ارشيف من :أخبار عالمية
المأزق الاميركي في افغانستان وتكرار السيناريو العراقي
اسابيع مضت والبيت الابيض يشهد حركة اجتماعات ومناقشات مكثفة لم يشهدها من قبل، فالشغل الشاغل والهم الوحيد هذه الايام لاوباما وادارته هو كيفية ايجاد مخرج ملائم للمأزق الذي تتخبط فيه في افغانستان، فالرمال تتحرك تحت اقدام قواتها، والوقت لم يعد يتسع للكثير من النقاش، في وقت احتدم فيه الخلاف ما بين وجهتي نظر الاولى يتبناها ماكريستال وتنادي بضرورة ارسال 40 الف جندي اميركي اضافي الى افغانستان، والثانية يتبناها نائب اوباما جوزيف بادين ويرفض فيها زيادة عديد القوات الاميركية في افغانستان.
وفي خضم الاجتماعات الدائرة، يعتزم قادة الجيش الأمريکي اليوم تقديم توصيات للرئيس الأمريکي باراك اوباما بشأن حجم القوات والاستراتيجية في افغانستان، في اشارة الى ان المداولات التي يجريها البيت الابيض بشأن هذه المسألة تقترب من التوصل الى قرار، وان كان من غير المرجح ان يظهر هذا القرار قبل اجراء الجولة الثانية من الانتخابات الافغانية، حيث تتحفظ الادارة الاميركية عن امكانية ارسال اي قوات اميركية جديدة قبل تشكيل سلطة محلية متعاملة معها "شريك مسؤول " من خلال الانتخابات، في وقت تتوعد فيه حركة طالبات بتعطيل الانتخابات وتصعّد هجماتها على القوات الاميركية والمراكز الدولية والحكومية المحلية.
وفيما يرجح البعض ان تنحو الاستراتيجية الاميركية الجديد في افغانستان باتجاه، زيادة عديد القوات الاميركية في هذا البلد بشكل محدود وتدريب قوات الامن الافغانية من اجل تسلم المهام الامنية في المستقبل، بدأت تلوح في الافق بوادر فقدان السيطرة على الوضع في هذا البلد، خصوصا بعد الهجومين الاخيرين على مبنى ممثلية الأمم المتحدة وفندق كابول ما يعود بالذاكرة الى احلك الفترات التي مر بها العراق، ففي اب/ أغسطس عام 2003 ، جرى تفجير مقر مفوضية المنظمة الدولية في بغداد، وأسفر ذلك عن مصرع رئيس المفوضية و10 أشخاص آخرين، كاشفا عن مدى عجز قوات الاحتلال الأمريكي حينها وحجم المأزق الذي غرقت به، ما يطرح تساؤلا جوهريا جراء تشابه الاحدث والوقائع الا وهو هل يتكرر "السيناريو العراقي" في أفغانستان؟.
وفي الغوص في تفاصيل المخارج المطروحة للمأزق الافغاني، يتضح ان هناك عقبات تحول دون اقرار ما يطالب به قائد القوات الأمريکية في افغانستان الجنرال ستانلي مکريستال، ابرزها عدم اقتناع مسؤولي البيت الابيض، وخصوصا نائب الرئيس الاميركي بفكرة زيادة عديد قواته في افغانستان، وثانيها صعوبة تطبيق مثل هذا الامر، لاعتبارات عدة ابرزها ان ذلك يرتبط بمدى الالتزام الاميركي بالجدول الزمني المحدد للانسحاب من العراق.
غير ان الجنرال الاميركي ماكريستال يسعى جاهدا لفرض وجهة نظره ويحشد لها التأييد والدعم السياسي والعسكري اللازم، وفي قناعته إنه من المستحيل ربح الحرب بالاقتصار على الوسائل العسكرية.
ويعترف ماكريستال بأن لدى "طالبان" احتياطي لا ينفد لإمداد صفوفها، ويرى أن التعزيزات ضرورية كما في العراق، للارتقاء بمستوى الأمن والاستقرار بشكل عام، دون ان يمنع ذلك فيما بعد من الرهان على إعداد القوات المحلية، ونقل مهمات صيانة النظام إليها تدريجيا.
في هذا الوقت، وفيما تسعى الادارة الاميركية الى استعجال انتخابات الرئاسة في افغانستان لتامين الشريك المحلي، فقد باتت هذه الانتخابات واقعة ما بين فكي كماشة تصعيد هجمات حركة طالبان وامكانية تزوير نتائجها كما حصل في الجولة الاولى، مع تراجع حماسة الافغانيين عن المشاركة في هذه الجولة سواء لاقتناعهم بان هذه الانتخابات ليس لها الى هدف واحد وهو تنصيب رئيس تابع للادارة الاميركية وينفذ سياساتها، او جراء الخشية من التدهور الامني الحاصل.
علي عوباني
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018