ارشيف من :أخبار عالمية
خاص الانتقاد.نت: بعد التراجع الاميركي عن شرط الاستيطان هل تقدم السلطة الفلسطينية على التراجع مجددا
يحق للاسرائيليين ان يعلنوا عن "سعادتهم" بأنهم استطاعوا ان "يجروا" الاميركيين الى جانبهم، هذه المرة ايضا، بعد ان اتخذت واشنطن موقفا تراجعيا فيما خص شرط وقف الاستيطان للبدء بالمفاوضات مع الفلسطينيين، واعتباره شرطا غير لازم للبدء بها. كما يحق لفلسطينيي السلطة ان يذوقوا طعم "المرارة" بعد ان تجرّعوا كأس الخيبة من على مائدة الادارة الاميركية، لوضع كل رهاناتهم عليها، نتيجة لإفقادهم انفسهم لمقدرات القوة كانوا يملكونها.
ردا على التحول الاميركي، تبارت "رجالات" السلطة الفلسطينية، وفي مقدمهم رئيس السلطة محمود عباس، على "استنكار" هذا التحول، اذ قال عباس انه يرفض "جملة وتفصيلا" استئناف المفاوضات مع اسرائيل قبل وقف الاستيطان في الضفة الغربية، مشيرا الى ان "السلام لا بد ان تتوفر مستلزماته وقبل كل شيء الوقف الكامل للاستيطان".. وفي وقت لاحق نقلت عنه وسائل اعلامية قوله ان "الوقت قصير جدا لإحداث تغيير الاتجاه السلبي لعملية السلام"، وشدد على ان "الأمل معقود على زيارة وزيرة الخارجية الأميركية إلى المنطقة، وخاصة محادثاتها في إسرائيل في أن تؤدي إلى فتح ثغرة في الطريق المسدود"، وقال ايضا انه يعطي رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو "فرصة لا تزيد عن أسبوعين أو ثلاثة كي يحصل شيء ما خلالها".
هل يعني ذلك ان السلطة الفلسطينية "شمرت" عن ساعديها وقررت بالفعل ان تواجه التحول الاميركي باستخدام كل وسائل الضغط الموجودة لديها لتجبرهم على العودة الى مواقفهم السابقة، او تجبر الاسرائيليين انفسهم على الرضوخ لمطالبها.. لا يبدو ان السلطة قد ابقت على اي من وسائل الضغط لديها كي تستطيع القيام بذلك، وبأدنى منه ايضا، بعد ان وضعت كل آمالها وتطلعاتها في سلة الاسرائيليين والاميركيين، الذين يتركون لها "فتات الولائم" ـ هذا إن تركوا ـ، وهذا هو مصير طبيعي لمن يتآمر على شعبه ومقاومته، ويستبسل في محاصرتها، فاقدا كل وسيلة ومقدرة لديه.
في التحول الاميركي يمكن الاشارة الى التالي:
استطاع عناد نتنياهو و"صبره" ان يتسبب في تغيير الموقف الاميركي، الذي بدا في الاشهر الاخيرة صلبا وغير قابل للرجوع عنه.. يشتهر عن نتنياهو قوله فيما مضى ان "العرب عموما يقبلون بكل ما يشترط عليهم، فهم غير قادرين على التحرك، وما يعرض عليهم الان ويرفضونه، سوف يطالبون به لاحقا، بعد ان ترفضه اسرائيل".
انتقلت "تهمة عرقلة" المفاوضات والبدء بها، من الاسرائيليين الى الفلسطينيين، اذ لم يعد نتنياهو ورفضه المتواصل لكل موجبات الحد الادنى للبدء بالمفاوضات، كما تطرفه ويمينيته ولاءاته المشهورة، هي السبب التي تعرقل المفاوضات. بل اصبح لدى اسرائيل الان رافعة جيدة لابتزاز السلطة في اكثر من اتجاه وفي اكثر من ملف عالق، ومن بينها ملف تقرير غولدستون، خاصة ان التراجع المقدر، ولدى البعض شبه المحتوم، لمحمود عباس ورضوخه للاملاء الاميركي بعدم اشتراط وقف الاستيطان، يحتاج بالفعل الى "عطاء اسرائيلي ما"، يتيح له النزول عن "عنتريات" اعلامية قام بها اخيرا، ومن بينها امهال نتنياهو ثلاثة اسابيع، ورفضه جملة وتفصيلا مفاوضات لا يسبقها "رضوخ" اسرائيلي لشرط وقف الاستيطان.
رغم ان الرضوخ المقدر لابو مازن سيتسبب له بأزمة داخلية، وسيفقده مزيدا من بقايا الشرعية التي يملكها كرئيس للسلطة، باعتباره رئيسا غير منتخب (رئيس منتهية ولايته)، ورغم ان بعض التأييد الذي يملكه لدى فلسطينيي الضفة الغربية سيتضعضع، الا انه سوف يمتثل للارادة الاميركية، قياسا على مواقفه السابقة، وقياسا على واقعة غولدستون..
يتوقع ايضا ان يقدم الاميركيون والاسرائيليون على حد سواء، على تقديم ما "يعوض" لابو مازن، او ما يسميه الاسرائيليون تعزيز مكانته لدى الفلسطينيين، وهو مطلب اميركي ملح في المرحلة الحالية.. قد يكون هذا التعويض على شاكلة اطلاق عدد من الاسرى الفلسطينيين (عادة يكونون على وشك الافراج عنهم ومعظمهم جنائيين)، او رفع حواجز ما مفروضة على مدن وبلدات الضفة الغربية، او تمرير اموال فلسطينية مصادرة من قبل اسرائيل.. وغيرها من المواضيع التي تعتبر في الجوهر فارغة، ولا تعادل التراجع والتنازل المقدر ان يقدم عليه عباس.
"الانتقاد.نت" - حسان ابراهيم
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018