ارشيف من :أخبار عالمية
مدير مركز مساواة لحقوق العرب في الداخل: ممارسات اليهود في عكا استمرار لمجازر كفر قاسم ويوم الأرض وشفا عمرو...

رام الله ـ ميرفت عمر
مساء الخميس 9-10-2008، وفي الساعة التاسعة والنصف تقريبا، كان العم جمال توفيق "أبو عدنان" يسير باتجاه أحد أحياء مدينة عكا الشرقية في طريقه لإحضار ابنته التي كانت في زيارة لمنزل خطيبها حيث يسكن عدد كبير من اليهود، وقبل أن يصل، كان بانتظاره حقد دفين وحجارة انهالت على سيارته تلتها ضربات على جسده بتهمة "انتهاكه حرمة صوم يوم الغفران عند اليهود" ..
يقول " أبو عدنان" : كنت اعرف أنهم يحتفلون بيوم الغفران، لكنني لم استطع ترك ابنتي تعود وحيدة في الليل لمسافة تزيد عن 3 كيلو متر مشيا.."..
الاعتداء على المواطن العكاوي جمال توفيق كان شرارة الانطلاق بالنسبة لمئات المستوطنين اليهود لبدء حملة اعتداءات ضد العرب في أنحاء مختلفة من مدينة عكا ومناطق أخرى من الجليل والمدن المختلطة التي يسكنها فلسطينيون إلى جانب مستوطنين قدموا في كثير منهم من مستعمرات الضفة الغربية وقطاع غزة المخلاة.
وحتى مساء الأحد، كانت شرطة الاحتلال الإسرائيلي قد أدت دورها كما المعهود- على أكمل وجه- في تأمين الحماية للمستوطنين المعتدين، وصب اللوم كاملا على العرب، وأشارت التقديرات إلى إصابة ما لا يقل عن 14 مواطنا عربيا بجروح وحرق ما لا يقل عن 11 منزلا عربيا على ايدي اليهود، بالإضافة إلى تكسير وتحطيم عشرات المحال التجارية العربية وإخلاء عشرات المنازل العربية من سكانها، واعتقال أكثر من خمسين أغلبهم من الفلسطينيين سكان المدينة...
مدير مركز مساواة لحقوق العرب في الداخل السيد جعفر فرح، مثله كمثل باقي من قيموا هذه الاعتداءات بحلقة مستمرة في مسلسل استهداف الوجود العربي في الداخل، ونتيجة طبيعية لثقافة التحريض التي يتبناها اليهود ضد فلسطيني الداخل.
وفي لقاء خاص بموقع "الانتقاد" الإخباري، يؤكد فرح أن ممارسات اليهود بقيادة اليمين المتطرف الإسرائيلي في عكا ليست سوى استمرارا للممارسات العنصرية التي يقوم بها المستوطنون وقوات الاحتلال على حد سواء ضد أهالي الضفة وغزة.
وفي ها اللقاء يتطرق فرح لخلفيات تصاعد الاعتداءات ضد العرب وتصاعد دعوات التحريض والطرد، إلى جانب الصورة التي يتبناها اليهودي اليوم للعربي الذي قتل أهله وشرد من تبقى منهم على مدار 60 عاما وأكثر..وهنا اللقاء مفصلا معه:
تحريض عنصري متواصل
ـ الاعتداءات اليهودية على سكان عكا هل هي وليدة عيد الغفران اليهودي؟
الاعتداءات على الفلسطينيين في الداخل مستمرة خاصة منذ بداية الانتفاضة الثانية، حيث قتل في بدايتها 13 مواطنا عربيا خلال مظاهرات أوكتوبر عام 2000، وهناك 42 مواطنا عربيا قتلوا عموما على أيدي اليهود في أحداث مختلفة منذ عام 2000، ونذكر اعتداء شفا عمرو عندما أقدم يهودي على قتل أربعة فلسطينيين برشاشه داخل حافلة، وكان هناك 9 قنابل وضعت في بيوت وسيارات ومساجد في حيفا وضعها إرهابي يهودي، وهناك تحريض عنصري على المواطنين العرب متواصل منذ 8 سنوات في محاولة لإخراجنا خارج الحياة السياسية والديموغرافية، وهي محاولة لإخراجنا من أية إمكانية للتأثير على القرار السياسي بقيادة اليمين الفاشي الإسرائيلي.
الشرطة صامتة..
ـ حسب المعلومات فإن المستوطنين الذي قادوا الاعتداءات على أهالي حيفا كانوا ممن قدموا من مستعمرات الخليل ونابلس. هل يؤشر هذا إلى تصاعد قوة المستوطنين لدرجة خروجهم عن سيطرة الأمن؟
ليس الأمر خروجا عن سيطرة الأمن في إسرائيل، فالأمن يستطيع أن يفرض الالتزام على هؤلاء لو أراد ذلك، لكن نحن لدينا صورا تبرهن على أن شرطة الاحتلال وقفت صامتة على اعتداءات اليمين الفاشي وأمام اعتداءاتهم على بيوت وممتلكات العرب في عكا. وهناك 8 عائلات عربية قامت الشرطة بإخلائها من بيوتها لأنها رفضت توفير الحماية لها من اعتداءات اليهود.
المستوطنون الذين يقودون هذه الاعتداءات عكا هم ممن أخرجوا من غزة، وخلال السنوات الثلاثة الأخيرة لطالما أطلق العرب تحذيرات من نيتهم الاعتداء عليهم بفعل التحريض بالمستمر، هؤلاء كانوا يتجولون بسلاحهم بين العرب مثلما كانوا يفعلون في نابلس والخليل. والممارسات التي يقوم بها المستوطنون في قرى الضفة الغربية اليوم خاصة في نابلس والخليل هي ذاتها التي يحاول المستوطنون ممارستها في المدن والمناطق العربية في الداخل.
وهذا أهم المخاوف التي يبديها فلسطينيو الداخل من أن أية إمكانية لإخلاء مستوطني الضفة ستأتي بأبعاد سيئة عليهم إذا ما احضر هؤلاء للسكن بينهم.
65% يدعون لطرد العرب
ـ عموما، ومن خلال معايشتكم لهذا الوضع، كيف ينظر اليهودي للإنسان الفلسطيني الذي يعيش في الداخل، خاصة في المدن المختلطة؟
الغالبية العظمى من اليهود صامتون مع دعم كبير لطرد العرب، وحسب الإحصائيات فإن هناك ما لا يقل عن 65% من اليهود يدعون إلى "ترانسفير"العرب وطردهم، ويعارضون أي نوع من التعيش معهم. هناك "جيتو"يهودي يبنى داخل إسرائيل وهناك محاولة لحصار الذات وحصار المجتمع العربي في عكا وحيفا والمدن المختلطة، هذه الأجواء السائدة الآن.
الآن يجب أن يقوم العرب باختراق هذا الحصار لمساندة العائلات العربية التي تتعرض لهجوم ليلي، وهذه مشاهد نعرفها في القدس ونابلس والخليل، وهي مشاهد من الاستعلاء العنصري تمارس على الفلسطيني أينما تواجد وتتوجب المواجهة.
هناك صمت دولي ومحلي على ما يحدث للعرب في الداخل، بينما يتمتع اليهود بدعم كبير من أعلى رأس قيادتهم. وهم يتصرفون بمنطق التحريض و"الموت للعرب"في كل المحافل حتى في أثناء تشجيعهم لفريق كرة قدم يهتفون بالموت للعرب، دون أن يعتقل أي منهم.
لن يعيد كرة القتل والطرد
ـ ردة فعل أهالي عكا الذين رفضوا هذه الاعتداءات أيضا، أليست تحمل رسالة بأن "الاضطهاد ما عاد يطاق" ؟
يجب التوضيح إننا كفلسطيني 48 مررنا بظروف أصعب مما نحن عليه اليوم، وخضنا حروب كبيرة قتل فيها منا الآلاف وهجر منا مئات الآلاف، ما يحدث الآن لن يعيد الكرة مرة أخرى، سواء بالقتل أو بالطرد، نحن باقون هنا وندرك أن لهذا البقاء ثمن، لذلك نقوم بحماية أنفسنا وتجنيد الرأي العام المحلي والدولي إلى جانبنا لنحمي وجودنا في هذا الوطن.
تعايش مزيف
ـ الآن وبعد كل هذه الممارسات العنصرية منذ سنوات طويلة، ما مدى ثقة المواطن العربي بسلطات الاحتلال وسياساته تجاهها؟
تعرضنا في القديم لمجزرة كفر قاسم عام 56 وسقط منا العشرات هناك، ثم مضينا تحت الحكم العسكري لمدة 20 عاما حتى لعام 66 وفي عام 76 وقعت أيضا مجزرة يوم الأرض في سخنين، ولم تكن أحداث اوكتوبر 2000 سوى حلقة في سلسلة متصلة من موجة التحريض ضد وجودنا، وكانت نقطة مفصلية في علاقة المواطن العربي في الداخل بالسلطات الإسرائيلية، إذ أصبحنا نستخدم من قبل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة لادعاء أن إسرائيل "دولة ديمقراطية"رغم عدائهم الواضح للوجود العربي.
نرفض التعايش المزيف والديمقراطية اليهودية المزيفة التي تهمش الفلسطيني وتفتك به كصورة متصلة بما تقوم به في الضفة وغزة معا. ونحن اليوم لدينا المكانة السياسية والديموغرافية لتغيير الأجواء السياسية، ولذلك تتصاعد هجمات اليمين الإسرائيلي المتطرف ضد الوجود العربي لإخراجنا من اللعبة السياسية، حيث أن نسبة الثلث التي تشكلها الجماهير العربية في الداخل تستطيع أن تقرر من هي الحكومة التي ستتولى الحكم في إسرائيل، وهناك محاولات منظمة لإخراج العرب من الهامش السياسي الذي يتاح لهم.
السلام لن يحمينا...
ـ ما المطلوب حاليا سواء من الجماهير العربية أو القيادات من أجل مواجهة سياسة التحريض والاعتداءات ضد الوجود العربي في الداخل؟
المطلوب حاليا أن يقف فلسطينيو الداخل بأكملهم جماهير وقيادات إلى جانب أهالي عكا، وليتوجه إلى هناك من يستطيع من أجل حماية الأهالي هناك، كي لا تتكرر مجزرة كفر قاسم التي هدفت إلى طرد أهالي تلك القرية والمثلث الجنوبي من أرضهم، والمطلوب الآن حماية أهالي عكا وتنشيط العمل في هذه المدينة ومساعدة الناس على تخطي هذه الهجمة من خلال بناء شبكات حماية للمجتمع الفلسطيني في الداخل، لأن عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية لن تحمينا كمواطنين عرب في الداخل، علينا حماية أنفسنا لأن بيوتنا ووجودنا بات مستهدفة من المستوطنين المطرودين من مستعمرات الضفة وغزة.
تمييز على كافة المستويات
ـ كيف تصف اليوم واقع المواطن الفلسطيني في الداخل من ناحية الحريات المتاحة له، وكذلك من ناحية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية التي يتلقاها؟
نحن نعاني من تمييز ممأسس على المستوى القانوني، فهناك على الأقل 35 قانون إسرائيلي يميز ضد العرب، ونعاني من تمييز اقتصادي حيث لا يتلقى العرب سوى اقل من 4% من ميزانيات التطوير، ونحن نعاني من تهميش على المستوى الإعلامي فيتم تحييدنا ن الخطاب والحوار الإعلامي الإسرائيلي ويتم تهميشنا على مختلف المستويات المحلية والدولية.
لكن القضية الأخطر التي يواجهها الفلسطينيون في الداخل هي التحريض العنصري اليومي ضدهم وصمت القيادة الإسرائيلية على هذا التحريض، والجميع يعرف أن النائب المتطرف افيغدور ليبرمان الذي دعا ويدعو دوما إلى طرد العرب وتهجيرهم من مدنهم وقراهم، كان قبل فترة قصيرة وزيرا في الحكومة الإسرائيلية.
ما حدث في عكا في نموذج مصغر عما قد يحدث في كل مدينة عربية وخاصة على أبواب انتخابات مجالس السلطات المحلية، والتحريض مستمر في يافا وحيفا واللد والرملة.