ارشيف من :آراء وتحليلات

المسألة الأمنية في الداخل اللبناني: ما يتعدى البحث عن الادوات

المسألة الأمنية في الداخل اللبناني: ما يتعدى البحث عن الادوات
لؤي توفيق حسن (*)
ليس كافياً ان نرد الاعتداء في دير عمار إلى (المؤامرة) دون البحث عن مسؤولية تلك الأجواء المشحونة التي جرى اصطناعها على مدى السنوات الأربع المنصرمة. وهذا بصرف النظر عن (الأداة) التي قامت بتنفيذ الجريمة المذكورة، سواء أكانت في ذلك الذي أٌلقيَ القبض عليه أو مَنْ مَا زال طليقاً!!.
إن الإقرار بهذا هو المقدمة الصحيحة نحو البحث في استدراك تداعيات تلك الأجواء، وهي مسألة لا بد من الاعتراف بأن تحقيقها دونه حواجز. يبدو منها جلياً ما ورد على لسان بعض الشخصيات المنضوية في ما يسمى: "الأمانة العامة لـ 14 آذار" في اجتماعهم (تاريخ 23/12/2009).
وكان اللافت بينهم ليس ما صدر عن شخصيات أو ممثلي أحزاب ارتبطت تاريخياً بالعداء لسوريا أو للمقاومة، ولكن من الذين يمثلون تيارات سياسية عادت عن مواقفها – (على مستوى القيادات) – وقطعت شوطاً في ذلك!!.
لعل ما سبق يقودنا إلى استنتاجين سريعين:
الأول: ان اصطناع المناخات العدائية مسألة أسهل بكثير من لملمتها. هذا درس نتركه للمستقبل كي نتعلم منه جميعاً.
الثاني: إن تلك المناخات تستنبت مع الزمن طبقة من السياسيين المتنفعين تعتاش عليها. وترتبط مصالحها بدوام أجوائها الملبدة!.
ومن هنا نرى أن البعض يستشعر الآن بأن مبررات دوره – أو (وظيفته)! – قد انتفت، ما قد يفقده كثيراً من المزايا ومن أبرزها جزيل العطايا أيام التبذير!!.
أما البعض الآخر فلا ينسحب عليه هذا (العصاب) الناشئ من عدم التأقلم!. بل لعله مستمرٌ في دوره بإرادة مدركة وبفعل علاقاته التي نسجها مع أطراف خارجية تربطه بها قنوات – (من تحت الطاولة)! – ويشكل لها خزاناً احتياطياً تستخدمه لإبقاء الصورة مهزوزةً داخلياً.
لا شك أبداً بأن هنالك من خارج الحدود من يتطلع لقلب المعادلة. واستعادة أولئك الاقطاب إلى حيث كانوا، أو استعادة (14 آذار) بهم!.
ولا شك أيضاً بوجود ثغرة كبيرة سيحاول الخارج الدخول منها. وهي الفجوة التي تفصل بين المواقف السياسية المستجدة لبعض الأقطاب وقواعدهم الشعبية.
ولا شك أيضاً وأيضاً بأن ردم هذه الفجوة سيواجه عراقيل – هذا بالحد الأدنى للوصف – مع وجود طبقة المنتفعين من استعداء سوريا أو المقاومة. والتي أشرنا إليها. والبعض من هؤلاء إلى جانب (حلفائهم) من بقايا 14 آذار ما زالوا جزءاً في منظومة (الأطراف) المرتبطة بالمحافظين الجدد. والذين بدورهم ما زالوا بنسبة كبيرة يحتلون مواقع هامة في الإدارات الأمريكية ومؤسسات البحث.
إنها منظومة أخطبوطية نسجت علاقاتها ولها حلفاء من سياسيين وأمنين ورجال مال واقتصاد في أكثر من مكان والأبرز هو العالم العربي. ولا سيما أهم مفاصله حساسيةً مصر، فلسطين، العراق والخليج مروراً بلبنان.
هذه المنظومة تسعى في إطار صراع صامت تشهده واشنطن إلى تطويق الرئيس أوباما مراهنة على إمكانية بعث الحياة في استراتيجيتها "الفوضى الخلاقة".
لذلك علينا أن نتوقع امتحانات لزعزعة الاستقرار كما في دير عمار. وبعدها بأيام في الضاحية. ما يستوجب مقاربة جديدة للموضوعة الأمنية تتعدى البحث عن الأدوات!!.
(*) كاتب من لبنان
2009-12-30