ارشيف من :أخبار عالمية

المأزق الاميركي في افغانستان

المأزق الاميركي في افغانستان

أرخت الحرب على أفغانستان بظلالها على السياسة الاميركية وعلى الرئيس "باراك اوباما" بعد فشل استراتيجيته المتبعة هناك وازدياد المعارضين للسياسة التي يدير بها الحرب.

هذه الحرب التي تخوضها الولايات المتحدة منذ ثماني سنوات، ربما ستؤدي الى الاطاحة بـ"اوباما" ان لم تستطع قواته المحتلة تحقيق "نصر خاطف وسريع"، خاصة وان الخسائر المتزايدة في صفوف القوات الاميركية وتعرض آلياتها العسكرية البرية والجوية الى الهجمات المباشرة من قبل عناصر "طالبان"، ما اضطر "اوباما" الى الاعتراف، وفي اكثر من مناسبة، بصعوبة انجاز المهمة في افغانستان وان "النصر" يحتاج الى المزيد من الصبر ودعم الحلفاء في الناتو.

ما يحدث الآن في‮ ‬أفغانستان من هجومات متطورة من قبل "طالبان" وارتفاع حصيلة القتلى في‮ ‬صفوف القوات الأمريكية وقوات الناتو والخسائر المتزايدة مادياً‮ ‬وبشرياً‮ ‬يشكل كارثة لها، فالاوضاع تزداد توتراً‮ ‬وتعقيداً‮ ‬أمنياً‮ ‬وسياسياً‮ ‬وعسكرياً‮ ‬بعد فشل الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الأفغانية التي‮ ‬جرت في‮ ‬العشرين من شهر آب/اغسطس‮ ‬الماضي‮، ‬وما كشف النقاب عنه من عمليات تزوير كبيرة اثرت على سير الانتخابات بهدف ترجيح كفة الرئيس الحالي‮ "‬حامد كرزاي‮" ‬على حساب منافسه ‬البشتوني‮ ‬"عبدالله عبدالله"‮.

من جهة ثانية، تؤكد مصادر عسكرية في حلف "الناتو" ان ‬وضع هذه القوات في‮ ‬مناطق النزاع في‮ ‬الجنوب وعلى الحدود مع باكستان وحتى في‮ ‬العاصمة كابول اصبح ‬دفاعياً،ً‮ ‬وأن التحركات الميدانية لـ"الناتو" محفوفة بالمخاطر، ولفتت المصادر الى ان طالبان تتلقى دعما خارجيا، الامر الذي يساعدها على اعادة تنظيم صفوفها والحاق الخسائر في صفوف القوات الاميركية وقوات "الناتو".

وفيما خص استراتيجية "اوباما" في افغانستان، اعتبرت المصادر انه لا يمكن نجاح هذه الاستراتيجية دون "تقديم تضحيات" وأن التوقف عن دعم هذه الاستراتيجية أو سحبها سيعني‮ ‬ارتفاع الخسائر المادية والبشرية في‮ ‬صفوف قوات "التحالف"‮.

وحول الدعوات التي‮ ‬يطلقها وزراء "الدفاع" في بعض الدول الأعضاء في‮ ‬الناتو عن ضرورة تسليم المهام القتالية إلى القوات الأفغانية، وأن تكتفي‮ ‬قوات الناتو بتدريب هذه القوات لفتت المصادر الى ان الامر غير ممكن لعدم جهوزية القوات الافغانية وعدم قدرتها على مواجهة عناصر "القاعدة" و"طالبان".

وقد توصلت المصادر عينها الى هذه النتيجة من خلال مقارنة بسيطة تقوم على اساس انه اذا كان الناتو غير قادر على هزيمة طالبان فكيف بالحريّ سيكون وضع القوات الافغانية المحدودة الاماكانات.

ومن جهة ثانية، يوجه "اوباما" معارضة شديدة بشأن إرسال مزيد من القوات الاميركية الى أفغانستان بناء على طلب قائد القوات الاميركية وقوات الناتو.

بالاضافة الى ذلك، تشهد الادارة الاميركية تضاربا بشأن السلطة المخولة اتخاذ القرارات المصيرية حول الحرب على افغانستان، فقائد قوات الاميركية في افغانستان يرى انه هو المرجعية الرئيسية لاتخاذ القرارت في هذه الحرب، وان على الادارة الاميركية تنفيذ مقترحاته دون تأخير، وان قوات الناتو يجب ان تخضع لسيطرته وتوجهاته الميدانية، وان لا يكون هناك قيادتان منفصلتان تربكان الخطط الموضوعة لإدارة ما أسماه الصراع.
وهنا لا بد من الاشارة الى ان اوباما يواجه كل ميراث سياسة الادارة الاميركية السابقة التي اعلنت الحرب على افغانستان عام 2001 بعد احداث 11 ايلول/ سبتمبر.

ويعترف أوباما نفسه إن الخبرة تنقصه في‮ ‬إدارة الحروب والمهام العسكرية، ولكن منتقديه‮ ‬يقولون أن التساهل تجاه الصراع في‮ ‬أفغانستان وعدم حسم المعركة هناك سريعاً‮ ‬سيعرض وحدة الاتحاد الأمريكي‮ ‬وحلف الناتو نفسهما إلى الخطر. وبصورة ما بدأ "أوباما‮" ‬يدرك المخاطر وهذا ما سيدفعه إلى إرسال المزيد من القوات إلى أفغانستان رغم حملة المعارضات ضده.‬


وعلى أية حال‮، يبدو أن باب ‬الفرصة المتاحة أمام "أوباما" لإدارة حرب أفغانستان‮ باستراتيجيا جديدة ‬لن يستمر مفتوحاً لمدة طويلة،‮ ‬ما لم‮ ‬يثبت أن هذه الاستراتيجية تهدف الى‮ ‬تقوية الولايات المتحدة وتحافظ على وحدة الصف داخل حلف الناتو لا إضعافهما، ويرى العديد من الساسة الأمريكيين المعارضين للحرب أن استمرارها سيرهق الولايات المتحدة على الصعدة كافة، من السياسة حتى الاقتصاد ولكن‮ ‬يظل الأهم هو الحفاظ على‮ (‬البيت الأمريكي‮ ‬المشترك‮) ‬ذلك البيت الذي‮ ‬يتعرض الآن للهدم وهو أمر ليس‮ ‬سهلاً‮ ‬على الإطلاق‮!!.‬

المحرر الدولي

2009-11-10