هبه عباس

اثارت مسألة قرار منع بناء المآذن في سويسرا ردود فعل عربية وغربية نددت واستنكرت هذه الخطوة من بلد ترفع شعارات الحرية في ممارسة الشعائر الدينية وحرية المعتقد لكافة الاديان .

وفي ردود الافعال على هذه القضية علق رئيس اللقاء الاسلامي الوحدوي الحاج عمر عبد القادر غندور على إقرار حظر المآذن في سويسرا الذي جرى التصويت عليه، معتبرا انها استفزاز شنيع لا لمشاعر الجالية الإسلامية في سويسرا فحسب، بل لجميع المسلمين في العالم، وإقحام مستغرب للدولة التي نأت بنفسها إلى الأمس، عن التجاذبات والصراعات في العالم، من شأنه ان يعزز ويعمم الكراهية للإسلام المتنامي في القارة الأوروبية.

وأضاف غندور: هذا التعدي السافر على واحدة من أهم الرموز الإسلامية، هو في الدرجة الأولى تعديا على الدستور الفيدرالي السويسري الذي طالما تغنى بحرية الاعتقاد والتعبد واعتناق الأديان والعقائد وممارسة الشعائر الدينية..

واعتبر ان الإسلام حض على التواصل والمحبة وتجسيد القيم الإنسانية والدينية بأبهى صورها وتألقها "قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا".

واشار غندور الى ان اللقاء يستنكر ويشجب نتيجة التصويت الجائر، واهاب بالمسلمين التنبه إلى ما يحيكه أعداءهم، ومواجهته بالوعي والحوار .

من جهته وصف مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني قرار منع بناء المآذن في سويسرا بأنه "يشجع ثقافة صراع الحضارات في وقت يجب أن نعمل فيه جميعا على تشجيع احترام الآخر وتفهمه".

ورأى "أن الاستفتاء السويسري يشكل انتهاكا لحرية المعتقد، ولا يخدم ثقافة العيش المشترك بل يغذي ثقافة القلق والكراهية في مجتمع كان مضرب المثل في الحياد الايجابي في العالم".

وناشد مفتي الجمهورية منظمة المؤتمر الإسلامي "أن تبادر الى استصدار تشريع دولي من الأمم المتحدة يحظر أي نوع من أنواع انتهاك الحريات الدينية، لوضع حد لهذه الانتهاكات".

بدورها اشارت هيئة علماء بيروت الى الاستغراب والدهشة التي اثارتها الخطوة التي اقدمت عليها بلاد ترفع شعارات الحرية في ممارسة الشعائر الدينية وحرية المعتقد لكافة الاديان .

واكدت الهيئة ان الحملات الاعلامية والاعلانية الكثيفة والمستفزة بإيحاءاتها التشويهية والعنصرية تبعث على الحقد والكراهية ورفض قبول الآخر ما يستدعي الكثير من التأسف .

واعتبرت الهيئة ان هذا السلوك الذي يتنافى مع شعارات الحرية التي يكفلها النظام في بلد معروف لا سيما في قضايا المعتقد فيه استعداء واهانة لمشاعر الملايين من المسلمين في شتى انحاء العالم .

ودعت الهيئة كل دعاة الحوار والتلاقي بين الشعوب وبالخصوص اصحاب هذه الدعوة الى اعادة النظر في هذه الخطوة لانها ستنعكس سلبا على وضع الكنائس في البلدان الاسلامية كما حذرت من مغبة التمادي فيها لان من شأن ذلك ان يؤدي الى اتساع دائرتها .

واكدت الهيئة اخيرا على احترامها الالتزام بحق التعبير عن حرية المعتقد خصوصا الديانات السماوية في مقابل حفظ حقوق المسلمين.

من جهة اخرى وفي رد الفعل العربي على هذه القضية استنكر حزب جبهة العمل الاسلامي الذراع السياسي للاخوان المسلمين في الاردن قرار سويسرا منع بناء المآذن .

واعتبر مسؤول الملف الدولي في المكتب التنفيذي للحزب خضر بني خالد قيام الحكومة السويسرية بأجراء استفتاء "لشرعنة" حظر بناء المآذن، مشيرا الى ان هذه الخطوةى تحض على الكراهية والعنصرية والتمييز الديني وشكلا من التحريض على ايذاء المسلمين في سويسرا وكافة انحاء العالم.

واوضح الحزب ان حظر بناء المآذن "يشكل اهانة للمسلمين وانتهاكا لحقوق الانسان والاعراف الديموقراطية ", مشيرا الى ان هذا الاجراء "تمييز ضد الاسلام دون غيره من الاديان".

ودعا بني خالد الحكومة السويسرية الى اعادة النظر في القرار "اللاخلاقي" حفاظا على علاقة سويسرا بالعالم الاسلامي.

وفي سياق متصل أعربت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة إيسيسكو الليلة الماضية عن استغرابها من نتائج الاستفتاء الذي جرى في سويسرا والقاضية بحظر بناء المآذن .

واعتبرت الايسيسكو ان هذا الحظر يتعارض كليا مع الاعلان العالمي لحقوق الإنسان ومع الاتفاقية الدولية حول التنوع الثقافي ومع المبادرة الدولية لتحالف الحضارات داعية المنظمات والمؤسسات والمراكز الثقافية الإسلامية في سويسرا وفي غيرها من الدول الأوروبية إلى القيام بحملة حضارية للكشف عن السلبيات التي تنطوي عليها نتائج هذا الاستفتاء.

وأعلنت الإيسيسكو أن نتائج الاستفتاء الذي جرى أمس الأول في سويسرا ستساهم في إذكاء مشاعر الكراهية والعداء والتمييز الديني والعنصري وتشكل سابقة قد تبادر دول أخرى بالقيام بمثلها لاضطهاد الأقليات فيها وحرمانهم من حقوقهم الدينية التي يكفلها القانون الدولي.

وناشدت الإيسيسكو مجلس الأديان في سويسرا التدخل للتعريف بالإسلام لدى الرأي العام السويسري محذرة من أن نتائج هذا الاستفتاء ستكون لها انعكاسات سلبية على العلاقات بين سويسرا ودول العالم الإسلامي.

في السياق نفسه صرحت المقررة الخاصة المعنية بمسألة حرية الدين والمعتقدات في الامم المتحدة اسماء جهانغير ان تصويت السويسريين على مشروع قانون ينص على حظر بناء المآذن في سويسرا مثير للقلق، معتبرة ان هذا الحظر يعد تقييدا لحرية المعتقد ويمثل تمييزا ضد المسلمين في سويسرا.

وأشارت إلى أن حظر بناء المآذن في سويسرا يخالف التزاماتها "بموجب قانون حقوق الإنسان".

والجدير ذكره ان سويسرا تعد 7.5 مليون نسمة بينهم حوالي 400 الف مسلم كما تضم البلاد اربعة مساجد لها مآذن، وتخشى سويسرا حصول ردود فعل عنيفة ضد ممثلياتها في العالم وان تتخذ دول اسلامية تدابير اقتصادية عقابية.