ارشيف من :أخبار لبنانية

المحور الاميركي ـ السعودي يعمل لإسقاط مفاعيل اتفاق الدوحة: السعودية تدفع للموالاة والمعارضة تواجه بالقانون

المحور الاميركي ـ السعودي يعمل لإسقاط مفاعيل اتفاق الدوحة: السعودية تدفع للموالاة والمعارضة تواجه بالقانون
كتب هلال السلمان

بعد مرور قرابة شهر على تكليف الرئيس "فؤاد السنيورة" مهمة تشكيل الحكومة الجديدة، باتت الأمور واضحة ومفضوحة.. فلو كان السعي جديا لتشكيل الحكومة لكانت شكلت، إنما الهدف بات واضحا، وهو تعطيل "اتفاق الدوحة" بتعليمة أميركية سعودية، وعليه لم يعد خافيا على احد ان الطبخة التي يعمل السنيورة على "طهوها"، انما هي "طبخة بحص" بكل ما للكلمة من معنى.

وإذا كان واضحا في هذا المجال ان جانباً مهماً من العراقيل انطلق بتعليمة من وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس خلال زيارتها الاخيرة المشؤومة الى بيروت, فإن معلومات خطيرة باتت بحوزة المعارضة مفادها ان المحور الاميركي ـ السعودي يعمل بكل ما أوتي من مكائد لإسقاط مفاعيل اتفاق الدوحة والمعادلة التي فرضتها المعارضة بعد انتفاضة السابع من أيار, وذلك في أكثر من اتجاه، منها:

1 ـ عرقلة تشكيل الحكومة من خلال التوتير الأمني المتنقل والاستمرار في النفخ في الفتنة المذهبية. وهذا ما ظهر في الفتنة التي حاولوا افتعالها في بلدتي سعد نايل وتعلبايا، والتي كان مخططا لها ان تتسع الى مناطق أخرى في البقاع لولا التحذير الواضح من قبل المعارضة، ومفاده "انه لن يكون مسموحا اللعب بالفتنة المذهبية في البقاع, وأن قطع الطريق الدولية خط أحمر، وسيجري التعامل مع هذا الواقع بما يتطلبه من إجرءات".. وهو ما فهمته مليشيا المستقبل جيدا, وكان بعد ذلك ان جرى اتفاق المصالحة في ثكنة أبلح.

لكن فريق السلطة نقل مخطط التوتير الأمني والمذهبي الى الشمال، وتحديدا الى مدينة طرابلس، حيث جرى خلال الفترة الأخيرة توزيع كميات كبيرة من السلاح على مليشيات السلطة، كان رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب العماد ميشال عون قد كشف عنها.. وبعد ان اكتملت الجهوزية "فتحت النيران فجر الأحد على حي جبل محسن المحاصر من جميع الجهات، وسقط من سقط من الضحايا والجرحى.

2 ـ وصلت الى المعارضة معلومات مؤكدة بعد اتفاق الدوحة مفادها ان السعودية التي تجرعت بألم كبير كأس اتفاق الدوحة، أبدت استعدادها ونيتها لضخ مبالغ مالية ضخمة بالدولار لضمان بقاء فريق السلطة مستحكما بمفاصل السلطة، والعمل على محاولة إعادة قلب المعادلة التي حققتها المعارضة في أيار، وذلك من خلال إعادة تسليح المليشيات السلطوية، وهذا ما جرى لميليشيا المستقبل. كذلك تأتي زيارة رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط الى الرياض في هذا السياق، حيث يتردد أنه استلم مبالع نقدية مقابل استمراره أداة في المشروع الاميركي ـ السعودي في لبنان. وتذهب المعلومات المتوافرة الى حد إعراب السعودية عن استعدادها لدفع مبلغ أحد عشر مليار دولار اذا اقتضى الأمر لضمان فوز فريق السلطة بالانتخابات النيابية المقررة ربيع العام المقبل.

رد المعارضة

أمام هذا الواقع بجميع تشعباته كانت المعارضة تنجز جميع خياراتها التي ستعتمدها في المرحلة المقبلة لمواجهة عرقلة اتفاق الدوحة ومحاولة إعادة طعن المقاومة مجددا.

وفي هذا السياق تؤكد أوساط المعارضة أن المعادلة التي اعتمدتها المقاومة للدفاع عن سلاحها في أيار لا تزال سارية لمواجهة أي تآمر جديد عليها، وهذا ليس مرتبطا بواقع اللعبة السياسية وموضوع تشكيل الحكومة وقانون الانتخاب.

اما بشأن عرقلة تشكيل الحكومة فإن المعارضة ستعتمد المواجهة السياسية على خطين:

الأول: هو تأكيد انتهاء "فترة السماح" التي أعطيت للسنيورة على مدى شهر لتشكيل الحكومة دون ان يكون جديا في مسعاه، وبالتالي بات عليه ان يعتذر عن المهمة بعدما عجز عن  التشكيل. كذلك ترى الأوساط ان استمرار السنيورة في مهمة تشكيل الحكومة دون ان ينجز شيئا عمليا في هذا السياق يؤثر سلبا وبشكل كبير على صورة "العهد الجديد" الذي انطلق وسط إجماع لبناني وعربي ودولي، وبالتالي بات مطلوبا من رئيس الجمهورية  موقفا محددا مما يمارسه السنيورة وفريقه من عرقلة لتشكيل الحكومة.

اما الخط الثاني الذي تعمل عليه المعارضة فهو تخطي عرقلة تشكيل الحكومة من قبل فريق السلطة الى تطبيق البند المتعلق بقانون الانتخاب الذي جرى الاتفاق عليه في الدوحة. وفي هذا السياق كانت مبادرة تكتل التغيير والإصلاح برئاسة العماد ميشال عون الى الطلب من رئيس مجلس النواب نبيه بري عقد جلسة تشريعية عامة لإقرار القانون الانتخابي.. وهي قدمت اقتراح قانون مفصلا عنه الى الأمانة العامة لمجلس النواب ظهر الاثنين.

وبعد ان جرى تقديم الاقتراح رسميا الى المجلس النيابي باتت الأنظار تتجه حاليا الى تحديد موعد عقد الجلسة من قبل الرئيس بري. وهنا تطرح تساؤلات عن موقف فريق السلطة من الجلسة في حال تحديد موعدها, فهل يقاطع الجلسة لعدم تأمين نصاب النصف زائد واحد المطلوب لإقرار القانون، ام يشارك في الجلسة وينسفها من الداخل؟

ويبدو من سير المتابعات ان فريق السلطة مرتبك في هذا الاطار، فمواقفه تتوزع بين الزعم ان مجلس النواب لا يستطيع الانعقاد والتشريع في ظل حكومة تصريف الأعمال، وهو ما تنفيه المعارضة وتؤكد حقه بالتشريع، وتستدل على ذلك بجلسة تشريعية عقدت في العام ألفين وخمسة في ظل حكومة نجيب ميقاتي التي كانت في وضعية تصريف الأعمال، وجرى خلال هذه الجلسة اقرار عدد من القوانين المهمة، بينها قانون العفو عن سمير جعحع الذي كان محكوما بعدد من الجرائم، وأطلق من السجن بعد اقرار هذا القانون.. وعليه فإن هذه الحجة ساقطة.

والخط الآخر الذي يعمل عليه فريق السلطة هو دفع النواب المسيحيين المحسوبين عليه الى طلب تعديلات على الدوائر الانتخابية لم يلحظها اتفاق الدوحة، وذلك في محاولة لتفادي الإحراج، حيث سيحاسب الرأي العام المسيحي نواب السلطة من المسيحيين اذا قاطعوا جلسة اقرار قانون الانتخاب، وهو قانون شكل مطلبا مسيحيا على مدى عقود. ومن سيستفيد من هذا الوضع هو التيار الوطني الحر الذي شُنت عليه الحملات الشعواء عندما كان يقاطع جلسات انتخاب رئيس الجمهورية عندما كان التوافق متعذرا على السلة المتكاملة, واليوم انقلبت المعادلة ليقاطع نواب مسيحيون جلسة إقرار قانون انتخاب شكل مطلبا للوسط المسيحي، فهل يجرؤون على هذا الأمر؟

الانتقاد/ العدد1275 ـ 24 حزيران/ يونيو 2008
2008-06-24