ارشيف من :أخبار عالمية

خاص الانتقاد.نت: حظر المآذن ضمن مشروع تأخير مشاركة المسلمين السياسة في المجتمعات الاوروبية

خاص الانتقاد.نت: حظر المآذن ضمن مشروع تأخير مشاركة المسلمين السياسة في المجتمعات الاوروبية
الناطق باسم اللجنة العربية لحقوق الإنسان د هيثم مناع: المجتمع السويسري أُقحم في أمر لا يعرف عنه الكثير



باريس – نضال حمادة

في استفتاء مباشر جرى التصويت بطلب من حزب الشعب اليميني المتطرف على حظر بناء مآذن للمساجد الجديدة في الفدرالية السويسرية. وقد كانت نتيجة التصويت (57 بالمئة) معاكسة لاستطلاعات الرأي التي كانت توحي بفشل هذه الفكرة المعادية ليس فقط لدين سماوي يمثل من يعتنقه أكثر من 4 بالمئة من السكان، وإنما أيضا لفن العمارة والمواصفات الجمالية المعروفة في كل أنحاء العالم للمساجد. وكان البرلمان السويسري قد صوت ضد هذا الحظر وكانت الحكومة أيضا ضد فكرة الاستفتاء، لمزيد من التفاصيل عن الموضوع أجرت "الانتقاد.نت" الحوار التالي مع الدكتور هيثم مناع المتحدث باسم اللجنة العربية لحقوق الإنسان.

- كيف استقبلت نتيجة الاستفتاء بحظر بناء المآذن في سويسرا؟
- كانت بالنسبة لي صدمة، فقد طلبت لأكثر من صديق سويسري أن أتدخل في الصحافة أو التلفزة حول الموضوع قبل الاستفتاء فقالوا لي هناك تعبئة معادية وسيوظف تدخلك بشكل معاكس كأجنبي يريد إعطاء دروس أخلاقية للسويسريين، ولكن ما جرى هو حقيقة هزيمة أخلاقية وحقوقية للمجتمع السويسري الذي أقحم في قضية حساسة لا يعرف عنها الكثير وتمت تعبئته تحت مظلة ثقافة الخوف من الإسلام الذي تم اختزاله في الحجاب وابن لادن. الاستفتاء بحد ذاته وسيلة مشكوك بجدواها عندما يتعلق الأمر بالأقليات. لذلك منعت بلجيكا الاستفتاء لأن الفلامان كأغلبية يصوتون كجسم واحد في السراء والضراء. الأمر لا يختلف في العالم العربي، أي أغلبية دينية ستصوت في استفتاء مبسط كهذا ضد حقوق الأقلية الدينية. لا يمكن تسمية هذا استفتاء رأي، هذا اسمه دكتاتورية الأغلبية.

- ما الذي يجعل الناس تخلط بين الإسلام السياسي والمآذن، هل هناك جهل بالأمور لهذا الحد؟
- هناك آلة جهنمية تعمل منذ سنوات لشيطنة الإسلام والمسلمين بغرض تأخير مشاركتهم السياسية والمدنية في المجتمعات الأوربية لأن هذا سيعطي مجموعة ضغط مؤيدة للقضايا العربية. كل مثقفي اللوبي الصهيوني ينشطون في هذا الأمر، كل مجموعات الضغط المناهضة للأجانب، وكل الأحزاب اليمينية المتطرفة. الأفيشات في الشوارع كان عليها صور نساء محجبات بالحجم الكبير ومآذن بالحجم الصغير، جرت محاولة ربط المئذنة بالنشاطية الإسلامية رغم أن تاريخ المئذنة في أوربة سبق تشكيل أول حركة سياسية إسلامية بعقود طويلة.

- أنت من المفكرين الذين دافعوا عن الديمقراطية التشاركية والمباشرة في عدة مقالات لماذا تنتقد هذا الاستفتاء؟
- الديمقراطية التشاركية نشأت في أوساط التقدميين والخضر وحركة حقوق الإنسان، وهي خطوة للأمام في تعميق الممارسات الديمقراطية ومواجهة سلبيات الديمقراطية التمثيلية. لكنني باستمرار وقفت ضد أي استفتاء في كل ما يتعلق أولا بالأقليات (مثلا كنت ضد أي استفتاء في أوربة حول تنظيم وضع الأجانب أو المحرومين من الأوراق) وثانيا النواة الصلبة للحقوق الأساسية للإنسان (مثلا إجراء استفتاء يسمح بممارسة التعذيب بعد وقوع عمليات عنف سياسية في بلد؟) ألم تظهر استفتاءات الرأي في الأشهر الأولى التي تلت أحداث 11 سبتمبر 2001 وجود أغلبية من الأمريكيين مع وجود سجن غوانتانامو واللجان العسكرية ووسائل التحقيق الخاصة التي تشمل التعذيب؟؟ هل من حق المشرع الأمريكي والإدارة الأمريكية استثمار حالة هيجان نفسية وثأرية للتملص من التزامات ذات علاقة بسلامة النفس والجسد واحترام دولة القانون؟ هذه مصيبة حقيقية وليست ديمقراطية بحال.

- هل انتهكت سويسرا برأيك القانون الدولي لحقوق الإنسان؟
-  بمفهومنا كمنظمات غير حكومية ومفهوم المفوضية السامية لحقوق الإنسان، نعم. لأنها اعتدت على رمز ديني عام لا يشكل أي اعتداء على الآخر أو حرمان له من ممارسة حرياته وحقوقه. أما وفق التفسير الواسع الذمة للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي صدقت عليه سويسرا، فيمكن القول أن هناك نقاط ضبابية في العهد الدولي يتم استثمارها من قبل الدكتاتوريات والديمقراطيات على حد سواء تتعلق بمفهوم الأمن العام والنظام العام وغيرها من كلمات فضفاضة(المادة 18 الفقرة الثالثة)، وضعتها الدول للتملص من التزاماتها. الأمر الذي يتطلب من المنظمات الحقوقية والدول الإسلامية الدعوة لبروتوكول ملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية يتناول بشكل محدد مجالات التدخل في قضايا حرية الاعتقاد والواجبات الدينية، بحيث لا تبقى بشكل هلامي يخلط بين السياسي والديني وبين الخوف من الآخر وحقوق هذا الآخر كمواطن.

2009-12-06