ارشيف من :آراء وتحليلات

محطة مفصلية

محطة مفصلية
كتب ابراهيم الموسوي
لم يحد حزب الله مرة واحدة عن خط الاتساق الكامل بين شعاراته وممارساته، قد تحتمل الأمور التفصيلية والتطورات والتغييرات دوزنة للتكتيك، أو تنويعاً في الأسلوب، أو انحناءً أمام عاصفة هوجاء لضرورات المرونة والتكيف، ولكن لم يحدث ولو مرة واحدة أن انقلب حزب الله على ثوابته والمبادئ، أو غيّر شيئاً من التزاماته وتوجهاته الوطنية الكبرى.
مناسبة هذا الكلام، اللقاء الذي جرى قبل يومين (الاحد 26/10/2008) بين سماحة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، وزعيم كتلة المستقبل النيابية النائب سعد الحريري، بعد طول انتظار ولأول مرة بعد ما يقارب السنتين ونصف السنة.
كثيرة هي النتائج الايجابية المترتبة عن هذا اللقاء، صحيح مثلاً أن يقال إن اللقاء يشيع أجواء الارتياح والطمأنينة، وينعكس إيجاباً على مجمل الحركة السياسية في البلد، ومن الصحيح أيضاً القول إن اللقاء يتوّج مسيرة المصالحات، ويدفع قدماً بها الى الامام، ويحفز الآخرين على المضي بها، وليس من المغالاة أبداً القول إن هذا اللقاء الذي طال انتظاره يشكل محطة مفصلية أساسية باتجاه بلورة مواقف ايجابية تساعد على انطلاق قطار الحوار المزمع عقده في الخامس من تشرين الثاني المقبل، ويسهم أيضاً في تنفيس الاحتقانات، ما هو موجود منها الآن، وما هو مستجد مع بدء الموسم الانتخابي النيابي باكراً، وما يمكن أن ينتجه من تشنجات وتوترات.
على أن الاهم في الحوار، هو تشديده على جملة مبادئ وثوابت تبين بشكل لا لبس فيه مدى التزام الحزب وصدقيته في التوجهات المبدئية فيما يتعلق بالنظام السياسي ومرجعية الطائف وتنفيذ اتفاق الدوحة والاحتكام الى منطق الدولة ومؤسساتها، في حال وجود أي اختلاف، وهو ما يدحض كل حملات الدعاية وما ساقته من افتراءات ممنهجة ضد الحزب طيلة الفترة الماضية، ويؤكد بالتالي أن الحزب لم يكن في وارد تحسين شروط اللعبة السياسية وتعزيز رصيد مكتسباته أو مكتسبات حلفائه، بعد تطورات السابع من أيار بقدر ما يريد تحصين الساحة الوطنية وضمان التوجهات العامة للبلد في ظل الاستهدافات الاقليمية والدولية، ومحاولات إلحاق لبنان بمنظومات تضر بمصلحته ومصلحة أهله. كما ان أجواء اللقاء كانت محطة هامة أيضاً على المستوى الاقليمي والدولي اذ أنها ستشيع أجواء هامة من الانفراج والارتياح على مستوى تنفيس الاحتقان المذهبي بين السنة والشيعة، الذي عملت على تأجيجه جهات محلية وإقليمية ودولية وفق خطة مبرمجة تهدف لإثارة الفتنة بين المسلمين للإيقاع بينهم وإضعافهم، وبالتالي تشريع ساحة المنطقة أمام المشاريع المعادية، وكان من حسن الصدف تقاطع هذا اللقاء مع الزيارة الهامة التي قام بها نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبد الامير قبلان الى عاصمة الشمال، ولقائه الفعاليات الشمالية. هذه الزيارة أسهمت ايضاً في ترطيب الاجواء وإشاعة مناخ الثقة والتفاؤل على الصعيد الوطني العام.
اللقاء هو استكمال لما سبق ووصل لما انقطع، وهو محطة مفصلية ستتبعها صلة اتصال دائمة بين حزب الله وتيار المستقبل بما يخدم مصلحة الفريقين والبلد برمته. ومن المنتظر أن يشكل اشارة ايجابية لاستكمال العديد من اللقاءات والمصالحات والحوار بين أفرقاء عديدين في الساحة اللبنانية.
الانتقاد/ العدد1310 ـ 28 تشرين الاول/ اكتوبر 2008
2008-10-28