ارشيف من :أخبار عالمية

تراجع العام سام أمام المارد الأصفر: الإقتصاد الاميركي يتحول إلى رهينة للإقتصاد الصيني

تراجع العام سام أمام المارد الأصفر: الإقتصاد الاميركي يتحول إلى رهينة للإقتصاد الصيني


لم يعد بامكان واشنطن إملاء شروطها على بكين أو القاء محاضراتها على الصينيين في حقوق الإنسان أو فرض إجراءات إقتصادية لجعل العملة الصينية مرتبطة بالدولار لأن الأحداث الاقتصادية التي عصفت بعد الازمة المالية العالمية دفعت بالرئيس الاميركي باراك أوباما، إلى لعب دور المَدين المثقل بديونه الذي يزور دائناً طالباً قرضاً آخر.

زيارة اوباما إلى الصين وجولته على النمور الآسيوية الآخرى التي اتت بعد اكثر من سنة على الازمة المالية العالمية، أوضحت بشكل فاقع إلى أي مدى تعتمد الولايات المتحدة على الدائنين الأجانب الذين يتزعمهم المارد الأصفر.

وأبرزت الأزمة أيضاً التراجع النسبي للغرب الذي تشكل الولايات المتحدة عماده والمرتكز الاول له من جهة، والنهوض النسبي لآسيا التي تشكل الصين محوراً اساسياً ومركزاً هاماً لها.

الصين التي عدت فقيرةٍ وتعصف بها بعض التناقضات الداخلية، القومية والإثنية ، ينظر اليها أوباما بعين الحاجة عندما قال من اليابان: "أحد أهم الدروس التي علمتنا إياها هذه الأزمة هو الاعتماد بشكل أساسي على الصينين لتحريك النمو".

لكن توسلات اوباما لتصحيح الاختلالات العالمية لم تلق آذانا صاغية في الصين، ويعود ذلك جزئياً إلى أن الصين ما زالت مترددة، بصورة معلنة، بشأن وضع المالية الأمريكية في الأجل الطويل، كما أن بكين تبدي شكوكاً حيال السياسة التي ستتبعها الإدارة الحالية حيال الإقتصاد الاميركي.

ومن وجهة النظر الصينية، فإن إجراءات أوباما الطارئة لتحفيز الاقتصاد الأمريكي، وإقناع الأمريكيين بالإنفاق للخروج من الانكماش، تخاطر بإعادة بعث أساليب الإسراف في الإنفاق التي أطلقت زناد الأزمة في المقام الأول، ويظهر ذلك جلياً عندما سخر المسؤولون الصينيون من نظرائهم الأمريكيين حول كيفية دفع ثمن الإصلاح الصحي، وهو أيضا السبب في التساؤل الصين حول السياستين النقدية والمالية للولايات المتحدة.

منظم البنوك الرئيسي في الصين انتقد النظام الاحتياطي الفيدرالي، قائلا بإن مزيجاً من الدولار الضعيف وأسعار الفائدة المتدنية يهدد بتوليد فقاعة موجودات عالمية، وهذه ملاحظة بالغة الحساسية عندما تأتي من مراقب للنظام المصرفي الاميركي، لكنه يعكس بدرجة اولى نغمة جديدة ترى الصين أن بإمكانها أن تخاطب بها قوة كالولايات المتحدة.

الإدارة الاميركية بقيادة اوباما فشلت في الخروج بسياسة تجارية مقنعة، وينظر إلى ذلك على أنه إغفال لجمهور آسيوي تجاري التوجه، وأدت مثل هذه العيوب المتوقعة إلى الحد من قدراته على تملق الصين بأي حجة مقنعة، وحين يتعلق الأمر بحقوق الإنسان، فيبدو أن الولايات المتحدة توصلت إلى استنتاج مفاده أنه ليس من "السياسة الجيدة" في شيء أن تسيء مخاطبة دائنها الرئيسي، لاسباب مصلحية ونفعية كما هو واضح.

وزيرة الخارجية الأمريكية، هيلاري كلينتون، كانت اكثر صراحة، عندما قالت إن حقوق الإنسان "يجب ألا تدخل في قضايا تنطوي على خطورة وحدّة عالية" وحذف أوباما، بكل لطف أية إشارة إلى التيبيت وإلى تشينغيانغ، وتايوان، من الخطاب الذي ألقاه في طوكيو. ولم يكن هناك كذلك أي ذكر للهند المناوىء الإقليمي الصين.

اعتراف الولايات المتحدة بالأهمية المتزايدة للصين من جهة، وتأكيدات أوباما بأن النهوض الصيني ليس بالضرورة مصدر تهديد من جهة ثانية، يبرزان أن التكيف الأمريكي يمكن أن يمضي إلى حدود بعيدة للغاية يجعل من الإقتصاد الاميركي (الذي كان اولاً فيما سبق) إلى رهينة للقدرة الإقتصادية للمارد الصيني الناهض من قمقمه.

"الانتقاد.نت" - عبد الناصر فقيه

2009-11-20