ارشيف من :آراء وتحليلات
خلف القناع: من عكا للقدس سلام

كتب مطفى خازم
تنبسط الأراضي الفلسطينية المحتلة أمام الناظر من رأس الناقورة جنوباً، متداخلة مع مياه البحر على شاطىء حيفا، وترتفع مع الجبل لتعود سهلاً يغوص خليجاً في الماء، كاشفاً أسوار مدينة عرّفها التاريخ أنها قاهرة الغزاة.
هي مدينة مر عليها "عابرون" كثر، ولن يكون الصهاينة أقوى من غيرهم عليها.
تاريخية في مقاومتها التي أذلت الكثيرين على أسوارها، حتى باتت مضرب مثل: "ما هم عكا من هدير البحر".
من فوق أسوارها رمى قائد جيوش نابليون بونابرت الفرنسية قبعته، إشارة إلى الهزيمة بعدما فشل في اقتحامها برغم كل "انتصاراته" في مصر وأطراف فلسطين.
عكا بالأمس أعادت التاريخ بشهادة الصهاينة أنفسهم. فعلى ما روى أحد الصحافيين الصهاينة في مقالة له اليوم، انه "بمجرد تطور الأحداث علا صوت المؤذن ناخياً أبناء المدينة للدفاع عن أحد البيوت الذي حاصرته الشرطة، وارتفع صوت الأذان مجدداً، وما هي إلا دقائق حتى كانت السيارات تنقل "المتطوعين" إلى المنطقة، ذهاباً وإياباً، حتى غدت المنطقة أشبه بساحة المعركة لحظة وصول الإمدادات".
هم أهل فلسطين، "الخط الأخضر" أو "أراضي 48" لا فرق في التسمية، هم فلسطينيون يقفون جسداً واحداً ولو باللحم العاري لمواجهة العدو.
كيف لا ونكبات أهل فلسطين لا تزال أمام أعينهم، من التهجير والقتل والذبح، من أجل إفراغ الأرض وتثبيت مقولة أنها بلا شعب، ليأتي المستوطنون إليها مرتاحين!
في تلك الليلة لم يبت الصهاينة مرتاحين، فقد أقفلوا أبوابهم عليهم واختفوا في أكثر الأماكن "أمناً" فيها، من أجل حماية أرواحهم، فيما الفلسطيني يجول بقبضته فقط، وربما حمل البعض سكيناً، للدفاع عن نفسه وأرضه وعرضه.
ومهما حصل، فلقد كان الخيار واحداً، مقاومة.
معضلة جديدة سيحاول الصهاينة كثيرا فك شفرتها، ولن ينجحوا برغم كل ما فعلوه، من هويات زرقاء وعضوية كنيست وإغراءات مالية.
"العكاوي" لن يكون اسرائيلياً، بل سيبقى عربياً فلسطينياً، شاء من شاء وأبى من أبى.. وعند النزال يظهر الرجال.
سيبقى يصنع سفينته بانتظار الطوفان الآتي، وسيركبها ليعود إلى بحر غزة وبيارات الليمون في يافا و"مكاريو" الجليل، محملين بـ"زيت" شجرة الزيتون الذي آن أوان قطافه و"عصره"، إلى بيت المقدس ليشعلوا قناديله، مهما ادلهم ليل العرب.
وستبقى عكا منارة الدرب نحو التحرير الكامل.
عكا لا تخاف هدير البحر، وهي بالتأكيد لن تخاف مستوطني الكيان الأوهن من بيت العنكبوت.
معركة في حي كانت بالأمس، وكانت النموذج. غداً سيشتعل كل التراب تحت أقدام المستعمرين، والأيام القادمة ستخبر كامل الراوية، من عكا إلى يافا إلى حيفا. وللقدس سلام.
الانتقاد/ العدد 1307 ـ 17 تشرين الأول/ اكتوبر 2008