ارشيف من :آراء وتحليلات

خلف القناع: مقاومة حتى النصر

خلف القناع: مقاومة حتى النصر
كتب مصطفى خازم
هي الأم في كل مراحل العمر، تذوي كالشمعة ليعيش فلذات الأكباد بكل كرامة.
بالأمس كانت الصورة ـ الزلازل، واسمحوا لي أن أسميها كذلك، فهي المشهد الأخير في المسرحية الأممية لكيان مسخ اخترعه البريطانيون وأرضعته أميركا، ولما هوت بمالها واقتصادها بدأ يضمحل، وسيختفي عن الوجود حتماً.
بالأمس كانت الصورة التي هزت قلب الكيان الغاصب.. عجوز فلسطينية حفر الزمان خريطة فلسطين على وجهها، أبت الخنوع والذل وانكسار النفس الحقيرة، فتناولت حجراً ووقفت تستند إلى جذع زيتونة، ولا أدري من كان يحتمي بمن: المرأة بالزيتونة أم الزيتونة بالمرأة، وكلا الحالين صواب ومفخرة؟!
جدة هي تعلم أولادها وأحفادها بالمباشرة وليس عبر الكتاتيب والندوات والمحاضرات، بل بدروس على الأرض.
كلهم حولها يتفرجون ويتعلمون، لن تتكرر التجربة، لن نهجر من أرضنا برغم هول ما جرى ويجري وسيجري على عكا التي يطوقها الصهاينة التلموديون اليوم.
أما العاجز الخانع القابع في غرفة مكيفة لا تنقطع عنها الكهرباء، فلا يحق له أن ينظر حول الربح والخسارة. فالمعادلة عنده كلها خسارة ما دام يعبد ربّين كما قال المسيح (ع): الرب والمال.
كل معايير الدنيا لن تجعله رجلاً حراً، بل سيظل عبداً حتى الممات.
هي الحرة بكل معاني الكلم.. صمدت وقاومت وانتصرت.. وتمارس "كي الوعي" الصهيوني لكي يتذكر أن هنا فلسطين، وستبقى فلسطين.
لم تغامر في الرهان على صعاليك وأقزام يلهون بالألعاب النارية، ويشترى أحدهم الطائرات المقاتلة بالحبات ليرميها في مستودعات الذخيرة، ليقمع بها شعبه يوم ينتفض.
لم تغادر في ركب الخائفين الخانعين في سفن الأوهام. جعلها أفراد أتوا من بعيد حاملات دواء وشفاء لأهل غزة.. غزة التي تموت يومياً ألف مرة.
هي الحرة تعرف أن للقدس صلاة واحدة، وقبلتها هي المقاومة.
لم تنتظر الدعم اللوجستي والعسكري.
فهي منذ الأزل تعلم ان العدو جبان.. أوليست بنت فلسطين مسرى الرسول ومعراج الوحي ومهبط الأديان؟!
حملت حجراً وما أكبره! وما أثقله على أشباه الرجال!
سجل أنا العربية الحرة، فلسطينية الهوى، ولن أخون ولن أهون. هو الزيتون المقدس ينير المسجد المقدس.
ولن أبيعه بكل نفطكم المهدور على أيدي الغواني والغلمان. لكم كل الأرض بأوساخها، ولي أطهر ما فيها.
نعم بحجابها.. ولو تدرون ما معنى حجابها في هذه الأزمان!
أليست القابضة على الجمر هي المنتصرة؟ ولعل لنا من بقية خيط على أطراف ذيل ثوبها، تميمة أو حجاب نتبرك به.
عذراً أماه، أثقلنا الذل، ونريد بعضاً من كرامة.
بالأمس لقيناه في نظرتك الواثقة المطمئنة بالله.
عذراً، هذا بعض ما نقدر، ونترك الكلام لك، لزغرودة في يوم العرس، يوم النصر.
فلك وحدك الحق بالفرح..
أما أشباه الرجال،
فلهم الولولة والنوح على أطراف مدن الكذب، وخيام الخيانة والعمالة.
أنت القدس فانتصري.
الانتقاد/ العدد 1708 ـ 21 تشرين الأول/ أكتوبر 2008
2008-10-21