ارشيف من :أخبار عالمية
الصروح الإعلامية المقاومة تصاب برصاص الاعتدال العربي
الانتقاد.نت ـ نادر عز الدين
من منا لا يذكر كيف مُنعت قناة "المنار" من البثِّ على القمر الصناعي الأوروبي "هوت بيرد" عام 2004 في سابقة شكلت آنذاك ضربة كبيرة لحرية التعبير التي تتباهى بها دول الغرب بتهمة ما يسمى بالعداء للسامية عبر بث مسلسل "الشتات" الذي تناول قضية الشتات الفلسطينية.
| - إدارة الـ"نيل سات": "جهات عليا هي التي أخذت القرار ولا يسعنا إلا تنفيذه" |
ومن سينسى الصواريخ الذكية الأمريكية التي انهالت علينا كأمطار الشتاء في حرّ تموز 2006 فعصفت بوسائل إعلام المقاومة ولم تُبقِ فيها حجراً على آخر في ظل صمت عربي ودولي مريب ان لم نقل تواطؤ عالمي.
من منا لا يذكر التهديد الذي تلقته منذ عام تقريباً قناتا "الأقصى" التابعة لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" و"الرحمة" المصرية، بإيقافهما عن البثِّ على القمر الصناعي الأوروبي نفسه، ومن استعمال أي قمر صناعي أوروبي آخر، أو العمل فى أوروبا والبث عبر أية شبكة اتصالات أوروبية. مرة أخرى كانت الجهة المهددة هي نفسها والقانون المهدد به هو ذاك الذي حمل اسم "المنار".
بعد ان استعرضنا غيضا من فيض الاستهداف الصهيوني الامريكي الاوروبي للمقاومة، ها هي فصول نكسات الإعلام الحر المقاوم تعاود فتح صفحاتها من جديد.
ولكن هذه المرّة للاستهداف نكهة خاصة تحمل في طياتها رسائل متعددة الاتجاهات والاوجه، ففي سابقة لا مثيل لها تقرر وقف بث قناة "العالم" الإخبارية الإيرانية الداعمة للمقاومة على القمر الصناعي المصري "نايل سات" وقمر "عرب سات".
فيصل عبد الساتر مدير العلاقات العامة لقناة "العالم" في بيروت أكد لموقعنا أن "هذه الخطوة حصلت من دون إشعار مسبق، وأن ادارة القناة اعتقدت في البداية أن هناك عطلاً فنيا ما قد طرأ" ولكن سرعان ما انكشف المستور، معتبراً "ان هذه الخطوة غير مبررة وهي سابقة على مستوى الفضاء لم نشهد لها مثيلاً".
|
- عبد الساتر: هذا تدبير انتقامي وقناة العالم لن تحيد عن حرية التعبير
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ لماذا لم تتخذ إجراءات بحق قناة العربية التي تمارس التحريض والشتم والدس؟ |
وبعد ربط كلام عبد الساتر مع معلومات صحيفة الوطن السعودية التي نقلت عن مصادر سياسية قولها ان خطة وقف بث قناة "العالم" كانت متوقعة منذ زمن بعيد، لا سيما أن "القناة الإيرانية" قد اتخذت في الآونة الأخيرة خطاً معادياً للسعودية ومصر، وشنت حملة إعلامية منظمة ضد البلدين، وأن اجتماعاً قد عقد في الرياض منتصف هذا الاسبوع بمشاركة وزراء إعلام مصر والسعودية والبحرين والإمارات والأردن والسلطة الفلسطينية، تقرر فيه ايقاف بث قناة العالم على القمرين العربيين، يمكن لأي قارىء أن يستنتج من هي "الجهات العليا" التي صدر عنها هذا القرار ومن هو الرأس المدبر لمؤامرة إسكات من يجرؤ على القول لا للتطبيع و لا للاستسلام.
هذا ويبدي عبد الساتر لموقعنا استغرابه الشديد من التوقيت الدقيق لهذا القرار سائلاً: "كيف يؤخذ قرار كهذا بالتزامن مع الحملة الصهيونية على حزب الله وايران؟".
سؤال في مكانه خاصة بعد الحملة الأمريكية الصهيونية المبرمجة التي بدأت في الانتخابات الإيرانية. انتقلت الحملة بعدها إلى جنوب لبنان وتحديداً إلى خربة سلم، ومنها إلى الأكذوبة الإسرائيلية بنقل حزب الله لصواريخ من "طيرفلسيه" حيث شاركت حينها فرق "الزفة" المتنقلة من فضائية عربية الى اخرى في المسرحية الصهيونية، لا بل تبنت كل ما يقوله العدو كما جرت العادة. ثم طالعونا بقصة الصواريخ اليتيمة التي انطلقت من حولا باتجاه الأراضي المحتلة.. قبل أن تحط هذه الحملة رحالها في المياه الاقليمية برواية عن باخرة محملة بمئات الاطنان من الاسلحة التي ارسلتها ايران الى حزب الله.
تابع عبد الساتر كلامه مؤكداً أن "هذا القرار هو قرار سياسي بامتياز، وليس له علاقة بالأصول المهنية"، وأن "ادارة تلفزيون "العالم" بانتظار ما ستؤول اليه الأمور، والمباحثات مستمرة مع إدارتي القمرين الصناعيين".
|
- نصرالله: ما اخشاه ان يكون هذا الإجراء مقدمة لخطوات لاحقة وأن يترك انعكاسات سلبية على المحطات الإعلامية الأخرى
|
من جهته وصف مدير المركز الدولي للاعلام والدراسات في بيروت الإعلامي رفيق نصرالله خطوة ايقاف قناة العالم عن البث عبر "عرب سات" و"نيل سات" بـ"الخطوة الخطيرة" التي تهدف إلى "إلقاء القبض على الفضاء".
وفي حديثه لـ"الانتقاد.نت" رأى نصرالله أن هذا القرار "يشكل انذاراً مبكرا للعديد من المحطات التي تتبع سياسة معادية للدول التي تسمى بدول الاعتدال العربي". وتابع "ما اخشاه ان يكون هذا الإجراء مقدمة لخطوات لاحقة، وأن يترك انعكاسات سلبية على المحطات الإعلامية الأخرى"، مشيراً إلى أن القرار يهدف إلى "ممارسة ضغوط سياسية على هذه الجهة او تلك، "وأن السكوت عنه جريمة بحق الإعلام الحر و"يجب ان يواجه بموقف جريء".
إذاً فعل الإسكات انتقل هذه المرة من العدو الإسرائيلي الى "العرب المعتدلين"، فحبسوا هواء الفضاء من جديد عن صرح مقاوم لم يستطع مدى الصواريخ الإسرائيلية أن يطاله.
لم يفاجئنا الأمر.. فلِمَ ستفاجئنا خطوة كهذه، وقد اعتدنا أن نرى الأنظمة العربية تسكت كل من يجرؤ ويحاول أن يتنفس الحرية من الشعوب العربية المقهورة.
بربكم كيف تلومون حكام العرب على فعل كهذا؟! ألم تسمعوا بمجازر العدوان على غزة يوماً؟! ألم تروا يومها كيف أغلقت المعابر والمنافذ؟! ألم تسمعوا بإدانة المقاومة الفلسطينية من الأنظمة نفسها؟! ألم تشاهدوا "عمرو أديب" وأمثاله من الأبواق الإعلامية لأنظمة الاستسلام العربي كيف انكبوا لمهاجمة سيد المقاومة وقائدها، وكيف دافعوا بشراسة عن حق العدو الصهيوني بالرد على ما أسموه "مغامرات حماس"؟! ألم تهدد المنار يومها بإيقاف بثها عبر الـ"نيل سات" لمجرد أنها نقلت الصورة الحقيقية لمجريات العدوان على أهلنا في فلسطين المحتلة؟!
باخنصار وبلا مواربة يمكننا القول ان الإناء ينضح بما فيه، وإن من يمارس نظام القمع الإعلامي بحجج واهية، ما هو إلا بخائف ومذعور من إيصال صوت المقاومة إلى شعبه، لأنه يعرف تمام المعرفة في قرارة نفسه أين هو الحق ومن هو المحق، وأن الشعوب العربية ان كتب لها الاستيقاظ من سباتها فلن تبقي ملكاً على عرش ولا فرعوناً يتفرعن على الخلق والعباد.
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018