ارشيف من :آراء وتحليلات
خطوة نتنياهو تجاه كاديما: الدواعي والأهداف

مصطفى الحاج علي
لفتت خطوة نتنياهو تجاه زعيمة حزب كاديما ودعوته لها للالتحاق بحكومته الانتباه نظراً لتوقيتها السياسي، محركة البحث عن الدواعي والأهداف التي تمليها عليه، وخصوصاً أن وضع حكومته حتى الآن ما زال متماسكاً على الأقل من الناحية الظاهرية، كما أن نتنياهو نجح حتى الآن في التعامل مع مجمل الضغوط الاميركية والأوروبية التي تمارس عليه لحمله على تقديم تنازلات ولو هامشية من شأنها أن تساعد على تحريك عجلة التسوية على المسار الفلسطيني ـ الاسرائيلي.
هذه المقاربة الأولية تبدو في الحقيقة متسرعة اذا ما أريد فحص دوافع وأهداف نتنياهو من وراء هذه الخطوة، والسؤال الذي يفرض نفسه هنا، هل هي خطوة تكتيكية ولأغراض محض داخلية تتصل بالمشهد السياسي الاسرائيلي الداخلي، وتجاذبات أطرافه وقواه المتصارعة، أم أنها خطوة تتصل بمدى واهتمام سياسي أوسع، وبقرارات ذات مدى استراتيجي يريد نتنياهو حسمها في الفترة المقبلة؟
الإجابة عن هذا السؤال تقتضي ملاحظة المعطيات التالية:
أولاً: لدى نتنياهو طموح قديم بتفكيك حزب كاديما الذي سبق له وخرج من رحم الليكود، وذلك في سياق استرجاعه، واخفات صوت معارض مزعج الى حد ما، ونتنياهو اختار توقيتا دقيقا حيث عاد الانقسام داخل كاديما الى البروز على خلفية المشاركة من عدمها في حكومة نتنياهو، وبالتالي، يمكن اعتبار دعوة نتنياهو بمثابة الكشف مجدداً عن هذا الانقسام وتحريكه بالاتجاه الذي يخدم اغراضه.
ثانياً: ليس صحيحاً ولا دقيقاً أن وضع نتنياهو مريح بالمطلق، فهو أولاً عرضة لضغوط كبيرة دولية واميركية، والكباش الذي دار بينه وبين أوباما ما زال يتفاعل اميركياً، كما أن الرسائل الأوروبية البعيدة الدلالة استناداً الى ما كان ينوي الاتحاد الاوروبي تبنيه في ما يخص مسألة القدس ومروراً بتقرير غولدستون، وليس انتهاءً بالملاحقات القضائية في بريطانيا للعديد من القادة والمسؤولين الصهاينة، وهذه ـ في مجملها ـ ظروف غير مسبوقة تواجه الكيان الاسرائيلي.
ثالثاً: ثمة تحديات كبيرة تواجه نتنياهو داخل الكيان الاسرائيلي، وعلى امتداد المنطقة، ومنها ما يتصل بملفات تحتاج الى اتخاذ قرارات كبيرة بحقها بدءاً من كيفية التعامل مع مجمل المتغيرات النوعية التي تحصل في البيئة الاستراتيجية للمنطقة، ومروراً بالملف النووي ـ الايراني، وليس انتهاءً بملف التسوية، كما أن شكل التعاطي مع حركات المقاومة في لبنان وغزة ما زال قضية اشكالية بالرغم من ارتفاع لغة الحرب والتهديد بها.
رابعاً: يبدو أن ملف التسوية عاد الى البروز مؤخراً، وبالتالي عاد الدفء ليسري في أوصاله على خلفية تفاهم اميركي مع نتنياهو جرى العمل عليه طيلة الفترة المقبلة بهدوء، وانتهى الى صياغة مبادئ مشتركة تشكل الأرضية لإطلاق عجلة التسوية على المسار الفلسطيني ـ الاسرائيلي، ولا سيما أن نتنياهو نجح مؤخراً في فرض وقائع صلبة جديدة على الأرض من شأنها أن تغيّر من مضمون أي تسوية بما يخدم الاستراتيجية الصهيونية، ولا سيما أن واشنطن قبلت مع نتنياهو أن يكون سقف التفاوض لمدة سنتين ومن دون أي التزام مسبق بأن يكون سقفاً نهائياً للوصول الى نتائج حاسمة.
خامساً: بدا واضحاً مؤخراً أيضاً أن مسألة التفاوض الخاصة بالأسير الصهيوني شاليط يخضع حسمها لاعتبارات وحسابات كثيرة لا يستطيع نتنياهو البت بها في وضعه الحالي.
كل هذه الاعتبارات تؤكد أن نتنياهو يريد أخذ كاديما الى جانبه لـ:
أ ـ تحصين حكومته أكثر في سياق رفع قدرته على اتخاذ القرارات المطلوبة، التي قد تتطلب اجماعاً اسرائيلياً سواء اتصل ذلك بملف التسوية، أم بشن حرب قد تكون ايران هي مرشحها الأوفر حظاً.
ب ـ السماح لنفسه بهامش حركة أوسع اذا ما قرر اتخاذ قرارات ما تزعج من يقف على يمينه كليبرمان، وقد تدفعه للتهديد بالاستقالة.
ج ـ لا شك، ان نجاحه في استدراج كاديما سيتيح له تفكيكه أو احتواؤه كحد أدنى.
د ـ إقفال نافذة الاعتراض الأساسية على حكومته.
هـ ـ حرمان واشنطن من ورقة ضغط تستخدمها في وجهه ولا سيما أن ليفني هي أقرب اليها من نتنياهو.
وفي هذا الإطار، اذا صحت فرضية أن نتنياهو يعد العدة لقرارات كبيرة وتحت نظر واشنطن، فلا يبعد أن تضغط إدارة أوباما على كاديما للالتحاق بنتنياهو.
لفتت خطوة نتنياهو تجاه زعيمة حزب كاديما ودعوته لها للالتحاق بحكومته الانتباه نظراً لتوقيتها السياسي، محركة البحث عن الدواعي والأهداف التي تمليها عليه، وخصوصاً أن وضع حكومته حتى الآن ما زال متماسكاً على الأقل من الناحية الظاهرية، كما أن نتنياهو نجح حتى الآن في التعامل مع مجمل الضغوط الاميركية والأوروبية التي تمارس عليه لحمله على تقديم تنازلات ولو هامشية من شأنها أن تساعد على تحريك عجلة التسوية على المسار الفلسطيني ـ الاسرائيلي.
هذه المقاربة الأولية تبدو في الحقيقة متسرعة اذا ما أريد فحص دوافع وأهداف نتنياهو من وراء هذه الخطوة، والسؤال الذي يفرض نفسه هنا، هل هي خطوة تكتيكية ولأغراض محض داخلية تتصل بالمشهد السياسي الاسرائيلي الداخلي، وتجاذبات أطرافه وقواه المتصارعة، أم أنها خطوة تتصل بمدى واهتمام سياسي أوسع، وبقرارات ذات مدى استراتيجي يريد نتنياهو حسمها في الفترة المقبلة؟
الإجابة عن هذا السؤال تقتضي ملاحظة المعطيات التالية:
أولاً: لدى نتنياهو طموح قديم بتفكيك حزب كاديما الذي سبق له وخرج من رحم الليكود، وذلك في سياق استرجاعه، واخفات صوت معارض مزعج الى حد ما، ونتنياهو اختار توقيتا دقيقا حيث عاد الانقسام داخل كاديما الى البروز على خلفية المشاركة من عدمها في حكومة نتنياهو، وبالتالي، يمكن اعتبار دعوة نتنياهو بمثابة الكشف مجدداً عن هذا الانقسام وتحريكه بالاتجاه الذي يخدم اغراضه.
ثانياً: ليس صحيحاً ولا دقيقاً أن وضع نتنياهو مريح بالمطلق، فهو أولاً عرضة لضغوط كبيرة دولية واميركية، والكباش الذي دار بينه وبين أوباما ما زال يتفاعل اميركياً، كما أن الرسائل الأوروبية البعيدة الدلالة استناداً الى ما كان ينوي الاتحاد الاوروبي تبنيه في ما يخص مسألة القدس ومروراً بتقرير غولدستون، وليس انتهاءً بالملاحقات القضائية في بريطانيا للعديد من القادة والمسؤولين الصهاينة، وهذه ـ في مجملها ـ ظروف غير مسبوقة تواجه الكيان الاسرائيلي.
ثالثاً: ثمة تحديات كبيرة تواجه نتنياهو داخل الكيان الاسرائيلي، وعلى امتداد المنطقة، ومنها ما يتصل بملفات تحتاج الى اتخاذ قرارات كبيرة بحقها بدءاً من كيفية التعامل مع مجمل المتغيرات النوعية التي تحصل في البيئة الاستراتيجية للمنطقة، ومروراً بالملف النووي ـ الايراني، وليس انتهاءً بملف التسوية، كما أن شكل التعاطي مع حركات المقاومة في لبنان وغزة ما زال قضية اشكالية بالرغم من ارتفاع لغة الحرب والتهديد بها.
رابعاً: يبدو أن ملف التسوية عاد الى البروز مؤخراً، وبالتالي عاد الدفء ليسري في أوصاله على خلفية تفاهم اميركي مع نتنياهو جرى العمل عليه طيلة الفترة المقبلة بهدوء، وانتهى الى صياغة مبادئ مشتركة تشكل الأرضية لإطلاق عجلة التسوية على المسار الفلسطيني ـ الاسرائيلي، ولا سيما أن نتنياهو نجح مؤخراً في فرض وقائع صلبة جديدة على الأرض من شأنها أن تغيّر من مضمون أي تسوية بما يخدم الاستراتيجية الصهيونية، ولا سيما أن واشنطن قبلت مع نتنياهو أن يكون سقف التفاوض لمدة سنتين ومن دون أي التزام مسبق بأن يكون سقفاً نهائياً للوصول الى نتائج حاسمة.
خامساً: بدا واضحاً مؤخراً أيضاً أن مسألة التفاوض الخاصة بالأسير الصهيوني شاليط يخضع حسمها لاعتبارات وحسابات كثيرة لا يستطيع نتنياهو البت بها في وضعه الحالي.
كل هذه الاعتبارات تؤكد أن نتنياهو يريد أخذ كاديما الى جانبه لـ:
أ ـ تحصين حكومته أكثر في سياق رفع قدرته على اتخاذ القرارات المطلوبة، التي قد تتطلب اجماعاً اسرائيلياً سواء اتصل ذلك بملف التسوية، أم بشن حرب قد تكون ايران هي مرشحها الأوفر حظاً.
ب ـ السماح لنفسه بهامش حركة أوسع اذا ما قرر اتخاذ قرارات ما تزعج من يقف على يمينه كليبرمان، وقد تدفعه للتهديد بالاستقالة.
ج ـ لا شك، ان نجاحه في استدراج كاديما سيتيح له تفكيكه أو احتواؤه كحد أدنى.
د ـ إقفال نافذة الاعتراض الأساسية على حكومته.
هـ ـ حرمان واشنطن من ورقة ضغط تستخدمها في وجهه ولا سيما أن ليفني هي أقرب اليها من نتنياهو.
وفي هذا الإطار، اذا صحت فرضية أن نتنياهو يعد العدة لقرارات كبيرة وتحت نظر واشنطن، فلا يبعد أن تضغط إدارة أوباما على كاديما للالتحاق بنتنياهو.