الانتقائية المتنقلة:
ـ لماذا مُنع على بعض القوى السنية من السلفيين ما هو مسموح لتيار المستقبل؟ ولماذا لا يوسع تيار المستقبل مصالحاته فتمتد الى القوى السنية المعارضة؟
ـ ألا يحتاج الحزب السوري القومي الاجتماعي الى اعتذار ومصالحة بعد المجزرة الفظيعة التي حصلت في حلبا؟
ـ لماذا لا تحصل المصالحة بين كل مكونات القوى الدرزية كما جرت بين الحزب التقدمي الاشتراكي والحزب الديمقراطي؟ ولماذا لا تشمل المصالحة قوى درزية أساسية كالوزير السابق وئام وهاب والنائب السابق فيصل الداوود؟
ـ لماذا تنجرف القوى المسيحية وراء شعار المصالحات المسيحية المسيحية فقط؟ ولماذا لا يصالحون الاطراف الاخرى من الطوائف الاسلامية؟
ـ لماذا يحصر الاشتراكي مصالحاته بالوزير أرسلان وحزب الله فقط؟ ولماذا لا يوسع مصالحاته الى الطوائف المسيحية؟
رحم الله الذين سقطوا في الحرب الاهلية وبعدها، وخلال السنين المنصرمة، ولكن ألا يمكن ان يتساءل أهل الضحايا: ما الذنب الذي اقترفه أولادنا ليقتلهم البعض من أجل مصالحهم الفئوية الضيقة؟ لماذا اختير ابناؤنا ليكونوا ضحايا "الواجب الوطني" الذي قرره البعض وحددوه بأنفسهم وكانوا الجلاد والحكم والقاضي؟ ثم في النهاية من يعوض على اهالي الضحايا فقدان اولادهم وأزواجهم؟ وهل يطلب منهم نسيانهم لمجرد ان المصالحة ستحصل؟ وما الذي يمنع اعادة عقارب الساعة الى الوراء، وإعادة القتل والترهيب، ما دام كل شيء يُطمس ويُنسى جميع الضحايا بمجرد "اعتذار اعلامي" ومصالحة فوقية.
قد يدعو البعض الى الغفران والنسيان، لكن لا شيء يمنع اعادة اقتراف الجرم اذا لم يكن هناك قانون صارم يمنع المعتدي من الاعتداء ويعاقب من اقترف جرماً. عندما تنتفي العدالة او عندما تصبح العدالة عمياء عن اقترافات المجرمين وصماء عن صرخات الضحايا وخرساء عن النطق بالحق، تسود شريعة الغاب، والقوي يأكل الضعيف باسم العفو  والمصالحة.
الانتقاد/ العدد1305 ـ 10 تشرين الاول/ اكتوبر 2008
2008-10-10