ارشيف من :أخبار عالمية

عام على حكم حماس.. إيال زيسر

عام على حكم حماس.. إيال زيسر
مركز الأمن القومي (جافي سابقاً) الصهيوني للدراسات

إيال زيسر ، خبير اسرائيلي في الشؤون السورية واللبنانية

مر هذا الأسبوع عام على سيطرة حماس على غزة. بعد مرور عام على الانقلاب الذي وضع هذه الحركة في السلطة يمكن لعناصر حماس إلقاء نظرة إلى الوراء برضا كبير.
صحيح أن القطاع تحت الحصار الاقتصادي والإغلاق، وشبه انهيار تام للاقتصاد والأعمال التجارية تراجعت منذ زمن. ومع كل ذلك، التأييد لحركة حماس وسط سكان القطاع لا يزال في ذروته. أكثر من ذلك، نجحت حماس في الاختبار وأثبتت أنه يمكن الصمود لوقت طويل، على الرغم من كل الصعوبات التي تواجهها، حكم فعال، نظافة يد، التزام بالصراع حتى إبادة إسرائيل وعدم استعداد للتسوية.
لا تزال إسرائيل إلى الآن مترددة بين التصعيد إلى حد إعلان الحرب على سلطة حماس في القطاع وبين تحقيق الهدوء الذي يسمح لحركة حماس بالتمركز وتعزيز سلطتها وكذلك اكتسابها للشرعية الإقليمية والدولية. في الوقت الحالي يخوض الجيش الإسرائيلي صراعا مرتبكا وغير واضح ضد حماس، يدفع ثمنه بشكل خاص سكان منطقة "غلاف غزة" الموجودون تحت سقوط قذائف الهاون وصواريخ القسام دون توقف.
إنه صراع مرتبك وغير واضح لأنه لا يوجد فيه تواصل، ولا يُظهر الحزم، وبشكل خاص لا يوجد من ورائه هدف واضح يحدده المستوى السياسي للمستوى العسكري. في وضع كهذا فلا عجب أن ضباط الجيش الإسرائيلي لا يعلمون ما هو متوقع ومطلوب منهم، فهل هو القضاء على سلطة حماس، أو وقف إطلاق صواريخ القسام من القطاع، أو ربما فقط الحفاظ على الوضع القائم: إسرائيل تواصل ارتكاب الأخطاء.
في نظرة إلى الماضي، يمكن أن نشير إلى الأخطاء التالية في طريق إسرائيل الى الحائط المسدود الموجودة فيه اليوم في مقابل تحدي حماس:
أولا: التسليم بإطلاق صورايخ القسام وقذائف الهاون بعد استكمال فك الارتباط عن غزة في صيف العام 2005، وذلك على الرغم من التصريحات العالية النبرة للمتحدثين الإسرائيليين، ومن بينهم أيضا رئيس الحكومة السابق آرييل شارون، بان إسرائيل لن تسمح بعد أن أنهت فك الارتباط عن غزة باستمرار الإرهاب ضدها من القطاع، لكن إسرائيل أظهرت الضعف مقابل استئناف الأعمال الإرهابية من القطاع؛ وبذلك سلمت عمليا بالوقائع التي تكونت على الحدود مع القطاع.
بهذا الخصوص من غير الممكن أن لا نذكر زلات اللسان التي صدرت عن رئيس الأركان حينها شاؤول موفاز، عشية الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان في أيار العام 2000 والتي تقول إن إسرائيل سترد بشدة على أي إطلاق نار من الجانب اللبناني على الحدود. وكما هو معروف هاجم حزب الله إسرائيل في تشرين الأول العام 2000 ولم يأت من الجانب الإسرائيلي أي رد، والباقي نعرفه.


ستتحقق تهدئة
تسمح لحماس
في تركيز سلطتها
وبشكل خاص
تنظيم قواتها
وتطوير
ترسانة الصواريخ
التي بحوزتها


ثانيا: السماح لحماس أن تتنافس في الانتخابات على السلطة الفلسطينية في أيار من العام 2006. هذه المشاركة كانت مخالفة تماما للاتفاقيات الواضحة التي وقعت عليها إسرائيل والسلطة الفلسطينية والتي كانت الولايات المتحدة راعية لها. يكفي أن حماس رفضت الموافقة عشية الانتخابات على اتفاق أوسلو ورفضت أيضا التخلي عن الإرهاب، كما تُلزم الاتفاقات التي وقعت عليها إسرائيل والسلطة الفلسطينية.
استعداد إسرائيل لتجاهل خرق الاتفاق الموقع على أمل، أو لعله في ظل وهم، أن منظمة فتح ستفوز بالانتخابات أدت في نهاية الأمر إلى سيطرة حماس على القطاع.
ثالثا: التسليم بتشكيل حكومة وحدة فلسطينية بريادة وانتصار حماس. وبذلك منحت المنظمة الشرعية الإضافية التي هي بحاجة لها مثل الهواء للتنفس، والسماح لها بالاستعداد للسيطرة على القطاع.
وفي النهاية رابعا، التسليم بسيطرة حركة حماس المسلحة على قطاع غزة. التكتيك الذي تبنته إسرائيل مقابل سيطرة حماس كان فرض الحصار الاقتصادي على قطاع غزة. يوجد لهذا الحصار أفضلية دامغة لكن الأمر يتعلق بأسلوب عمل يلزم وقت وصبر، والأخطر من ذلك أنه لا يعطي جوابا مباشرا وفوريا على إطلاق صواريخ القسام من القطاع من قبل حماس.
نتجاهل الأمر أيضا عندما يطلقون النار على مستوطنة "كريات غت".
العنوان مكتوب على الحائط، في الوقت القريب ستتحقق تهدئة تسمح لحماس في تركيز سلطتها وبشكل خاص تنظيم قواتها وتطوير ترسانة الصواريخ التي بحوزتها.
يبدو أن من تجاهل إطلاق الصواريخ على سديروت، أضف إلى ذلك إطلاق الصواريخ على عسقلان، من الممكن أن يتجاهل الامر أيضا إذا أطلقت حماس الصواريخ على "أشدود" و"كريات غت"، ومن يعلم، ربما أيضا من الشمال.
إسرائيل تنتفض على الواقع الذي نما فيه على حدودها الجنوبية كيان عدائي غير معني بعملية السلام وبالصلح التاريخي بين الإسرائيليين والفلسطينيين. هذا الكيان مستعد للتهدئة مقابل إسرائيل، لكن مثل الهدوء (أو ربما من الأفضل تسميتها تهدئة)، السائد على الحدود الشمالية لإسرائيل مع توأم حماس، وهي منظمة حزب الله، يبدو أنه في هذه الحالة أيضا الأمر يتعلق بتهدئة مؤقتة لا تؤدي بإسرائيل والمنطقة كلها إلى أي مكان ايجابي.


ترجمة خاصة عن الإنكليزية لـ "الانتقاد.نت"
علي شهاب
2008-06-23