ارشيف من :آراء وتحليلات
خلف القناع: جائزة غزة.. للمقاومة

كتب مصطفى خازم
دخل القارب "الأمل والكرامة" مياه غزة الاقليمية حاملاً أدوية للمحاصرين في غزة وعلى متنه 27 شخصا من 13 دولة، بينهم حاملة جائزة نوبل للسلام للعام 1976 ميرياد كوريغان ماغواير، المناضلة المسالمة من ايرلندا الشمالية.
وبرغم سنوات عمرها التي قاربت الرابعة والستين، لا تزال هذه المرأة أفتى من الكثيرين من ملايين العرب ومليار مسلم ممن باتوا في بيوتهم ليل الثلاثاء الأربعاء متحصنين من البرد والأمطار، بينما أهل فلسطين المحتلة يعانون السيول التي تغرق بلادهم، والمياه التي تدخل صناديق الحديد التي يقال عنها "بيوت"، لتهطل عليهم من الداخل.
برغم كل الأجواء والخطر الاسرائيلي المحدق، ركبت ماغواير البحر في ظروف إبحار غير ملائمة.. ريح وأمطار، وبرد البحر القارس، كل هذا لأنها تؤمن بالكرامة، كرامة الإنسان مهما كان دينه ولونه واسمه وعرقه.
يكاد الإنسان يحار أمام هذه المرأة التي تناضل من أجل الحرية في بلدها، والتي بعد مقتل شقيقتها حملت هم أولادها الثلاثة، فتصدت لتربيتهم والاعتناء بهم كأولادها. وغالباًَ ما يجدها الفلسطينيون أمامها في الاعتصامات على الجدار العنصري العازل في بلعين، وقد تصاب أحياناً قبلهم بالغاز المسيل للدموع أو بالرصاص المطاطي!
امرأة من إيرلندا التي تبعد عن فلسطين نفس المسافة التي ابتعد عنها العرب منذ نكبة 1948، تجدها فلسطينية عربية أكثر من حاملي الهوية والكوفية و"العقال".
امرأة حضنت من هم من دمها لتقدم الأمثولة، فيما أصحاب بوابات العبور من العرب على غزة يقفلونها، وأمام من! أمام المرضى والعجائز، حتى وصلت حصيلة شهداء الحصار من المرضى إلى 255 شهيداً.
هي الكرامة والشرف..
لا تزال عبارة "غوار الطوشة" في مسرحيته الشهيرة "كاسك يا وطن" ترن في آذان الكثيرين: "يا بي كل شي عنا.. ما ناقصنا إلا شوية كرامة".
"شوية الكرامة" جعلت الإيرلندية تحضر من بلدها إلى قبرص لتركب من ميناء لارنكا في قارب غير معد للرحلات الطويلة يأخذها إلى غزة، غير آبهة بكل مليارات العرب الضائعة في مصارف أميركا، ولا بنفطهم المهروق على أعتاب "كوندي" و"ليفني" الغارقة في سقوطها.
سيشكل العلم اللبناني المرفوع على القارب اضافة إلى علم فلسطين بالطبع، صدمة للصهاينة.
لماذا؟
سؤال لا يحتاج إلى كثير تفكير.. هو السبب ذاته الذي دفع بالإيرلندية للقيام بـ"المغامرة"..
"المغامرة" التي جعلت من أصغر بلد عربي دولة عظمى يخافها كيان العدو، ويفكر بطرح معاهدة "عدم اعتداء" معها!!
هي المقاومة..
مقاومة أذهلت العالم، ومرغت رأس العدو في وحل الهزيمة مراراً وتكراراً.
مقاومة جعلت من معادلة " قصف بيروت يقابله قصف تل أبيب"..
مقاومة أصابت العدو لأول مرة في عمق كيانه الغاصب..
مقاومة فرضت على العدو لجان تحقيق واعتراف بالهزيمة..
نعم، "ماغواير" تستحق بعد نوبل "جائزة المقاومة".
أما أصحاب "المقامرة" في ملاهي العالم، فلهم أعقاب الأحذية، علهم يستفيقون، ولن يستفيقوا!
الانتقاد/ العدد1311 ـ 31 تشرين الاول/ اكتوبر 2008

وبرغم سنوات عمرها التي قاربت الرابعة والستين، لا تزال هذه المرأة أفتى من الكثيرين من ملايين العرب ومليار مسلم ممن باتوا في بيوتهم ليل الثلاثاء الأربعاء متحصنين من البرد والأمطار، بينما أهل فلسطين المحتلة يعانون السيول التي تغرق بلادهم، والمياه التي تدخل صناديق الحديد التي يقال عنها "بيوت"، لتهطل عليهم من الداخل.
برغم كل الأجواء والخطر الاسرائيلي المحدق، ركبت ماغواير البحر في ظروف إبحار غير ملائمة.. ريح وأمطار، وبرد البحر القارس، كل هذا لأنها تؤمن بالكرامة، كرامة الإنسان مهما كان دينه ولونه واسمه وعرقه.
يكاد الإنسان يحار أمام هذه المرأة التي تناضل من أجل الحرية في بلدها، والتي بعد مقتل شقيقتها حملت هم أولادها الثلاثة، فتصدت لتربيتهم والاعتناء بهم كأولادها. وغالباًَ ما يجدها الفلسطينيون أمامها في الاعتصامات على الجدار العنصري العازل في بلعين، وقد تصاب أحياناً قبلهم بالغاز المسيل للدموع أو بالرصاص المطاطي!
امرأة من إيرلندا التي تبعد عن فلسطين نفس المسافة التي ابتعد عنها العرب منذ نكبة 1948، تجدها فلسطينية عربية أكثر من حاملي الهوية والكوفية و"العقال".
امرأة حضنت من هم من دمها لتقدم الأمثولة، فيما أصحاب بوابات العبور من العرب على غزة يقفلونها، وأمام من! أمام المرضى والعجائز، حتى وصلت حصيلة شهداء الحصار من المرضى إلى 255 شهيداً.
هي الكرامة والشرف..
لا تزال عبارة "غوار الطوشة" في مسرحيته الشهيرة "كاسك يا وطن" ترن في آذان الكثيرين: "يا بي كل شي عنا.. ما ناقصنا إلا شوية كرامة".
"شوية الكرامة" جعلت الإيرلندية تحضر من بلدها إلى قبرص لتركب من ميناء لارنكا في قارب غير معد للرحلات الطويلة يأخذها إلى غزة، غير آبهة بكل مليارات العرب الضائعة في مصارف أميركا، ولا بنفطهم المهروق على أعتاب "كوندي" و"ليفني" الغارقة في سقوطها.
سيشكل العلم اللبناني المرفوع على القارب اضافة إلى علم فلسطين بالطبع، صدمة للصهاينة.
لماذا؟
سؤال لا يحتاج إلى كثير تفكير.. هو السبب ذاته الذي دفع بالإيرلندية للقيام بـ"المغامرة"..
"المغامرة" التي جعلت من أصغر بلد عربي دولة عظمى يخافها كيان العدو، ويفكر بطرح معاهدة "عدم اعتداء" معها!!
هي المقاومة..
مقاومة أذهلت العالم، ومرغت رأس العدو في وحل الهزيمة مراراً وتكراراً.
مقاومة جعلت من معادلة " قصف بيروت يقابله قصف تل أبيب"..
مقاومة أصابت العدو لأول مرة في عمق كيانه الغاصب..
مقاومة فرضت على العدو لجان تحقيق واعتراف بالهزيمة..
نعم، "ماغواير" تستحق بعد نوبل "جائزة المقاومة".
أما أصحاب "المقامرة" في ملاهي العالم، فلهم أعقاب الأحذية، علهم يستفيقون، ولن يستفيقوا!
الانتقاد/ العدد1311 ـ 31 تشرين الاول/ اكتوبر 2008