ارشيف من :أخبار عالمية

ما وراء كواليس ازمة دبي المالية

ما وراء كواليس ازمة دبي المالية

"الانتقاد.نت" - علي مطر

هل هي صدفة أن يأتي الضغط الدولي على الجمهورية الاسلامية الايرانية من أجل الرضوخ للشروط  المتعلقة بتخصيب اليورانيوم خارج أراضيها، مع الإعلان عن الازمة المالية لإمارة دبي التي كانت تشكل مقصداً للاستثمارات الأجنبية، ام ان ثمة محاولة لجر الإمارة من الزاوية المالية لتفعيل الضغوط على طهران؟، وهل ثمة قطبة مخفية في ثنايا الازمة المالية الجديدة قد يتضح معها في وقت لاحق ان وراء الاكمة ماما وراء كواليس ازمة دبي المالية ورائها من خبث سياسي واقتصادي يهدف لحشر امارة دبي في الزاوية تمهيدا لدفعها للقيام بخطوات تطبيعية مع كيان الاحتلال الصهيوني وذلك في اطار الضغوطات الجارية لتمهيد ارضية خصبة لفرض تسوية مذلة على المسلمين والعرب عبر المفاوضات برعاية الادارة الاميركية؟!. 

رؤية إسرائيلية

لا يستبعد خبراء في كيان العدو أن تكون" لأزمة دبي المالية علاقة بالسياسة الدولية وبقرب فرض عقوبات وحصار دولي على طهران، ويوضح بعض هؤلاء أن دبي احتفظت بعلاقات مميزة مع طهران خلافاً للإمارات الأخرى التي تبنت الموقف الأميركي، وهناك تقديرات بأن تتم تسوية بعض مشاكل دبي مقابل تخليها عن سياستها المستقلة عن محور الاعتدال العربي ومطالبتها بقطع علاقاتها مع "إسرائيل".

ضغوط أميريكية على إيران

ويقول تقرير نشرته وكالة أنباء "بلومبرغ" الاميركية نهاية تشرين الأول/أكتوبر الماضي، ''إن جهود الولايات المتحدة للضغط على إيران بتقديم تنازلات بخصوص مفاعلاتها النووية عن طريق الحد من واردات البنزين ليس أمامها سوى فرصة ضئيلة للتأثير، وذلك عائد لرغبة دولة الإمارات العربية المتحدة ودول أخرى بالاستمرار في تصدير الوقود للجمهورية الإسلامية''.

ويشير التقرير إلى أن 75 بالمئة من واردات إيران من الوقود المكرر، وقيمتها السنوية 2.8 مليار دولار سنويا، تمر عبر الإمارات، ويشدد عضو الكونغرس الأميركي براد شيرمان على ''أن الإمارات تعتبر شريان الحياة المتدفق للنظام الإيراني''.

ليس هذا التقرير هو الوحيد الذي يظهر التوجهات الأميركية لإحكام الحصار على إيران، فأغلب النشاطات التي يقوم بها أعضاء في الكونغرس الأميركي وجماعات الضغط، التي غالبا ما تكون مدعومة من اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، تمارس نفوذها من أجل التعجيل بحسم الموقف وإجبار إيران على التنازل عن خططها في بناء المزيد من محطات تخصيب اليورانيوم لمفاعلاتها النووية.

وتعتقد واشنطن والعواصم الغربية أن الوقت قد حان لضرب كل من يسهم في تخفيف الضغط على إيران، لكن الحقيقة هي أن تشابكا في المصالح بين إيران والإمارات يحد من التوجه الغربي، فهناك أكثر من 500 ألف إيراني في الإمارات لديهم عشرات آلاف المصالح والاستثمارات الصغيرة في الغالب، وأغلبهم يتمركزون في دبي، ويضخون استثمارات تقدرها بعض الإحصاءات بنحو 300 مليار دولار، فيما يصل التبادل التجاري بين البلدين إلى نحو عشرة مليارات دولار سنوياً، ويميل الميزان التجاري لصالح الإمارات، وتعتمد إمارة دبي في إعادة التصدير بنسبة كبيرة على السوق الإيرانية.


من ناحية اخرى كانت الجمهورية الاسلامية الايرانية حتى قبل ثلاث سنوات، الشريك التجاري الأول في قائمة الشركاء التجاريين العشرة الكبار لإمارة دبي، قبل أن تتراجع إلى المرتبة الثالثة بعد الصين والهند، بسبب ما يقوله تجار إيرانيون عن القيود التي تفرضها البنوك العاملة في الإمارات على التسهيلات الائتمانية الممنوحة للشركات الإيرانية ضمن القيود التي فرضها مجلس الأمن والإدارة الأمريكية على إيران بشأن ملفها النووي.

الخبير الإقتصادي غازي وزني
وفي هذا الاطار، يقول الخبير الاقتصادي الدكتور غازي وزني في حديث خاص لـ"الانتقاد.نت" عن خلفيات أزمة دبي ان "الازمة ظهرت بوادرها في اوائل 2009 ، لكنه لم يجر الاعلان عنها الا مؤخرا"، لافتا الى ان لهذه الازمة تداعيات كبيرة جداً على الخليج العربي وفي الوقت نفسه على ايران".

ويشير وزني في حديثه عن تداعيات الازمة الى ان "دبي تعتبر مركز تجاري اساسي تستفيد منه الاسواق في ايران، حيث انه من دبي تمر العديد من الحركة التجارية من والى ايران، وإلى جانب ذلك فإن دبي كانت مكان أساسي من اجل الحركات السياحية وغيرها، مما يعني بحسب رأي الدكتور وزني ان دبي محور اساسي ومركز مهم جداً اقتصادياً ومالياً بالنسبة لطهران، وطريق للخروج نحو الاقتصادات العربية والاسيوية".

وعن اهداف ازمة دبي يوضح الخبير الاقتصادي  في حديثه لـ "الانتقاد.نت" " ان احد اهداف الازمة وإذاعتها وانتشارها عالمياً وتضخيمها بشك كبير جداً، هو للضغط على سياسة دبي الاقتصادية والمالية من أجل الضغط على ايران وذلك بسبب الانفتاح الكبير بين ايران ودبي، حيث لم يكن هناك اي عائق للتبادل التجاري والاقتصادي بين البلدين ومع الدول الخارجية".

ويقول وزني في هذا الإطار "يمكن القول ان دبي لم يعد باستطاعتها وبسهولة العودة الى ما كانت عليه، وإذا ما تقدمت ابوظبي بالمساعدة فسيكون من خلال فرض شروط سياسية تخدم مصلحة اسرائيل واميركا في الضغط على ايران".

ويؤكد وزني ان هناك مصلحة لـ"اسرائيل" من الازمة في دبي، مشيرا الى "ان هناك نوع من التلاعب الإسرائيلي للوصول الى الأزمة المالية الحالية في دبي، حيث ان اسرائيل ولو تعرضت الى ضربة اقتصادية من جراء الازمة إلا انه لا شك بأن يكون هناك نوع من التدخل من اللوبي الاسرائلي للوصول الى ضربة اقتصادية كبرى تؤثر على ايران".

الباحث الإستراتيجي محمد صادق الحسيني

وفي الاطار نفسه، يشرح الباحث الإستراتيجي محمد صادق الحسيني ابعاد أزمة دبي في حديث لـ"الانتقاد.نت"، لافتا الى أن" ما حصل له ابعاد مختلفة، وواحد من هذه الابعاد الامتداد الطبيعي لازمة الاقتصاد العالمي، الذي أثر على كثير من الاقتصادات المحلية في عدد من البلدان ومنها دبي، وذلك لان دبي في جزء أساسي من اقتصادها يقوم على الاقتصاد المعولم الذي تفرضه الولايات المتحدة الاميركية في اقتصاديات معينة على الشعوب".

وعن تأثر ايران بالازمة يجيب الحسيني بأن " الازمة كان لها تأثير نفسي وسياسي على ايران، أكثر من التأثير الاقتصادي بشكل مباشر"، ويعيد الحسيني ذلك الى ان  "طهران وان كانت تعتمد في بعض تجارتها على دبي، لكنها انتبهت بشكل مبكر ومنذ فترة الى ايجاد بدائل عن ذلك ومنها البديل التركي الذي وصل التعاون معه الى حدود 30 مليار دولار تقريباً استطاعت ايران ان تنقلها الى للاستثمار بالاسواق التركية، وكذلك استطاعت بناء شبكة علاقات مع دول الخليج وخاصة سلطنة عمان".

ويضيف الحسيني ان "ايران استطاعت ان تتعاون مع سلطنة عمان تفادياً من الوقوع في ان "تضع بيضها في سلة واحدة"، كما انها استطاعت ان تنفتح بتجارتها بشكل واسع جداً باتجاه الشرق كالصين وكوريا الجنوبية وماليزيا وغيرها، وكذلك مع اميركا اللاتينية في العديد من الصناعات، تحسباً لمثل هذه الايام التي حاول فيها الغرب وضع الجمهورية الاسلامية تحت الكماشة الاقتصادية لفرض شروط سياسية عليها".

وحول دخول الايادي الصهيونية على خط أزمة دبي، يشير الباحث الايراني في حديثه لـ"الانتقاد.نت" الى ان " ما يحصل في دبي هو نوع من عقاب للامارة المنفتحة اقتصادياً على طهران، والتي حاولت ان تؤثر على مجمل سياسات الامارات المتحدة والمختلفة عن السياسات المصنوعة اميركياً و"اسرائيلياً"، تجاه الازمة في فلسطين والعراق وايران، وما حصل ويحصل مع دبي هو لاجبارها التخلي عن السياسة المنفتحة على ايران".

ويشير الحسيني "الى ان في الازمة نوع من الدخول في حرب الاقتصاد والمال والأعمال، والتي أصبحت اليوم جزءً من الحرب الاستخباراتية، لافتا الى ان "اسرائيل" دخلت من خلال تبييض الاموال والمخدرات الى سوق دبي ".

وفيما لم يستبعد محمد صادق الحسيني "ان يكون هناك تدخل أميركي مباشر في ازمة دبي"، لفت الى الضغوطات التي جرت على الامارات من اجل فرض اقامة قاعدة فرنسية على أراضيها، مشيرا الى أنه "يجري التحضير ايضا لاقامة قاعدة أميركية في ابو ظبي".

وعن التطبيع مع "اسرائيل" يجيب الحسيني في حديثه لموقعنا الالكتروني ان" دبي هي جزء من دولة الامارات التابعة لدول الاعتدال، وهي أصبحت جزء من دول الاعتدال الاربعة خاصةً بعد رحيل الشيخ زايد، وفي هذا الوقت بالذات الضغط يتزايد من قبل أميركا و"اسرائيل"، من أجل فرض التطبيع على دبي، "والدليل على ذلك هو ارسال ممثلين اسرائيلين الى المؤتمرات الاخيرة في دبي، لأنهم يسعون لنشر التطبيع على دبي وفرض سياسة القطيعة مع ايران عليها".

هذا كله يظهر انه قد تكون هناك علاقة لبعض رجال الاعمال الاسرائيلين المتضررين من أزمة دبي بحسب ادعائهم، في تشكيل ما يسمى باللوبي "الاسرائيلي" لتوريط دبي في أزمة مالية، تأخذ في مداها خلفية أوسع من ضرب المؤسسات المالية الى ان تصل لحث دبي على قطع علاقاتها الحميمة مع ايران كونها هي الامارة الوحيدة التي تقيم علاقات مميزة مع طهران لاسيما في المجال الاقتصادي، والعمل على المساعدة لفرض عقوبات على ايران أيضاً من بوابة الامارة الصغيرة الحجم الكبيرة الاستثمارات وصولاً الى التطبيع مع "اسرائيل"، والدخول في النفق المظلم لما يسمى دول الاعتدال العربي.

2009-12-04