ارشيف من :أخبار عالمية

خلافا لارادة اميركا: تشيكيا تصادق على محكمة الجنايات الدولية

خلافا لارادة اميركا: تشيكيا تصادق على محكمة الجنايات الدولية
صوفيا ـ جورج حداد
تتوجه الاضواء اكثر فأكثر الان نحو تشيكيا، بسبب رئاستها الدورية للاتحاد الاوروبي، بعد فرنسا. حيث سيتوجب عليها ان تحل محل فرنسا في المفاوضة الندية مع روسيا حول الانسحاب من جيورجيا، وغيرها من القضايا الشائكة. ومعلوم انه لدى زيارة وزيرة الخارجية الاميركية غونداليزا رايس الى تشيكيا في حزيران/ يونيو الماضي جرى التوقيع بالاحرف الاولى على اتفاق نصب الرادار الخاص بالدرع الصاروخي الاميركي على الاراضي التشيكية، الامر الذي اعتبرته روسيا عملا عدائيا يهدد امنها القومي. وقد ردت روسيا فورا حينذاك بتخفيض ثلثي حجم توريد النفط الى تشيكيا. علما ان مسؤولي شركة النفط الروسية المعنية صرحوا حينذاك ان هذا التخفيض لا علاقة له بالسياسة، بل املته اعتبارات تجارية فقط. الا ان روسيا هددت تشيكيا وبولونيا بأن اي تعريض لامنها القومي من اراضيهما، يعني المخاطرة بإزالتهما من الخريطة.
ونذكر انه سارت مظاهرات في شوارع براغ تحتج على اتفاق الدرع الصاروخي الاميركي وتحويل تشيكيا الى قاعدة عدوان محتملة ضد روسيا. واضطر رئيس الوزراء التشيكي ميريك توبولاليك الى التصريح بأن تشيكيا توافق على قيام اختصاصيين روس بزيارة موقع الرادار الاميركي المزمع نصبه، للاطمئنان الى عدم تهديد الامن القومي الروسي. ولكن وزير الخارجية الروسي سيرغيي لافروف رد عليه قائلا ان الزيارات المتقطعة غير كافية، وطلب الموافقة على حضور روسي دائم في موقع الرادار الاميركي العتيد، والى الان لم تتلق روسيا موافقة على هذا الطلب. وقد ادى الخلاف على اتفاق الرادار في تشيكيا الى ان الائتلاف الحاكم خسر الانتخابات المحلية، التي جرت خلال هذا الشهر، خسارة كاملة على جميع الاراضي التشيكية. وفي البرلمان التشيكي الحالي ازداد عدد النواب المستقلين المعارضين لسياسة الحكومة الموالية لاميركا، وهذا ما جعل اصوات الحكومة واصوات المعارضة في البرلمان متقاربة، وأخر حتى الان امكانية التصديق على اتفاق الرادار مع اميركا. وسيجري اليوم التصويت على التصديق على الاتفاق في البرلمان، ولا يمكن التنبؤ مسبقا بالنتيجة بسبب التقارب في عدد الاصوات المؤيدة والمعارضة للحكومة. وكان مجلس الشيوخ (الهيئة العليا في البرلمان) قد اجل التصويت على التصديق على الاتفاق الى دورته اللاحقة.
والى جانب النقاشات الحامية في البرلمان الان، فإن الوزارة ستعيد اليوم بحث الاتفاق والتصويت عليه من جديد في الحكومة ايضا.
وفي هذه الاثناء خطت تشيكيا خطوة جديدة لا تحظى برضى اميركا، وهي التصديق على اتفاقية محكمة الجنايات الدولية، الخاصة بجرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية. ومعلوم ان اميركا تمتنع عن الموافقة على هذه المحكمة، لتجنيب قواتها العاملة في الخارج الوقوع تحت طائلة القانون الدولي، وهي تطلب من مختلف الدول التي يمكنها ممارسة التأثير عليها ان تمتنع ايضا عن تأييد المحكمة. وقد اعترفت الهيئة الدنيا للبرلمان التشيكي بالمحكمة بأكثرية 140 صوتا من اصل 200 عضو في البرلمان. وكانت الهيئة العليا للبرلمان، اي مجلس الشيوخ، قد صادقت على المحكمة في شهر حزيران الماضي. ولعب اقتراب موعد رئاسة تشيكيا للاتحاد الاوروبي دوره في جعل التصديق على المحكمة الدولية ضروريا، حيث ان الاتحاد الاوروبي يؤيد المحكمة خلافا لاميركا. وكانت تشيكيا مترددة بين الموقفين الاميركي والاوروبي. الا انها الان حسمت موقفها، بحيث اصبح عدد الدول التي تعترف بالمحكمة الدولية 108 بلدان.
2008-10-30