ارشيف من :أخبار عالمية

بعد فتح أسواقها لفلسطينيي الداخل .. جنين المحافظة الفلسطينية الأفقر في الضفة الغربية تستعيد انتعاشها الاقتصادي

بعد فتح أسواقها لفلسطينيي الداخل .. جنين المحافظة الفلسطينية الأفقر في الضفة الغربية تستعيد انتعاشها الاقتصادي

جنين ـ"الانتقاد.نت"

منذ مطلع تشرين الثاني/ أكتوبر الماضي بدأت مدينة جنين (شمالي الضفة الغربية) تنفض عن أكتافها غبار الفقر والبطالة التي اكتست بها مع اندلاع انتفاضة الأقصى في العام 2000، وذلك بعد إعادة افتتاح "معبر الجلمة" والسماح لفلسطينيي الداخل المحتل عام 1948 بالدخول إلى المدينة من جديد.


فمنذ ذلك الحين بدأت تتحضر أسواق المدينة ومرافقها المختلفة يوميا لاستقبال 300 مركبة من شمالي فلسطين المحتلة عام 1948 للتسوق، باستثناء يوم السبت حيث يزيد عدد المركبات ليصل إلى 500 مركبة بحسب شروط الاتفاق الذي تم بين السلطة الفلسطينية الوطنية و"حكومة" الاحتلال لفتح المعبر الذي كان يعتبر عصب الحياة للمدينة فيما مضى.


و"معبر الجلمة" هو نقطة التواصل بين شمالي الضفة الغربية وشمالي فلسطين المحتلة عام 1948 وبالتحديد منطقة الناصرة وقراها ومحيطها والعفولة، ويقع على الحدود المصطنعة التي رسمها الاحتلال الإسرائيلي بعيد احتلال فلسطين التاريخية والسيطرة على جزء منها عام 1948، بما يعرف بالخط الأخضر.


إغلاقه شكّل انتكاسه...
يقول مدير عام الغرفة التجارية والزراعية والاقتصادية في جنين نصر عطياني إن هذا المعبر من أهم المعابر التي تحيط بالمدينة، وشكّل إغلاقه في العام 2000 انتكاسة اقتصادية للمدينة.

فقد أدى إغلاق هذا "المعبر" إلى حرمان السوق التجاري من 5 آلاف متسوق يومي، و15-20 ألف أيام السبت، الأمر الذي شكل خسارة اقتصادية للسوق تقدر ب 45-50 مليون دولار سنويا.

إلى جانب أن "المعبر" كان يعتبر مدخلا للعمال الذين يعملون في "إسرائيل" والذين يقدر عددهم بـ 25 ألف عامل من محافظة جنين فقط.

إضافة إلى هذه الخسارة، شكل إغلاق "المعبر" كما يقول عطياني خسارة كبيرة على أصحاب محلات التصليح وخدمات السيارات في المنطقة الصناعية، فقد أغلق أكثر من 500 محل من أصل 850 بشكل كامل.

ولم يقف الأمر عند هذا الحد من الخسائر، ففي الأسبوع الأول من إغلاق "المعبر"، كما يشير عطياني، جرفت قوات الاحتلال 800 بسطة وكشك تجاري كانت يعتاش أصحابها من البيع والشراء في محيط الحاجز، مملوكة في معظمها لأهالي المحافظة.


المحافظة الأفقر
هذا الأمر انعكس بشكل كبير على معدلات البطالة والفقر في المحافظة والتي ارتفعت في سنوات 2002-2004 إلى أكثر من 80% نسبة الفقر، و60% نسبة البطالة، انخفضت بعد ذلك لتصل حاليا إلى 50% نسبة البطالة و60% نسبة الفقر العام في المحافظة، الأمر الذي جعل البنك الدولي يصنف المحافظة على أنها أفقر المحافظات الفلسطينية في تقريره العام لسنة 2008.

يقول عطياني: "هذه المعطيات مخيفة وآثارها على اقتصاد المدينة واضح جدا، ومن هنا كان الضغط الدولي على "إسرائيل" لفتح "المعبر" من جديد في محاولة لتحسين الوضع القائم في المحافظة".

إلا أن عطياني لا يتوقع عودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل إغلاق المعبر في العام 2000، فكما قال فان اتفاقية إعادة فتح "المعبر" حددت بشروط تجعل من الصعب العودة إلى الازدهار الاقتصادي الذي شهدته المحافظة من قبل.


ومن هذه الشروط، كما يوضح عطياني، فتح "المعبر" بساعات معينة من الثامنة صباحا وحتى الخامسة مساء، يكون على الزائر الدخول والخروج في هذه الفترة فقط، إلى جانب تحديد عدد السيارات التي تدخل بـ300 مركبة يوميا، فيما عدا أيام السبت "العطلة الرسمية لدى الاحتلال" يسمح بدخول 500 مركبة.


ولا تتوقف شروط الاحتلال عند حد عدد السيارات وساعات الدخول والخروج، فقد حددت نوعية المشتريات أيضا، فخلال العودة يتم التفتيش الدقيق للمشتريات، وتتم مصادرة أي بضائع من مشتقات الحليب والمنتجات الحيوانية والزراعية.


انتعاش محدود...
وعن تقويمه لنتائج فتح "المعبر" على الأرض بعد شهر كامل يقول عطياني: "لا شك في ان المدينة والأسواق فيها شهدت ازدهارا ملحوظا، ولكن يجب أن لا نغفل أن جزءا من هذه الحركة جاء بفترة العيد التي تنشط فيها الأسواق من دون ان يكون للمتسوقين من فلسطينيي الداخل اثر على ذلك".


وبالأرقام، يشير عطياني إلى جملة من التغيرات الايجابية التي طرأت على القطاعات التجارية المختلفة في المدينة، فعلى سبيل المثال نشط قطاع بيع الملابس بنسبة تزيد عن 40% في حين كانت الزيادة في قطاع الأدوات المنزلية من 25- 30%، والزيادة في بيع المواد التموينية ضئيلة ولم تتعدّ 15%، وسجل قطاع الخدمات والمطاعم قفزة نوعية ليصل إلى 60%.


وفيما يتعلق بالمنطقة الصناعية ومحال تصليح وخدمات المركبات والسيارات فقد شهدت انتعاشا بنسبة 30% ما خلا الشهر الفائت.


وبرغم هذا الأثر المتواضع على الاقتصاد في المدينة الذي تحدث عنه نصر عطياني، إلا أن المواطنين والتجار لا تزال لديهم آمال كبيرة بتحسن مستمر على الوضع التجاري أكثر فأكثر.


مدير شركة" أبو سلّيم التجارية" لبيع الملابس الجاهزة في المدينة، أبو أشرف يقول ان الأثر وإن كان محدودا إلا انه ينعكس على الاقتصاد في البلد بشكل عام، وخاصة أن المدينة بدون هؤلاء المتسوقين تعتبر مدينة محدودي الدخل، حيث ان غالبية السكان يعتمدون على رواتب السلطة المحدودة.


وأشار أبو أشرف إلى الفرق الواضح في حركة السوق منذ اليوم الأول لدخول أهالي فلسطين المحتلة عام 1948 إلى المدينة والتسوق من محالها التجارية، إلا أن أبو اشرف لا يقارن وضع المدينة الجديد بوضعها قبل الانتفاضة: "الأمر مختلف تماما، قبل الانتفاضة كانت المدينة مفتوحة بالكامل، فعلى سبيل المثال كانت المؤسسة تبيع معظم بضاعتها بالجملة لتجار من الداخل، ولكن الأمر الآن تغير، فبسبب الإجراءات والتفتيش على الحاجز يتخوف التجار والمتسوقون العاديون من شراء كميات كبيرة من هنا".


وأشار أبو اشرف إلى أن التجار في المدينة يعقدون آمالا كبيرة على الحركة التجارية مع الداخل، وخاصة أنها فرصتهم للنهوض بتجارتهم من جديد، بعد سنوات من الانتكاسة، مشيرا إلى أن عددا كبيرا من المحال التي أغلقت بعد الانتفاضة أعادت فتح أبوابها من جديد.


2009-12-02