ارشيف من :أخبار عالمية

الإستراتيجية القديمة الجديدة للولايات المتحدة في افغانستان : مضاعفة الجهود العسكرية بالميدان بين النجاح والفشل

الإستراتيجية القديمة الجديدة للولايات المتحدة في افغانستان : مضاعفة الجهود العسكرية بالميدان بين النجاح والفشل


تحت عنوان "الإستراتيجية الجديدة" قرر الرئيس الاميركي باراك أوباما بصفته "القائد الأعلى للجيش الأميركي، إرسال قوات أميركية إضافية قوامها 30 ألف جندي إلى أفغانستان"، ويلحق بهذه الخطوة من التعزيزات " ثمانية عشر شهراً تعود فيها القوات المسلحة إلى الوطن".

استراتيجية اميركية قديمة جديدة: فشل "وعود"أوباما

غير أن هذا الإطار الزمني الذي وضعه أوباما بقي مبهماً وغير واضح مع ربطه بالوقائع الأمنية والميدانية التي تسمح لواشنطن بهامشٍ كافٍ "لإعادة تغيير هذا الجدول الزمني بما يتوافق مع مصالحها الحيوية".

أوباما أشار، في خطابه في أكاديمية ويست بوينت العسكرية، إلى أن نجاح بلاده في الحرب الأفغانية يرتبط بشكل وثيق بالشراكة مع باكستان، بهدف "منع تفشي سرطانٍ جديد في أنحاء باكستان" المجاورة، مُقراً بالصعوبات في هذا المجال حيث أكد على حاجة قواته إلى "إستراتيجية تعمل على جانبي الحدود".

وتسويغاً لإستراتيجيته "الجديدة"، ذكر أوباما أن أمن بلاده معرض "لإعتداءات جديدة لتنظيم القاعدة"، وبالتالي فإن خططه الحربية الأخيرة تهدف "لزيادة الضغوط على تنظيم القاعدة".

أعلان أوباما عن هذه الإستراتيجية أثبت أن سياسة الحوار مع العالم الإسلامي وقضاياه (التي أعلنها الرئيس الأميركي في بداية عهده سبيلاً لحل أزمات المنطقة) لم تجد لها طريقاً إلى هذا البلد المضطرب.

باراك اوباما: شكوك بالحلفاء

في المقابل عبّر أوباما عن شيء من الشك بمصداقية حلف شمال الأطلسي، محرّضاً هذا الحلف بالقول إن "ما هو اخطر (في هذه الحرب) ليس مجرد إختبار مصداقية حلف شمال الأطلسي، انما هو أمن حلفائنا والأمن المشترك للعالم".

وقارن الرئيس الاميركي بين ما يجري بأفغانستان وما حدث بالعراق من "إنجاز"، على حد قوله، وأضاف "كما فعلنا في العراق سننهي نقل المهام، آخذين بالاعتبار الظروف على الأرض"، متعهداً باستمرار "إسداء النصح والمساعدة للقوات الأفغانية للتأكد من نجاحها في المستقبل في حربها على حركة طالبان".

زيادة المجهود الحربي: الكلفة الإقتصادية؟؟؟

غير أن الكلفة الإقتصادية لزيادة القوات الأميركية في أفغانستان ستكبد واشنطن نحو ثلاثين مليار دولار في هذه السنة المالية، مع ما يمثله ذلك من تراجع أكيد في النفقات العمومية لصالح الآلة الحربية، في الوقت الذي ما تزال الأسواق في البلاد تئن تحت نير الأزمة المالية العالمية.

وقال مراقبون أن الحقيقي اكثر من المعلن في التكلفة الإقتصادية لأنه "قد تكون هناك تكاليف إضافية مرتبطة بالمكونات الدبلوماسية والمدنية لهذه الإستراتيجية"، غير أن هؤلاء المراقبين اعتبروا "أن الأرقام الأكثر دقة ستتحدد في الأسبوعين المقبلين".

ردود افعال الحلفاء: مراعاة المصالح القومية

منظمة"الناتو"اعلنت دعماً لهذه الخطة الاميركية الجديدة على لسان الأمين العام لحلف شمال الأطلسي "أندرس فوغ راسموسن" الذي اكد أن الحلف سيرسل "مالا يقل عن خمسة آلاف جندي إضافي" للإنضمام إلى قوات إيساف في أفغانستان.

وتراوحت ردود الفعل لدى حلفاء واشنطن الغربيين بين عاصمة واخرى، وفقاً لما تراه من مصالحها القومية، فلندن أعلنت أنها سترسل الشهر الجاري 500 جندي إضافي لأفغانستان، ليرتفع عدد الجنود البريطانيين المنتشرين في هذا البلد إلى 9500، وأعلنت باريس في المقابل "أن الحل ليس عسكريا فقط، وإنما يجب التركيز على إعادة بناء أفغانستان" رافضةٍ زيادة عديد قواتها في هذه البلاد، أما برلين فإنها لن تتخذ قرارها بشأن تعزيز محتمل للقوات الألمانية قبل نهاية الشهر المقبل.

سيدني من جهتها تعهدت بإرسال مزيد من مدربي الشرطة وخبراء مدنيين متخصصين في تقديم المساعدات، لكنها لم تشر إلى أي زيادة محتملة في عديد القوات الأسترالية.

الحكومة الافغانية بدورها اعربت عن سعادتها بإعلان الرئيس باراك اوباما إرسال 30 ألف عسكري إضافي في إطار إستراتيجيته الجديدة، وقال المتحدث باسم الخارجية الأفغانية "محمد ظاهر فقيري" ان بلاده "ترحب بالإستراتيجية الجديدة".


الشارع الأفغاني: الإستراتيجية "الجديدة"ستزيد "السخط"على واشنطن

المواطنون الافغان من جانبهم عبروا "عن خيبة املهم"من الإستراتيجية "الجديدة"بحسب وكالات الانباء، وأكد البعض منهم في شوارع العاصمة كابول أنه "حتى لو جاءوا بأمريكا كلها لن يكون بوسعهم إعادة الاستقرار إلى أفغانستان. فنحن الأفغان فقط الذين نفهم تقاليدنا وطبيعتنا الجغرافية وطريقة حياتنا".

وفي المقابل رأى آخرون في هذه الإستراتيجية مزيداً من المعاناة "فالمزيد من الجنود معناه مزيد من الأهداف لطالبان ومن المؤكد أن القوات ستقاتل، والقتال سيوقع بالتأكيد قتلى بين المدنيين وهذا ما سيزيد من السخط على واشنطن بين الأفغان".

فيما اعتبر مواطنون اخرون أن البيان " لم يأتِ بجديد وهو شيء مخيب للآمال، لأن إستراتيجية (أوباما)هي مجرد كلام ولا تركز على المدنيين وبناء الأمة والديمقراطية وحقوق الإنسان".

الميدان الافغاني وصوابية القرار الاميركي:

ويبدو ان الرئيس الاميركي قرر إمساك العصا من الوسط ليرضي كل فريق من الفرقاء المتنازعين في إدارة شؤون الولايات المتحدة الاميركية، غير ان الميدان الأفغاني سيكون وحده سيد الكلام الفصل في إثبات جدوى مضاعفة الإنخراط العسكري المتزايد في الحرب الذي سيبقى أسير قدرته على امتصاص الضربات التي يوجهها مقاتلو حركة طالبان للجحافل القادمة إلى هذه البلاد المضطربة.

تقرير : عبد الناصر فقيه


2009-12-02