ارشيف من :أخبار عالمية

هل يتحول مؤتمر كوبنهاغن الى مهزلة؟

هل يتحول مؤتمر كوبنهاغن الى مهزلة؟
خاص "الانتقاد.نت" - صوفيا ـ جورج حداد

حظي مؤتمر كوبنهاغن للمناخ باهتمام عالمي كبير، فقد عقد الكثير من انصار البيئة آمالا عريضة على امكانية ان يحقق هذا المؤتمر ما لم تستطع المؤتمرات الشبيهة السابقة تحقيقه، اولا، نظرا للآمال التي عقدها ولا يزال الكثيرون على الزعامة الاميركية الجديدة المتمثلة بباراك اوباما، وثانيا، بسبب الاجواء غير التصادمية التي سبقت ورافقت المؤتمر، وثالثا، لانعقاد المؤتمر في كنف الاتحاد الاوروبي الذي يعول الكثيرون على دوره التوفيقي العالمي، من جهة، واتساع حجم ونشاط حركات انصار البيئة في اوروبا منذ عقود، من جهة اخرى.

ولكن ما ان اطل اليوم الثالث من المؤتمر حتى غلفت الامطار والغيوم كوبنهاغن، وبدأت بورصة الامال تتدنى. وأخذت تتسرب الانباء عن صفقات كريهة تجري وراء الكواليس.

وبدأت المحادثات في المؤتمر تتعرقل بعد تسرب الحديث عن مشروع للبيان الختامي للمؤتمر. وهذه الوثيقة تعطي المزيد من الحقوق للدول المتقدمة، وتزيح الامم المتحدة عن الاضطلاع بدور مركزي في جميع قضايا المناخ وتلغي المتطلبات التي طرحتها اتفاقية كيوتو. وقد نشرت مقتطفات من مشروع البيان جريدة "الغارديان" البريطانية. وتؤكد الجريدة انها تمتلك النص الكامل للوثيقة، الموضوعة من قبل ما يسمى "حلقة المهتمين"، الذين تدخل في عدادهم الولايات المتحدة الاميركية، وبريطانيا العظمى والدانمارك.

وتحدد الوثيقة حدودا قصوى لانبعثات ثاني اوكسيد الكربون على اساس الفرد من السكان، الامر الذي يسيء الى مصلحة البلدان الاكثر فقرا. وبهذا المعيار فإن الدول الاكثر غنى سيكون لها الحق حتى سنة 2050 في ان تصدر انبعاثات ثاني اوكسيد الكربون اكثر بمقدار الضعف. وتشير الغارديان ان روح ما يسمى "نص الدانمارك" يعتبر تراجعا عن مبادئ بروتوكول كيوتيو، الذي يتوجب بمقتضاه على الدول الغنية ان تلتزم بتعهدات صارمة بأن تخفض الانبعاثات الغازية ، في حين لا يوجد مثل هذا الطلب من الدول النامية. كما تتوقع الوثيقة الجديدة ان يتولى البنك الدولي الاشراف على تمويل الصراع ضد التغيرات المناخية. وان تحصل البلدان الفقيرة على الاموال المرصودة لهذه الغاية فيما اذا تعهدت بتنفيذ سلسلة من التدابير. وعلق بعض الخبراء امام الجريدة انه بالرغم من ان الوثيقة لا تزال مشروعا، فإن الحادث يلقي الضوء على الخطر الذي يمكن ان ينشأ حينما "يتوحد الاغنياء، ويعاني الفقراء". والنص هو مليء بالثغرات التي يمكن التسلل منها، وهو لا يرى امكانية زيادة تخفيض انبعاثات الغازات الاحترارية، كما يحتوي مؤشرات هي اقل بكثير من نسبة الـ40% التي يشدد عليها العلماء.

ويحذر ممثل الـG77، ان هذا النص لوثيقة الدانمارك هو تفاهم سياسي "يهدد نجاح المحادثات" من اجل المناخ، حسبما تقول وكالة الصحافة الفرنسية، بدون ان تضيف اي تفاصيل اخرى. وهذا يمثل "خرقا فظا، يهدد نجاح المحادثات في كوبنهاغن"، وفقا لما اعلن لومومبا ستانيسلاف ضيا بينغ، رئيس الوفد السوداني، الذي تترأس بلاده حاليا الـG77، وكتلة الـ 130 بلدا ناميا. "ان اعضاء الـG77 لن يغادروا المحادثات في المرحلة الراهنة. اذ لا يمكننا السماح بحدوث الفشل في كوبنهاغن"، اضاف ضيا بينغ، الا انه اكد انهم لن يوقعوا اتفاقا غير عادل. "لا يمكن ان نقبل باتفاق، يعرض 80% من سكان العالم الى المزيد من المعاناة والظلم"، يؤكد الممثل السوداني.

وفي الوقت ذاته اصبح واضحا ان هناك اربع دول سوف تقترح على مؤتمر القمة في كوبنهاغن انشاء "صندوق اخضر"، في محاولة للتغلب على الطريق المسدود فيما يتعلق بجمع وادارة مليارات الدولارات، كما نقلت وكالة "رويترز" عن عدد من ممثلي الوفود. وتقترح بريطانيا،اوستراليا، المكسيك والنروج افكارا حول وثيقة مشتركة لاجل جمع مليارات الدولارات حتى سنة 2020. واعلن ممثل بريطانيا ان هذه الوثيقة سوف تتضمن افكارا لاجل انشاء صندوق اخضر للدول النامية، لمساعدتها جزئيا على التكيف مع التغيرات المناخية كالفيضانات، الجفاف، ارتفاع مستوى البحار، واختفاء بعض الاجناس الحيوانية.
2009-12-10