ارشيف من :آراء وتحليلات

باختصار: الغارة بين واشنطن وأنقرة

باختصار: الغارة بين واشنطن وأنقرة
كتب محمد يونس
كثرت التحليلات والتأويلات حول أهداف الغارة الأميركية على سوريا، وما هي الرسائل التي سعت واشنطن لإمرارها إلى دمشق من خلال هذا العمل الإرهابي الدولي بامتياز، وراح الجميع يبحثون عن تداعياته وما ورائياته، ويربطون به كل ما يمت إلى سوريا أو واشنطن بصلة ولو كانت بعيدة.
أحد هذه التداعيات وصل إلى تركيا نفسها التي وجدت نفسها على ما يبدو في موقف حرج جدا، فلا هي تستطيع استنكار الغارة فترضي سوريا وتغضب أميركا، ولا تستطيع تبريرها فترضي أميركا وتغضب سوريا، ولا تستطيع البقاء صامتة فإنها قد تغضب الاثنين معا. وما زاد من حراجة الوضع التركي، عدا عن العلاقات المميزة التي تربط أنقرة بكل من دمشق وواشنطن، هو المسيرة التي اختطتها لنفسها منذ أكثر من عام كدولة وسيط لإحلال السلام في المنطقة، فأطلقت أكثر من مبادرة بهذا الخصوص آخرها مبادرتها التوسط بين سوريا وإسرائيل وإدخال الطرفين في مفاوضات غير مباشرة.
فهذه المبادرة تلزم تركيا باتخاذ مواقف حيادية من عدد من الأحداث التي تجري في المنطقة، لكن حيادها هذا قد ينقلب عليها نقمة، وهو ما يقلقها الآن بسبب موقفها الصامت منذ الغارة، وهو موقف يحق لسوريا أن تراه تواطؤا مع الأميركيين، وبالتالي وفي أضعف الإيمان تصبح النظرة السورية للدور التركي كل شيء ما عدا الحياد، الأمر الذي قد يؤثر على دورها في إدارة المفاوضات غير المباشرة، وبالتالي تفقد تلك الصورة التي تسعى إليها كبلد يمثل جسرا للتواصل بين الشرق والغرب.
وعليه فإن على الأتراك أن يرسلوا الرسالة الصحيحة لواشنطن بعد أن طالتهم شظايا العمل الأميركي الذي يبدو أنه خارج الزمان والمكان والسياق.
الانتقاد/ العدد1311 ـ 31 تشرين الاول/ اكتوبر 2008
2008-10-31