ارشيف من :آراء وتحليلات

العماد عون في طهران... الأسباب والدوافع

العماد عون في طهران... الأسباب والدوافع

ليلى نقولا الرحباني

لا شك في ان زيارة العماد عون الى طهران ستثير الكثير من التساؤلات والاتهامات على الصعيد السياسي اللبناني والعربي في ظل التجاذب الحاصل بين الدول الاقليمية الفاعلة، وما لتأثير هذه العلاقة المتوترة على اجواء وسياسات منطقة الشرق الاوسط ككل.
تأتي زيارة العماد عون الى طهران تلبية لدعوات تلقاها في وقت سابق، ولم تسنح الظروف بتلبيتها في ذلك الوقت. وقد يكون اليوم هو الوقت الانسب للزيارة ولو اخذت الكثير من الجدل والاخذ والرد، بالرغم من ان المراقبين يجزمون ان الزيارة كانت ستتعرض للكثير من التهجمات في اي وقت تمت فيه.
واذا اراد المراقب الموضوعي تحليل ابعاد الزيارة، وما يمكن ان تفيد لبنان بشكل عام، او ما يمكن التيار الوطني الحر قد اخذ في الحسبان عندما قرر رئيسه تلبية هذه الزيارة فيمكن ان نلخصها بالاسباب التالية:
- ان التأخير في الزيارة لمدة اكثر تجعل من الصعب تلبيتها على ابواب الانتخابات النيابية، اذ سينهمك الجميع بالتحضير للانتخابات ولن يكون بمقدور اعطاء الزيارة قدرها واهميتها في حمأة الضغوط الانتخابية.
- كان التيار الوطني الحر من المطالبين دوماً بالصداقة والانفتاح على جميع الدول التي تساعد لبنان في محنه الكثيرة، وفي هذا الاطار تأتي زيارة طهران وغيرها من الدول العربية والاجنبية الصديقة للبنان واجباً على كل لبناني، يرى مصلحة وطنه في الانفتاح وعدم التمحور والصداقة مع جميع الشعوب انطلاقاً من ان ثقافة اللبنانيين منذ وجد لبنان كانت ثقافة كونية انفتاحية ولم تكن يوماً ثقافة انعزالية وتقوقعية.
-  تكتسب الزيارة في هذا الوقت بالذات اهمية قصوى خاصة بعدما صحت التحذيرات السابقة التي اطلقت ودعت للتصدي لخطة التهجير الممنهج لمسيحيي المشرق، ولنا في ما يحصل في العراق وفلسطين اهمية قصوى. فبعد ان تم تهجير هائل لمسيحيي العراق خلال السنوات الخمس المنصرمة، اكدت المعلومات ان  عملية نزوح جماعي تمت خلال الاسبوع المنصرم، وان ما لا يقل عن 930 عائلة غادرت الموصل خلال يومي الجمعة والسبت، وان الهجمة التي يتعرض لها المسيحيون في العراق الان هي الأعنف منذ العام 2003 تاريخ احتلال الاميركيين للعراق.
من هنا، يبدو من الطبيعي والمنطقي ان يزور ممثل مسيحيي لبنان ـ بما لهم من اهمية استراتيجية بالنسبة لمسيحيي المشرق ـ ايران وجميع الدول الاخرى المؤمنة والعاملة على احترام التعدد والانفتاح وتلاقي الاديان والحضارات، وذلك للحؤول دون تنفيذ الخطة المعدة والمرسومة لتهجير المسيحيين من الشرق، فالعراق شاهد على ما يرتكب بحق وجود المسيحيين في الشرق، بالاضافة الى ما يحصل من تهجير منظم للمسيحيين من الاراضي المقدسة في فلسطين المحتلة، وما يروج له البعض في لبنان من "تخويف المسيحيين من سلاح المقاومة" ومحاولة وضعهم في مواجهة مباشرة معها، في حين ان جميع القوى السياسية والطوائف الاخرى تقوم بسياسة مد الجسور والتلاقي معها والاعتراف بأهميتها وضرورتها لحماية لبنان من العدو الاسرائيلي.
ان زيارة العماد عون الى طهران، تأتي من ضمن خيارات التيار الوطني الحر الاستراتيجية بدعوة المسيحيين اللبنانيين ومسيحيي المشرق بشكل عام للانفتاح والصداقة مع جميع الدول الفاعلة في النظام الاقليمي، والصديقة للبنان والداعمة لسيادته، وهي خيارات تنفي ما يحاول البعض دفع المسيحيين اليه، وهو القيام بمهمة "الحروب بالوكالة"، او دعوتهم للالتحاق بالمشروع الغربي مهما كانت نتائجه على امتهم، وبالتالي عليهم هم كجزء اصيل لا يتجزأ من هذه الامة.
الانتقاد/ العدد 1306 ـ 14 تشرين الاول/ اكتوبر 2008

2008-10-14