ارشيف من :آراء وتحليلات
نقطة حبر: نوستالجيا وردية

كتب حسن نعيم
ليس ما شهدته الدارما الرمضانية السورية في الموسم الرمضاني الآفل ـ بلغة أهل الإنتاج الدرامي ـ سوى نكوص نحو زمن نوستالجي بتنا نحن اليه في ظل هذه الحالات الحداثية التي لم تصل الى غاياتها، ولم تغادر في الوقت عينه زمانها القديم بعقليته وذهنيته وعاداته وتقاليده.
وقد برز خلال الشهر الفضيل مسلسلان في السياق هما: "باب الحارة ـ الجزء الثالث" و"أهل الراية"، وقد دخلا في ما يشبه التنافس الفعلي على تصدر ريادة الإنتاج الدرامي السوري، وبالتالي العربي، هذا العام.
وإذا كنا هنا لسنا بصدد التقويم النقدي الذي يقرأ في مدى الإخفاقات والنجاحات التي حققها كلا المسلسلين، فإنه من المفيد التوقف على الأفكار والرسائل الثقافية التي يمكن استخلاصها من خلال متابعة حلقات هذين العملين المميزين.
قدم "باب الحارة" و"أهل الراية" تلك الصورة النمطية للرجولة العربية المفعمة بالشجاعة والمروءة وقوة الشكيمة وشدة البأس وقبول التحدي بوصفه امتحان المقادير لتحقيق الذات, وهذا ما تقوله بصراحة وبلا أي مواربة أغنية "باب الحارة": "عنّا رجال زكرتية بالصبر بيتحلوا...". هذه الشخصية وإن كانت نمطية لكنها استطاعت أن تجتذب قلوب المشاهدين لما تمثله من فتوة وتمرد على الواقع البائس الذي تعيشه الطبقات الشعبية المسحوقة في العالم العربي.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن الفتوة العربية التي تابعها المشاهد في مسلسلات الدراما التاريخية البدوية الصحراوية والفانتازية التاريخية في مرحلة لاحقة، بدت أكثر واقعية وهي تظهر في الحارات الدمشقية، وإن أخذ عليها البعض افتقارها الى الجانب الموضوعي (الاجتماعي والاقتصادي والسياسي)، في سرد حكايات الحارة العربية.
أما صورة المرأة العربية في تلك الحقبة الزمنية، فإنه وعلى الرغم من كل ما قيل عن تهميش ـ إلى حد الإلغاء ـ دور المرأة، فإن الكثير من الرجال تذكروا بوافر من الحنين المرأة العربية القديمة وهي تفاخر بأنوثتها وحيائها وحشمتها وترفعها وطاعتها التي تكاد تكون عمياء لزوجها, الأمر الذي حفظ لنا الأسرة العربية متكافلة متضامنة برغم واقع الجهل والتخلف والانحطاط الذي رافق المجتمعات العربية منذ انحسر فيها دور الدين الإسلامي الحنيف.
صورة الرجل والمرأة في العملين الرمضانيين الأخيرين ليست منجزة ونهائية في مسيرة تكامل الشخصية العربية, لكنها لا تخلو من ايجابية يمكن تطويرها والعمل عليها.
الانتقاد/ العدد 1305 ـ 10 تشرين الاول/ اكتوبر 2008
ليس ما شهدته الدارما الرمضانية السورية في الموسم الرمضاني الآفل ـ بلغة أهل الإنتاج الدرامي ـ سوى نكوص نحو زمن نوستالجي بتنا نحن اليه في ظل هذه الحالات الحداثية التي لم تصل الى غاياتها، ولم تغادر في الوقت عينه زمانها القديم بعقليته وذهنيته وعاداته وتقاليده.
وقد برز خلال الشهر الفضيل مسلسلان في السياق هما: "باب الحارة ـ الجزء الثالث" و"أهل الراية"، وقد دخلا في ما يشبه التنافس الفعلي على تصدر ريادة الإنتاج الدرامي السوري، وبالتالي العربي، هذا العام.
وإذا كنا هنا لسنا بصدد التقويم النقدي الذي يقرأ في مدى الإخفاقات والنجاحات التي حققها كلا المسلسلين، فإنه من المفيد التوقف على الأفكار والرسائل الثقافية التي يمكن استخلاصها من خلال متابعة حلقات هذين العملين المميزين.
قدم "باب الحارة" و"أهل الراية" تلك الصورة النمطية للرجولة العربية المفعمة بالشجاعة والمروءة وقوة الشكيمة وشدة البأس وقبول التحدي بوصفه امتحان المقادير لتحقيق الذات, وهذا ما تقوله بصراحة وبلا أي مواربة أغنية "باب الحارة": "عنّا رجال زكرتية بالصبر بيتحلوا...". هذه الشخصية وإن كانت نمطية لكنها استطاعت أن تجتذب قلوب المشاهدين لما تمثله من فتوة وتمرد على الواقع البائس الذي تعيشه الطبقات الشعبية المسحوقة في العالم العربي.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن الفتوة العربية التي تابعها المشاهد في مسلسلات الدراما التاريخية البدوية الصحراوية والفانتازية التاريخية في مرحلة لاحقة، بدت أكثر واقعية وهي تظهر في الحارات الدمشقية، وإن أخذ عليها البعض افتقارها الى الجانب الموضوعي (الاجتماعي والاقتصادي والسياسي)، في سرد حكايات الحارة العربية.
أما صورة المرأة العربية في تلك الحقبة الزمنية، فإنه وعلى الرغم من كل ما قيل عن تهميش ـ إلى حد الإلغاء ـ دور المرأة، فإن الكثير من الرجال تذكروا بوافر من الحنين المرأة العربية القديمة وهي تفاخر بأنوثتها وحيائها وحشمتها وترفعها وطاعتها التي تكاد تكون عمياء لزوجها, الأمر الذي حفظ لنا الأسرة العربية متكافلة متضامنة برغم واقع الجهل والتخلف والانحطاط الذي رافق المجتمعات العربية منذ انحسر فيها دور الدين الإسلامي الحنيف.
صورة الرجل والمرأة في العملين الرمضانيين الأخيرين ليست منجزة ونهائية في مسيرة تكامل الشخصية العربية, لكنها لا تخلو من ايجابية يمكن تطويرها والعمل عليها.
الانتقاد/ العدد 1305 ـ 10 تشرين الاول/ اكتوبر 2008