ارشيف من :آراء وتحليلات

باختصار: أزمة مالية أم ديمقراطية؟؟

باختصار: أزمة مالية أم ديمقراطية؟؟
كتب محمد يونس
يكاد يجمع المحللون الاقتصاديون والاجتماعيون أن الأزمة المالية التي يعيشها العالم اليوم بسبب انهيار أسواق المال في نيويورك ليست وليدة الصدفة، وانما هي نتيجة تراكمات اجتمعت مع بعضها على مدى السنوات الماضية حتى وصلت إلى نقطة الانفجار.
ويعزون هذه التراكمات إلى طبيعة تركيبة النظام الديمقراطي الذي اخذ زمام المبادرة في السيطرة على مقدرات العالم وثرواته، وزاد تسلطا وتحكما بعد انهيار منظومة الاتحاد السوفياتي، فهذا النظام وصل إلى مرحلة لم يعد قادرا على تورية وجهه الحقيقي وراء مصطلحات وتعابير جذابة تدغدغ قلوب المقهورين والمتعطشين للحرية.
لقد تبين أن ما كان يحكم هذا النظام هو الفساد والجشع والغرور، فساد مستشر قام بتغطية العديد من المخالفات المالية الخطيرة لمصلحة عدد محدود من الناهبين اصطلح على تسميتهم بحيتان المال، وعلى حساب السواد الأعظم من الناس أصحاب الحاجات الضرورية.
جشع دفع بالقائمين على هذا النظام إلى الإيغال عميقا في المخالفات التي غالبا ما كانت تغطى من قبل الأنظمة الرأسمالية من أموال دافعي الضرائب، فكانت المساعدات تذهب إلى جيوب المخالفين إضافة ما كانوا يجنونه من وراء مخالفاتهم.
غرور أعمى قلب رأس النظام الرأسمالي العالمي فدفع بجيوشه إلى كل قرنة وزاوية في العالم حتى أصابته التخمة ليجد نفسه غير قادر على الحركة بعد أن أهدر غالبية مدّخرات العصور الذهبية لهذا النظام المادي.
يدور الآن نقاش حادّ مفاده هل ينجو العالم من هذه الأزمة؟ البعض يقول ان المسألة بحاجة إلى علاج جذري شبّهه باستخدام السلاح النووي، والبعض الآخر يقول ان العالم لن يستطيع اجتياز المحنة الحالية قبل العام 2010، لكن المهم هو أن اجتياز الأزمة الآن لن يؤدي إلى الوقوع بها مستقبلا، وهذا يتطلب الإضاءة على حقيقة الأزمة، ومتى عولجت الأسباب انتفت النتائج.
الانتقاد/ العدد1305 ـ 10 تشرين الاول/ اكتوبر 2008
2008-10-10