ارشيف من :أخبار عالمية

الشهيد إياد صوالحة.. حكاية بطل أحب فلسطين وأبى الانكسار لمغتصبها

الشهيد إياد صوالحة.. حكاية بطل أحب فلسطين وأبى الانكسار لمغتصبها
فلسطين المحتلة – فادي عبيد
قليلون هم الذين يحفرون اسمهم في سجلات الخالدين؛ والسر في ذلك أن الانتصار للحق ورفض السير وراء اللاهثين في طرق الانهزام والتنازل بات درباً عبثياً في هذا الزمن الذي أضحى فيه البحث عن نماذج للرجال مهمة صعبة وفي بعض الأحيان مستحيلة.
الشهيد إياد أحمد صوالحة (32 عاماً) من سكان بلدة كفر راعي قضاء مدينة جنين بالضفة الغربية المحتلة، واحد من أولئك العظماء الذين أسروا قلوب الفلسطينيين بتضحيته وجهاده.
بداية الطريق
الشهيد إياد صوالحة.. حكاية بطل أحب فلسطين وأبى الانكسار لمغتصبها
بداية قصته كانت في عام 1992، فبمجرد أن أنهى دراسته في كلية قلنديا للتدريب المهني، اعتقل في سجون الاحتلال الصهيوني ؛ ليمضى بعدها سبع سنوات من عمره متنقلاً بين سجون (شطة، عسقلان، والجلمة).
سنوات السجن هذه ورغم قسوة فصولها ؛ فإنها لم تنل من عزيمة إياد الذي خرج أقوى مما كان عليه ، حيث انخرط في صفوف سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي قبيل تفجر انتفاضة الأقصى الثانية بأشهر قليلة.
الحاجة أم إياد لم ينسيها مرور السنوات حوارها مع ابنها لحظة الإفراج عنه حينما طلبت منه الزواج ، فقال لها: « أنا مشواري طويل.. ولكن لا تزعلي، سأحقق أمنيتك وتشاركين في عرس خاص لي لن تشهدي له مثيلاً» ؛ وهو عهد لم تفسره الحاجة (مائدة صادق صبيح) في حينها؛ أو حتى بعدها بوقت قصير، حيث حقق إياد جزءاً منه بزواجه من فتاة فلسطينية الأب وكرواتية الأم ؛ إنها "مريم".
هذا الزفاف ونظراً للظروف التي كان يعيشها إياد لم يكن بالمعنى والشكل المتعارف عليه؛ كما تقول شقيقته سوسن التي لا تزال تستذكر كيف أنها وأسرتها لم يحتفلوا بابنهم كما هو الحال بالنسبة لأي عائلة تعيش ظروفاً عادية وطبيعية.
وتضيف سوسن أنهم جميعاً قدروا زوجة إياد التي أسلمت على يديه، فهي وافقت على الزفاف من إنسان؛ رغم معرفتها بأن حياتها ستكون قاسية فهو مطارد ولا يمتلك بيتاً.
وعن صفحاته الجهادية ، يقول أبو القسام وهو ـ اسم مستعارـ لأحد المجاهدين الذين رافقوا الشهيد صوالحة، وأفلت من عدة محاولات اعتقال واغتيال استهدفته خلال السنوات الأخيرة: "إنه إياد تفاعل داخل سرايا القدس بصورة كبيرة، وبوتيرة متسارعة إلى أن أصبح قائد السرايا في شمال الضفة وهي مسؤولية ليست بالهينة".
ويضيف أبو القسام أنه ومع مرور الوقت زادت ملاحقة إياد من قبل قوات العدو وأجهزته الاستخبارية التي طاردته لما يزيد عن عامين، هدمت خلاهما منزل أسرته؛ ليس هذا فحسب بل واعتقلت والدته المسنة، وشقيقته بهدف الضغط عليه لتسليم نفسه؛ إلا أنه أبى ذلك وواصل مشواره الجهادي.
ما تزال حاضرة
اتهمته أجهزة حرب الاحتلال بالمسؤولية عن سلسلة من العمليات الاستشهادية، والاشتباكات المسلحة التي شهدتها محافظات الضفة ، وكذلك قلب الكيان ثأراً لقادة المقاومة الفلسطينية، ورداً على مجازر العدو التي ما تزال صورها تراود مخيلة أطفال ونساء جنين قبل كبارها.
ومن أبرز هذه العمليات التي أسفرت في مجملها عن مقتل ما يزيد عن 32 صهيونياً، وإصابة نحو 150 آخرين بجراح: عملية كركور، وعملية مجدو في حزيران/يونيو عام 2002، وأدت إلى مقتل 17 جندياً صهيونياً، وإصابة 42 آخرين.
كما حمّل قادة العدو الشهيد صوالحة المسؤولية عن العملية النوعية التي استدرج خلالها الاستشهادي البطل (مراد أبو العسل) ضباط ما يسمى بجهاز الأمن العام "الشاباك" في عملية معقدة، وفجّر نفسه فيهم عند جسر الطيبة أواخر شهر كانون الثاني/ يناير عام 2001.
أما اللحظات الأخيرة في حياة صوالحة ، والتي لا تزال حاضرة في أذهان الفلسطينيين كأنها حدثت بالأمس، فخاض إياد اشتباكاً عنيفاً مع كتيبة غولاني، ووحدة أيجوز الصهيونيتين اللتان حاصرتاه لوقت طويل داخل أحد المنازل القديمة في جنين إلى أن لقي ربه شهيداً، وشاهداً على إجرام الصهاينة الذين لم يكتف بجريمتهم، فأقدموا على اعتقال شقيقه بهاء، وزوجته مريم التي لم تعش معه سوى شهر واحد، ومن ثم جرى إبعادها إلى كرواتيا في كانون الثانتي/ يناير عام 2003؛ لتظل معها التفاصيل الأخرى عن هذا القائد وحياته.
2009-11-25