ارشيف من :آراء وتحليلات

ديمرقراطية الحرب الأميركية

ديمرقراطية الحرب الأميركية
كتب مصطفى خازم
.. لم تترك الصحافة الأميركية تعبيرات لاذعة وناقدة وشاجبة ومعترضة إلا واستعملتها في وصف إدارة بوش وعمله في سدة الرئاسة.
الكذب كان أبرزها.. وبالأمس سجل "الكذاب" أول أخطائه المميتة في آخر أيامه العشرة. مروحيات قواته التي تحتل العراق خرقت السيادة السورية وقتلت (9) مدنيين وعربدت وأرعبت ثم هربت إلى "قاعدته" في العراق.
هي ليست المرة الاولى التي يكذب فيها جورج بوش، فهو أصلاً اجتاح العراق بكذبة تنكر لها لاحقاً وزير خارجيته كولن باول، وانسحب منها مدير مخابراته جورج تينيت.
أسلحة الدمار الشامل، صور شاحنات ومختبرات تنقل المواد المحرمة، وسلسلة من الأضاليل كانت البوابة لدخول العراق.
لم يتوقف الكذب عند هذا الحد، بل وصل إلى استهداف المدارس والطلاب في العراق، بحيث باتوا يذهبون إلى صفوفهم والرعب يتملكهم من قصف عشوائي او رصاص "طائش" يقتلهم.
الامبراطورية التي قامت على كذبة وذبحت الهنود الحمر لكي تترك الأرض بلا ناس فتحتل مملكتهم وتسلب ذهبهم ونفطهم وأرزاقهم، عادت تكرر التجربة في العراق أمام مسمع العالم وعيونه المبهورة بالديمقراطية القادمة من بلاد العم سام.
أي ديمقراطية تسمح لصاحبها بقتل الاطفال في ملجأ العامرية قبل الغزو الاخير للعراق؟! وأي ديمقراطية تسمح بقتل الصوماليين وجرهم مربوطين إلى عربات جيوشها؟! وأي ديمقراطية تستبيح أعراض النساء في فيتنام والصين وكل مكان تنتشر فيه القواعد العسكرية الاميركية؟!
وهي نقلت التجربة إلى عصابات الصهاينة ليفعلوا فعلتها في فلسطين، والتجربة حية ماثلة أمام الشعوب.
اليوم جاء يوم الحساب،
النظام المالي الاميركي انهار كلياً، وكل مسكنات ومهدئات العالم لن تنفع في تخفيف الأوجاع التي ألمّت بالأميركيين.
كل مال العالم لن يعيد أميركيا إلى حكم العالم.
بالأمس وصفت صحيفة "راسيسكيا غازيتا" الدولار الاميركي بأوراق "الدمار الشامل". وقبلها هرب الأوروبيون من المصير الذي كان سيصيبهم جراء الارتباط به.
وحدها إيران قادت سفينتها الاقتصادية نحو شاطىء الأمان بتبديل الدولار بسلة عملات أخرى.
هو جورج بوش "دجال" هذا العصر، الذي سيسقط وسيكون سقوطه المدوي علامة الانهيار الأخير لكل هذه السياسة الاستكبارية المتجبرة.
اعتداء الأمس على سوريا كشف زيف وبطلان كل ما كانت تزعمه الادارة الاميركية.. امرأة وزوجها وأربعة شبان وعمال بناء كانوا هم "جهاز التهريب لمقاتلي القاعدة إلى العراق"!
القاعدة التي لا تظهر بياناتها إلا عندما "تحشر" إدارة بوش في زاوية ما، فيكون الشريط على الهواء جاهزا للبث.. والقاعدة التي لا تستهدف إلا في الدول الممانعة للهيمنة الاميركية والرافضة للخضوع لقواتها.
تقول العجائز في وطني: "كيف عرفت الكذبة؟ ويأتي الجواب: من كبرها". و"يا رايح كثر القبايح".
كبير "الكذبة" بدأ بارتكاب القبائح في أيامه الأخيرة.. أعان الله العالم على الآتي.. وإن شاء الله لا يكون أعظم.
عشرة أيام تفصل العالم عن زمن الانهزام والخضوع، والزمن الآتي سيرسم صورة جديدة على الأقل لعالم لن يكون فيه "جورج بوش"، بل سيكون في مزابل التاريخ.
الانتقاد/ العدد 1310 ـ 28 تشرين الاول/ اكتوبر 2008
2008-10-28