ارشيف من :آراء وتحليلات

باختصار: الرفيق بوش

باختصار: الرفيق بوش
كتب محمد يونس
سخر الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز من نية الرئيس الأميركي جورج بوش شراء حصص في المصارف الأميركية لمصلحة الحكومة الأميركية في ما يشبه التأميم الجزئي، فوصفه بالرفيق بوش الأكثر يسارية منه.
يحق للرئيس تشافيز السخرية من بوش لأن ما يقوم به يضرب أسس الفكر الرأسمالي الذي يقوم على إبعاد الدولة عن التدخل بالاقتصاد وترك أمره لجشع الانسان ومصالحه الخاصة، فنمت حيتان المال وضربت المجتمعات البشرية.
خطوة بوش وما تلاها من أخبار عن نية العديد من الدول الرأسمالية أن تنحو نحوه تشير إلى أن هذا الفكر تشوبه أخطاء جسيمة أدت في ما أدت إليه إلى نشوء أزمة مالية عالمية هي الأسوأ ربما، كما أن توجه أكثر من دولة رأسمالية غربية في توجه الإدارة الأميركية نفسه اعتراف ضمني بخطأ ذلك الفكر ونظرياته.
ولكن هل يعني ذلك أن الفكر الشيوعي هو الأصح؟
بالطبع لا، فانهيار الاتحاد السوفياتي ومعه المنظومة الشيوعية قبل المنظومة الرأسمالية بعشرات السنين خير دليل على أن أسس المنظومة الشيوعية أضعف من أسس المنظومة الرأسمالية، وهذا ما يقودنا إلى تفكير آخر والبحث عن منظومة أخرى تضمن للبشرية الرفاهية والتقدم والاستقرار والأمن الاقتصادي والاجتماعي والسياسي.
فالمنظومة الشيوعية أهملت الفرد والإنسان كشخص معنوي له حيز ووجود، وعملت على فكرة الدولة ومصلحتها التي تهون في سبيلها كل المصالح مهما كان نوعها، أما المنظومة الرأسمالية وإن أعطت أهمية للإنسان كشخص له حيز ووجود، لكنها أهملت مصلحة المجتمع فكانت مصلحة الإنسان الخاصة تبرر أي وسيلة يلجأ إليها في سبيل تحقيق هدفه. وكلا المنظومتين أهملتا معا البعد الروحي للإنسان، فلم يكن هناك من وازع أخلاقي أو روحي يقوّم مجمل العمليات التي يقوم بها الإنسان كفرد أو الإنسان كمجموعة.
إن تحول "الرأسمالي" بوش إلى "الرفيق" بوش لن يحل مشكلته كما لم يحل تحول الرفيق السوفياتي إلى المستر الروسي مشاكل روسيا. لقد جرب الناس كل شيء إلا أمرا واحدا لازمهم منذ وجودهم على الأرض وأبوا الانصياع له، فهل تكون الأزمة الحالية كافية للفت نظرهم إلى وجوده، أم يستمرون بالعناد والتكبر؟!
الانتقاد/ العدد 1307 ـ 17 تشرين الاول/ اكتوبر 2008
2008-10-17