ارشيف من :أخبار عالمية
تأخير سداد ديون دبي يجدد المخاوف من الأزمة المالية العالمية
"الانتقاد.نت" - عبد الناصر فقيه
أعلنت إمارة دبي، التي تميزت بطموحها العالمي، أنها طلبت من دائني شركتي "دبي العالمية" و"نخيل العقارية" تعليق المطالبة بسداد ديونهما التي تُعد بمليارات الدولارات كخطوة أولى نحو اعادة هيكلية الشركتين.
الخبر وقَعَ وقْعَ الصاعقة على الأسواق المالية العالمية، وتراجع المستثمرون عن الأصول -التي تنطوي على مخاطر-وتخلوا عن أسهم البنوك وشركات الإنشاءات الآسيوية، وسط مخاوف من أن يعيد تخلف دبي عن سداد ديونها إشعال الاضطرابات المالية الناجمة عن أزمة الائتمان.
مشكلات الديون، التي وقعت فيها دبي، أتت تحت تأثير الأزمة العقارية التي يطلق عليها "فقاعة العقارات" والتي انطلقت من الأزمة المالية العالمية، الأمر الذي حدّ من طموح الإمارة لأن تصبح مركزاً اقليمياً في كل المجالات بدءاً من الخدمات المالية وصولاً الى عالم الاعلام والترفيه.
ومن طوكيو اليابانية مروراً بسيول الكورية وسيدني الإسترالية وصولاً إلى مومباي الهندية، سجلت أسواق الأسهم في آسيا قلقاً ومخاوف من انهيار بعض البنوك الدائنة لشركات دبي، لا سيما أن هذه الإمارة تشكل المركز المالي لأكبر منطقة مصدرة للنفط في العالم، وجهدت المصارف الآسيوية - مثل نظيراتها الأوروبية والأميركية - كي تتملص من التأثر بالتطورات الجارية في الإمارة الصحراوية، التي تستثمر في بنوك عالمية مثل "ستاندارد اند تشارترد" وتجتذب مديري الأنشطة المالية بوصفها جنة ضرائبية.
ومن المعلوم أن مديونية مجموعة "دبي العالمية" لوحدها بلغت 59 مليار دولار في آب/ أغسطس الماضي وهو ما يمثل نسبة كبيرة من اجمالي ديون إمارة دبي البالغة 80 مليار دولار، إلا أن مصرف الامارات المركزي أعلن أنه يرقب عن كثب تطورات أزمة ديون دبي لدرء أي تداعيات سلبية على الاقتصاد الوطني، مضيفاً أنه "يرصد التطورات بعناية شديدة للتأكد من عدم وقوع أي تأثير سلبي على اقتصاد الامارات"، وهو بصدد إصدار بيان رسمي لاحقاً.
خطورة الأزمة:
وكمؤشر على خطورة الازمة نزلت أسهم مصرف "ميتسوبيشي" أكبر بنك في اليابان في حين سجل مؤشر نيكي لأسهم الشركات الكبرى أدنى مستوى اقفال له في 4 اشهر، بينما تراجعت أسعار الدولارين الاسترالي والنيوزيلندي، وواصل سعر النفط تراجعه ليهبط دون 74 دولاراً للبرميل الواحد يوم الجمعة، فيما انخفض سعر مادة النحاس في شنغهاي الصينية والحبوب في شيكاغو الأميركية كلٌ بنسبة نحو 2%.
ونزلت أسهم مصرف (H.S.B.C) أتش.أس.بي.سي البريطاني - الذي يدير قرضاً قيمته 5.5 مليار دولار لـ"دبي العالمية" - بنسبة 7% ونزل سهم "ستاندارد تشارترد" العالمي-الذي تستثمر فيه إمارة دبي- بنسبة 6%، مما دفع باسهم البنوك الأوروبية في بورصة لندن للهبوط الى أدنى مستوياتها منذ 6 أشهر.
وإذا رفض الدائنون اقتراح دبي بتأجيل سداد التزامات الديون المستحقة قريبا حتى مايو ايار عام 2010 فإن حكومة الإمارة ستلجأ لـ "عمليات بيع متهورة" باسعار منخفضة للغاية لأصولها العقارية في الخارج، وتوجت إمارة دبي ذلك بمحاولة لتبديد الشكوك وإستيعاب الصدمة عبر قولها "إن شركة موانيء دبي العالمية الرابحة- التي تدير الشركة 49 ميناء على مستوى العالم - لن تشملها خطة اعادة الهيكلة"، وأعلنت في المقابل أنها "تتفهم القلق الدولي"، معربة عن نيتها القيام بعدة خطط لتدعيم الثقة باقتصادها، ويتوقع مراقبون دعماً مالياً من إمارة أبوظبي وهي عاصمة الامارات العربية المتحدة وتضم أغلب الاحتياطيات النفطية للبلاد وهي شقيقة إمارة دبي .
الدول الغنية تبدد المخاوف:
من جهتها، الدول الغنية حاولت تبديد المخاوف العالمية في هذا الإتجاه، وقال رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون "إن شبح عجز دبي عن السداد يمثل مشكلة، لكن الاقتصاد العالمي قوي حالياً بما يكفي للتغلب عليها".وأضاف براون "إن رؤيته الخاصة هي أن النظام المالي العالمي بات أشد قوة الآن، وقادراً على التعامل مع المشكلات التي تظهر"، على حد قوله.
وذكَّر رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا فيون بإن دول الخليج "لديها الموارد الكافية التي تضمن عدم وقوع العالم في دوامة ثانية من الفوضى الاقتصادية"، لكن رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين خالفه الرأي معلناً "أن أزمة ديون دبي تظهر صعوبة الخروج من الأزمة المالية العالمية".
وفي واشنطن التزم المسؤولون الأميركيون الصمت حيال الوضع فيما ذكرت "الخزانة الأميركية" أنها "تراقب عن كثب الوضع في دبي"، فيما صرح وزير المالية الكندي جيم فلاهرتي بإن مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى أجرت مباحثات بشأن "مشاكل الائتمان التي تواجهها دبي العالمية وهي تراقب تداعياتها".
وزير المالية الياباني هيروشيسا فوجي - الذي تأثرت عملة بلاده بالمخاوف المتعلقة بديون دبي ودفعتها إلى مستوى قياسي جديد مقابل الدولار- تحدث عن احتمال صدور "بيان مشترك بشأن العملات من مجموعة السبع".
شكوك حول خطط الإنقاذ:
ولكن خطط الانقاذ المطروحة لم تفلح سابقاً، على مستوى العالم، في تهدئة المستثمرين القلقين بالفعل من ألا يكون الاقتصاد الدولي ينتعش بالسرعة الكافية كما كان يروج، وقال محللون إقتصاديون غربيون أن "هذه الأزمة هي تذكرة مهمة بأن أزمة الائتمان تم تناسيها لكنها لم تنته بعد"، وأن "صفارات الإنذار أطلقت من جديد".
في المقابل فإن المحللين الآسيويين يتوقعون بأن "أحداثاً أخرى مماثلة لما حدث في دبي قد تظهر مما يدفع أموال المخاطرة للخروج من اصول مثل السلع والاسهم" ، ورأى هؤلاء أن "أزمة دبي قد يكون لها أثر كبير على البنوك في آسيا" لا سيما في سنغافورة التي ستكون الأكثر تعرضاً للضرر في المنطقة.
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018