ارشيف من :آراء وتحليلات
على العهد: دروس المقاومة وإنجازاتها

كتب إبراهيم الموسوي
قادة العدو الإسرائيلي مشغولون هذه الأيام بعرض الخطط والمشاريع التسووية على العرب واللبنانيين. أيهود أولمرت يحذّر من أنه لم يكن هناك مناص من الهزيمة في عدوان تموز 2006 حتى لو "دفعنا بكل ألوية الجيش المقاتلة إلى الميدان"، وهو يدعو إلى ضرورة انتاج تسوية سريعة مع المحور العربي المعتدل، وايهودا باراك يدعو إلى إحياء المبادرة العربية للعام 2002 كأساس للمفاوضات المقبلة توصلاً إلى تسوية تضمن مستقبل كيانه الغاصب في وجه إيران وسوريا وحزب الله وحماس. وبالأمس (21/10/2008) كانت خارجية العدو بأرفع مسؤوليها تتداول في خطة تهدف إلى جر لبنان إلى ما أسمته معاهدة عدم اعتداء طويلة الأمد تتضمن ترتيبات متبادلة على الحدود، وقيوداً مشددة على تسليح المقاومة رغبة منها في ضمان الهدوء على الجبهة الشمالية.
لعل السؤال الأول الذي يطرح نفسه في ظل عجقة الخطط والمشاريع الإسرائيلية يتعلق بسر هذه الحيوية، وسبب هذه الاندفاعة الإسرائيلية وراء إنجاز أي ترتيب أمني جديد مع لبنان.
الجواب لا يحتاج إلى شرح طويل، فآثار هزيمة تموز 2006 وتداعياتها لا تزال تتوالى فصولاً على مستوى الاهتزازات البنيوية التي اعترت كيان العدو، وكذلك الأمر بالنسبة لإعادة طرح المبادرة العربية وإحيائها من الجانب الاسرائيلي، فالعدو لم يقم وزناً للقادة العرب ومبادرتهم في بيروت العام 2002 التي قدمت عرضاً سخياً تمثل باستعداد الأنظمة العربية للاعتراف بكيان العدو والتطبيع معه مقابل انسحابه من الأراضي التي احتلها عام 1967 وشرقي القدس، وكان رد شارون آنذاك تدمير مخيم جنين بعد مجزرة رهيبة أودت بحياة العشرات من أبناء هذا المخيم، فما الذي غيّر رأي قادة العدو وجعلهم يقبلون بما رفضوه سابقاً، ويُقبلون على اقتراح التسويات؟
الثابت أن اسرائيل قبل عدوان تموز 2006، هي غير اسرائيل بعده، وكذلك الأمر بالنسبة لكل قواها السياسية والعسكرية، لقد قدّمت مقاومة الشعب اللبناني أمثولة حية لم يعد بالإمكان تجاوزها في كل الحسابات الجارية والمقبلة، ولعل أول الدروس التي تعلّمها العدو من تجربة العدوان هي التواضع في تقدير حساباته وقواه وإمكانياته. لقد خسر العدو تقديره لذاته، ولم يعد قادر على ترميم سيكولوجية جيشه المنهارة، لأن هذا الموضوع أكثر تعقيداً من مجرد التأهيل العسكري، والتدريب الجسدي والتجهيز اللوجستي.
لقد سقط نظام المناعة وتهاوت الحصانة التي طالما تمتع بها جيش العدو، وتغنى بها مباهياً بكونه "الجيش الذي لا يقهر"، وما كان لكل ذلك أن يتم لولا التمسك بخيار المقاومة نهجاً وممارسة.
ماذا جلبت المفاوضات علنية وسرية التي خاضتها الأنظمة والحكومات والقوى العربية، غير المزيد من تضييع الحقوق وإهدار الإمكانيات؟ ماذا أفادت معاهدات السلام من قام بها، وها هي دروس مصر والأردن ومنظمة التحرير لا تزال ماثلة أمامنا. بل ماذا حلّ بمصر التي كانت الركن الأساس وبيدق المعادلات العربية، ألم تتراجع أهميتها إلى لعب الأدوار الهانشية والثانوية، وماذا يقول الذين خاضوا غمار المفاوضات مع العدو عن الخلاصات التي توصلوا اليها، ألم يقل معظمهم إن الرهان على المفاوضات هو رهان خاسر، وإن العدو ليس مهتماً بالتوصل إلى تسوية ناهيك ن الحلول، وإنه ليس حاضراً لإنجازها.
آخر ما ذكر في هذا المجال، ما نقل عن أمين عام الجامعة العربية عمرو موسى الذي قال إن الكلام عن قيام دولة فلسطينية سراب.
ماذا يريد العرب قادة وحكومات أكثر من كل ما رأوه وخبروه من تجارب خاضوها بأنفسهم ولمسوا مآلها الخاسر، وماذا يريدون أكثر من نتائج الحرب العدوانية في تموز وتداعياتها ونتائجها كخلاصة بليغة على صوابية وأحقية منطق المقاومة كخيار ونهج. لقد أسفر صبح الحقيقة لذي عينين، ولم يعد التعامي أو التباكي يجدي نفعاً، فرصيد النصر مفتوح حسابه لتقوية الموقف العربي وتعزيز الحق العربي. المطلوب هو الاقتناع بأن الصهاينة هزموا ما دام أنهم يقولون ذلك ويمارسون ما يؤكده، المطلوب هو الامتناع عن الاستمرار في القفزات التنازلية لتثبيت الحقوق العربية تمهيداً لاسترجاعها.
إنها المقاومة أيها السادة، هي التي تسترجع الحق وهامة العرب مرفوعة ورايتهم خفّاقة، وليس المطلوب منكم نصرها أو دعمها، بل المطلوب أن تكفّوا عن خذلان أنفسكم والقضية، وهي وشعوبها ومجاهدوها ستتولى الباقي، والبقية، وستكون منتصرة حتماً، كما دائماً بمشيئة الله.
الانتقاد/ العدد 1708 ـ 21 تشرين الأول/ أكتوبر 2008
قادة العدو الإسرائيلي مشغولون هذه الأيام بعرض الخطط والمشاريع التسووية على العرب واللبنانيين. أيهود أولمرت يحذّر من أنه لم يكن هناك مناص من الهزيمة في عدوان تموز 2006 حتى لو "دفعنا بكل ألوية الجيش المقاتلة إلى الميدان"، وهو يدعو إلى ضرورة انتاج تسوية سريعة مع المحور العربي المعتدل، وايهودا باراك يدعو إلى إحياء المبادرة العربية للعام 2002 كأساس للمفاوضات المقبلة توصلاً إلى تسوية تضمن مستقبل كيانه الغاصب في وجه إيران وسوريا وحزب الله وحماس. وبالأمس (21/10/2008) كانت خارجية العدو بأرفع مسؤوليها تتداول في خطة تهدف إلى جر لبنان إلى ما أسمته معاهدة عدم اعتداء طويلة الأمد تتضمن ترتيبات متبادلة على الحدود، وقيوداً مشددة على تسليح المقاومة رغبة منها في ضمان الهدوء على الجبهة الشمالية.
لعل السؤال الأول الذي يطرح نفسه في ظل عجقة الخطط والمشاريع الإسرائيلية يتعلق بسر هذه الحيوية، وسبب هذه الاندفاعة الإسرائيلية وراء إنجاز أي ترتيب أمني جديد مع لبنان.
الجواب لا يحتاج إلى شرح طويل، فآثار هزيمة تموز 2006 وتداعياتها لا تزال تتوالى فصولاً على مستوى الاهتزازات البنيوية التي اعترت كيان العدو، وكذلك الأمر بالنسبة لإعادة طرح المبادرة العربية وإحيائها من الجانب الاسرائيلي، فالعدو لم يقم وزناً للقادة العرب ومبادرتهم في بيروت العام 2002 التي قدمت عرضاً سخياً تمثل باستعداد الأنظمة العربية للاعتراف بكيان العدو والتطبيع معه مقابل انسحابه من الأراضي التي احتلها عام 1967 وشرقي القدس، وكان رد شارون آنذاك تدمير مخيم جنين بعد مجزرة رهيبة أودت بحياة العشرات من أبناء هذا المخيم، فما الذي غيّر رأي قادة العدو وجعلهم يقبلون بما رفضوه سابقاً، ويُقبلون على اقتراح التسويات؟
الثابت أن اسرائيل قبل عدوان تموز 2006، هي غير اسرائيل بعده، وكذلك الأمر بالنسبة لكل قواها السياسية والعسكرية، لقد قدّمت مقاومة الشعب اللبناني أمثولة حية لم يعد بالإمكان تجاوزها في كل الحسابات الجارية والمقبلة، ولعل أول الدروس التي تعلّمها العدو من تجربة العدوان هي التواضع في تقدير حساباته وقواه وإمكانياته. لقد خسر العدو تقديره لذاته، ولم يعد قادر على ترميم سيكولوجية جيشه المنهارة، لأن هذا الموضوع أكثر تعقيداً من مجرد التأهيل العسكري، والتدريب الجسدي والتجهيز اللوجستي.
لقد سقط نظام المناعة وتهاوت الحصانة التي طالما تمتع بها جيش العدو، وتغنى بها مباهياً بكونه "الجيش الذي لا يقهر"، وما كان لكل ذلك أن يتم لولا التمسك بخيار المقاومة نهجاً وممارسة.
ماذا جلبت المفاوضات علنية وسرية التي خاضتها الأنظمة والحكومات والقوى العربية، غير المزيد من تضييع الحقوق وإهدار الإمكانيات؟ ماذا أفادت معاهدات السلام من قام بها، وها هي دروس مصر والأردن ومنظمة التحرير لا تزال ماثلة أمامنا. بل ماذا حلّ بمصر التي كانت الركن الأساس وبيدق المعادلات العربية، ألم تتراجع أهميتها إلى لعب الأدوار الهانشية والثانوية، وماذا يقول الذين خاضوا غمار المفاوضات مع العدو عن الخلاصات التي توصلوا اليها، ألم يقل معظمهم إن الرهان على المفاوضات هو رهان خاسر، وإن العدو ليس مهتماً بالتوصل إلى تسوية ناهيك ن الحلول، وإنه ليس حاضراً لإنجازها.
آخر ما ذكر في هذا المجال، ما نقل عن أمين عام الجامعة العربية عمرو موسى الذي قال إن الكلام عن قيام دولة فلسطينية سراب.
ماذا يريد العرب قادة وحكومات أكثر من كل ما رأوه وخبروه من تجارب خاضوها بأنفسهم ولمسوا مآلها الخاسر، وماذا يريدون أكثر من نتائج الحرب العدوانية في تموز وتداعياتها ونتائجها كخلاصة بليغة على صوابية وأحقية منطق المقاومة كخيار ونهج. لقد أسفر صبح الحقيقة لذي عينين، ولم يعد التعامي أو التباكي يجدي نفعاً، فرصيد النصر مفتوح حسابه لتقوية الموقف العربي وتعزيز الحق العربي. المطلوب هو الاقتناع بأن الصهاينة هزموا ما دام أنهم يقولون ذلك ويمارسون ما يؤكده، المطلوب هو الامتناع عن الاستمرار في القفزات التنازلية لتثبيت الحقوق العربية تمهيداً لاسترجاعها.
إنها المقاومة أيها السادة، هي التي تسترجع الحق وهامة العرب مرفوعة ورايتهم خفّاقة، وليس المطلوب منكم نصرها أو دعمها، بل المطلوب أن تكفّوا عن خذلان أنفسكم والقضية، وهي وشعوبها ومجاهدوها ستتولى الباقي، والبقية، وستكون منتصرة حتماً، كما دائماً بمشيئة الله.
الانتقاد/ العدد 1708 ـ 21 تشرين الأول/ أكتوبر 2008