ارشيف من :آراء وتحليلات

الشقاقي.. ممنوع من الطباعة!

الشقاقي.. ممنوع من الطباعة!
كتب مصطفى خازم
هو ليس عنواناً للتشويق أو الإثارة، بل واقعة حصلت في فلسطين المحتلة.
فقد باتت صور شهداء طريق التحرير القادم لفلسطين المحتلة ممنوعة من الطباعة على ما يبدو، بقرار من "الباب العالي".
لماذا؟ لا جواب.
خبر يزيد في فداحة متخذيه أنهم لم يبذلوا إلا ماء وجههم أمام العدو ليصلوا إلى كراسيهم. وهم بالأصل لا يملكون شيئاً ليقدموه، سيما ذاك الذي كان ينظّر الى معادة الصهيونية ويحذر من خطرها في كراسته التي كانت تدرس في حلقات الثورة الفلسطينية، يوم كانت ثورة حتى النصر. هكذا نرد الجميل للشهداء!
"أبو إبراهيم" لم يطلب لنفسه كرسياً ولا مقعداً في الحكومة أو المجلس التشريعي المعتقل أغلب نوابه في سجون العدو،
فلماذا هذا الكره للمقاومة والمقاومين؟
كنا نظن أن "جلد الذات" كان مختصاً ببعض ضعاف النفوس من الأزلام، لكن على ما يبدو فالمرض تغلغل أيضاً إلى من كان في بداية العمر مقاتلاً "مزعوماً على الأرجح" حتى رُدّ إلى أرذل العمر، فبان على حقيقته عند المشيب.
فتحي الشقاقي واحد من شهداء الثورة الفلسطينية على الظلم واستباحة الأرض.. هذا هو خط الشهداء الممتد منذ اغتصاب فلسطين، مروراً بالقادة والعلماء المضحين بحياتهم من أجل الذود عن الوطن، من شهداء الدفاع في مواجهة عصابات الإجرام الصهيونية إبان اغتصاب فلسطين إلى شهيد القدس بالأمس الذي قتل بسكينه مستوطناً في القدس المحتلة.
ابن "الزرنوقة" من أعمال يافا الفلسطينية، أستاذ الرياضيات في القدس في بداية حصوله على الشهادة، وطبيب القدس وأهله بعد تخرجه في جامعة الزقازيق بمصر،
كما كل فلسطيني وعى خطر الصهيونية والاحتلال.. لم يقبل شهادة واحدة، بل نال اثنتين وختمهما بشهادة ثالثة أكبر.
حمل فلسطين في قلبه وعقله، ناضل من أجلها واعتقل، شُرّد ونُفي وأُبعد، ولكنه لم يبع القضية.
نادى: "القضية الفلسطينية هي القضية المركزية للحركة الإسلامية المعاصرة"، وقرر خوض الغمار مقاوماً بالسلاح وبالعلم وبالسياسة.
أقسم أن "تلفظني كل حروفك يا فلسطين، تلفظني كل حروفك يا وطني المغبون، إن كنت غفرت أو كنت نسيت".
رسم خطه نحو فلسطين منتهجاً الإسلام طريقاً، كيف لا وجده لأبيه إمام مسجد القرية، وسمع القرآن بصوت أبيه منذ الصغر. توفِّيت عنه والدته وهو في الخامسة عشرة من عمره، وكان أكبر إخوته.‏‏
في نهاية السبعينيات خرجت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين إلى العلن، برغم أنه بقي يكتب باسمه المستعار: "عز الدين الفارس".
حل "ضيفاً" على سجون "الأصدقاء والأعداء"، مرة بسبب تأليفه كتاباً عن الثورة الإسلامية في إيران عقب الانتصار، ومرة ثانية بعد اغتيال السادات.
عاد إلى فلسطين المحتلة، فاعتقلته قوات الاحتلال الصهيوني في غزة لإصداره مجلة باسم الحركة. اعتقل مرة ثانية بتهمة التحريض على مقاومة الاحتلال، ونقل أسلحة والانتماء إلى حركة الجهاد.‏‏
ارتفع شهيداً برصاص الموساد الصهيوني بتاريخ 26 تشرين الأول/ أكتوبر 1995 في مالطا، أثناء عودته من ليبيا، حيث كان يسعى لإيجاد حل لمعاناة المبعدين الفلسطينيين. كيف لا وهم أهله وأهل فلسطين، وهم القضية.
رفضت العواصم العربية استقبال جثمانه ليدفن فيها، وأبت دمشق إلا أن يكون في القلب والقرب منها.
امنعوا طباعة الصور، واذهبوا إلى "كامب دايفيد" و"وادي عربة" و"واي بلانتيشن" و"أنابوليس"، وإذا شئتم إلى المريخ.
فجر فلسطين قادم، ولن تمنعوا الشمس من الشروق،
فهذا زمن الانتصارات.
الانتقاد/ العدد 1309 ـ 24 تشرين الاول/ أكتوبر 2008
2008-10-24