ارشيف من :أخبار عالمية

خاص "الانتقاد.نت": لا تسوية ولا تغيير في مشهد "المفاوضات" الفلسطينية الاسرائيلية

خاص "الانتقاد.نت": لا تسوية ولا تغيير في مشهد "المفاوضات" الفلسطينية الاسرائيلية
كتب علي حيدر

يشير مشهد المفاوضات بين السلطة الفلسطينية والكيان الاسرائيلي الى جمود فعلي على صعيد التسوية ومقدماتها، تجري محاولات لاطلاقها شكلياً من دون فائدة ترجى على هذا الصعيد، برغم انه لا شيء يشير الى امكان تحقق اية تسوية حقيقية بين الجانبين، اذ ان الامور وصلت الى حد من التعقيد لا يمكن لأي طرف ردم او جسر الهوة القائمة بين اقصى ما يمكن ان "يتنازل" عنه الاسرائيليون، واقل ما يمكن ان يقبل به الفلسطينيون، انطلاقاً من نفس منطق التسوية بين الجانبين.

من ناحية، تعتبر الحكومة الاسرائيلية الحالية عاجزة عن تسليك اي طرح تسووي، اذ ان ثمن اي "تنازل"، مهما كان هذا التنازل شكلياً، سيؤدي الى اسقاطها او اعادة خلط الاوراق الائتلافية في الساحة الداخلية الاسرائيلية، وهذا اخر ما يريده رئيس حكومة العدو الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، باعتبار ان هذا الخلط يؤدي الى مغامرة غير محسوبة النتائج داخل ملعب حزبه الخاص، حزب الليكود، وسط تطلع عدد من الشخصيات البارزة فيه الى القيادة، مثل نائب رئيس حكومة العدو سيلفان شالوم، وغيره من الشخصيات الرئيسية في الحزب.

من ناحية اخرى، لا تبدو اي من الطروحات المتداولة، طروحات جدية يمكن للسلطة الفلسطينية ان تسلّكها لدى الفلسطينيين، هذا ان استطاعت بالفعل ان تسلك شيئا، اذ ان التشرذم القائم في الشارع الفلسطيني، بين فلسطينيي الضفة الغربية وقطاع غزة، وايضاً بين محاور التجاذب القائمة في السلطة الفلسطينية نفسها، لا تسمح لرئيس السلطة محمود عباس ان يتماشى مع أي من الطروحات الشلكية بطبيعتها، والتي لن ترضي أياً من الفلسطينيين، برغم التقدير المسبق بأنه (عباس) على استعداد لقبول أي حلول شكلية، يظن انها تزيد من رصيده على حساب حركة حماس، الثقل الثاني والمركزي في الجانب الفلسطيني.

من ناحية ثالثة، لا يمكن ان نتوقع حراكاً جديا ًمن قبل الاميركيين، وقد كان في الحركة الاميركية الاخيرة المتمثلة بقبول المناورة الاسرائيلية لجهة تجميد الاستيطان دليل على ذلك، خاصة ان لا شيء تخسره الادارة الاميركية إن لم تقدم على ما يدفع بقوة نحو مفاوضات جدية مع الفلسطينيين، من خلال الضغط الحقيقي على" اسرائيل".. وبالاخص ان السلطة الفلسطينية، بما لديها من فتات القدرة بعد ان وهبت كل مواطن القوة لديها بالمجان، غير قادرة على تحريك الاميركيين بما يتناسب مع مصلحة القضية الفلسطينية، لفقدانها الادوات، بل لا يمكنها ذلك بما يتعلق بمصلحتها الخاصة والمصلحة الشخصية لرئيسها.

تبدو السلطة الفلسطينية في هذا المجال لاعباً سلبياً، بمعنى انها غير قادرة على التأثير السلبي او الايجابي في مسارات التسوية والاعداد لها، وكل ما يمكنها فعله هو انتظار "تفضل" اسرائيلي او اميركي عليها، وهو موقف غير قادر على تحصيل اية فائدة، حتى بما يتعلق بالفوائد الشخصية المباشرة.

سمة المرحلة الحالية، لجهة القضية الفلسطينية، هي تقطيع الوقت بانتظار متغيرات ما يحملها قادم الايام، من دون اية قدرة على التأثير المباشر او غير المباشر، وهو ثمن يدفعه الفلسطينيون بنتيجة تخلي السلطة الفلسطينية عن خيارات القوة الكامنة لدى الفلسطينيين، وتوسلها وسائل بعيدة عن المقاومة ومقارعة الاسرائيليين انطلاقا من هذا الخيار، وبالتالي تبدو هذه المرحلة هي الاكثر اشكالية وتعقيداً، في تاريخ القضية الفلسطينية.

برغم ذلك، ونتيجة بقاء قسم من الفلسطينيين في حالة من الامتناع عن الاستسلام، فلا قدرة للاسرائيليين، ومن خلفهم ايضاً الاميركيون، على فرض تسوية استسلامية مطلقة مطلوبة من قبل الكيان الاسرائيلي، حتى مع إمكان توجه السلطة للقبول بها، وهذه هي احدى مكامن القوة الحالية للقضية الفلسطينية، خلال مرحلة الوقت المستقطع.
2009-12-04