ارشيف من :آراء وتحليلات
حدث في مقالة: تقدم المصالحات يزيد أزمة بعض مكوّنات الفريق الشباطي

كتب ابراهيم صالح
في الوقت الذي كانت غالبية الوسط السياسي اللبناني تعرب عن ارتياحها لتحقق اللقاء المنتظر بين الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله، ورئيس تيار "المستقبل" النائب سعد الحريري، وفي الوقت الذي كانت تبنى على هذا اللقاء الكثير من توقعات التفاؤل بمرحلة سياسية مريحة وهادئة مقبلة، كان نافراً مشهد بعض من صاروا يعرفونهم بـ"مسيحيي الموالاة" وهم يستخدمون كل ما يمكنهم استخدامه من وسائل خبيثة وأحداث مزيفة لتبريد وهج هذا اللقاء والنيل من تأثيراته الايجابية.
فقد كان نافراً، على سبيل المثال، وليس الحصر، مشهد النائب السابق فارس سعيد وهو يزعم أن هذا اللقاء الذي انتظر الجميع حدوثه إدراكاً لايجابياته ليس الا عبارة عن "فك اشتباك أمني"، كذلك كان سخيفاً وتافهاً مشهد الرئيس السابق أمين الجميل وهو يتكئ على رواية كاذبة من ألفها إلى يائها تتمحور حول مجموعة شباب ينتمون إلى "جبهة العمل الاسلامي" ضُبطوا مع أسلحتهم وهم في طريقهم، كما ادعى، إلى أحد معسكرات حزب الله لتلقي التدريب، وهو أمر نفته نفياً قاطعاً قيادة الجيش. بالطبع لم يكلف هذا الرجل نفسه عناء الاعتذار، حفاظاً على ماء وجهه، فهو بنى كل "رصيده" السياسي وكل تاريخه على قاعدة الكذب والادعاء وتزوير الحقائق وحرف الوقائع.
وبصرف النظر ع هذه الحقيقة الراسخة، ولأن الموضوع ليس موضوع إقاء الضوء على تاريخ هذا الرجل الحافل بالسلبيات، فإن الواضح أن لقاء السيد نصر الله ـ الحريري أعاد الأنظار مجدداً إلى أزمة الخلافات والإرباكات التي تعصف في داخل فريق 14 شباط.
ففي السابق كان قسم من رموز هذا الفريق يحاول طمس هذه الأزمة، والتهرب منها، تحت ستار المشاركة في "الهجمات" المتكررة على المعارضة وخصوصاً "حزب الله"، والنفخ في "نار المذهبية"، والتهويل من حجم المخاطر الناجمة عن "الخلافات" بين أطراف الساحة اللبنانية.
فلم يعد خافياً أن بعض رموز فريق 14 شباط ولا سيما منهم أيتام لقاء قرنة شهوان والمهددين بفقد أدوارهم ومواقعهم بفعل المقبل من التطورات وبفعل التحولات والتغييرات التي فرضت نفسها على الواقع السياسي بعد أحداث أيار واتفاقية الدوحة، كانوا يعتاشون ويعيشون طوال الفترة الماضية على وهج التناقضات والخلافات وعدم إتمام المصالحات، وإعادة الأمور إلى نصابها الطبيعي من التهدئة والتبريد لا سيما بعد تأليف حكومة الوحدة الوطنية وفق مقاييس المعارضة.
وعليه فإن هؤلاء وبعد لقاء نصر الله ـ الحريري وما سبقه من لقاءات مصالحة طالت أكثر من طرف، وما يمكن أن يبنى على اللقاء الأخير من مصالحات وتفاهمات أخرى، فإن هؤلاء وجدوا أنفسهم أمام أزمتين راسختين، الأولى: أزمة الوظيفة عند فريقهم، فالمعلوم أن هؤلاء تنكبوا في السابق أكثر الهجمات قذارة وهي تزييف الحقائق واجتراح التنظيرات البائسة والواهمة للهجوم على أطياف المعارضة ولا سيما "حزب الله" والتيار الوطني الحر وتشويه صورتهم، اضافة إلى مهمة التحريض الطائفي والمذهبي والشحن السياسي، والظاهر أن هؤلاء استمروا بلعب هذا الدور الطفيلي واندمجوا فيه إلى أقصى الحدود حتى صاروا مجرد أبواق صغيرة، وأصوات "غب الطلب".
الثانية: أزمة الدور والموقع حاضراً ومستقبلاً، فلم يعد سراً القول إنه بعد انصرام المرحلة الماضية، واقتراب موسم الانتخابات النيابية، فإن كثيراً من رموز الفريق الشباطي، الذين استخدموا نوابا بالإيجار والوكالة ووضعت لهم أرجل من قصب لكي يطلوا على الجمهور بحيثية وأدوار ليست لهم بالأصل، باتوا أمام حقيقة لا يمكن القفز فوقها وهي أن عليهم أن يستعدوا للرحيل، ومغادرة المسرح لأن "المخرج" لم يعد بحاجة إلى أدوارهم، ولأن عليه أن يعطي الدور لسواهم، ولأن مساحة المسرح باتت تضيق عن استيعابهم وحجز أمكنة ومساحات لهم.
فالمعلوم أن في الفريق الشباطي أزمة اسمها أزمة "إرضاء الذين يجاهرون بمظلوميتهم".
وعليه بدأت أزمة البحث عن أمكنة لهؤلاء لتضمن إيصالهم الى الندوة البرلمانية، فكان أن دب التباين والخلاف باكراً بين "القوات اللبنانية" وحزب الكتائب بعدما بادر الرئيس الجميل إلى تسمية مرشح لهذا الحزب في دائرة البترون، وهو يدرك أن هذا المرشح هو من أجل منافسة مرشح القوات أو الأخذ من أصواته.
كذلك الأمر في دائرة الشوف حيث يحاول النائب وليد جنبلاط تأجيل مشكلة فرضت عليه، اسمها مشكلة ايجاد مقاعد في لائحته لمرشح القوات ومرشح حزب بقايا "الأحرار"، والنائب السابق غطاس خوري الذي ضاقت أمامه الأمكنة فصار مجرد "لاعب احتياط" عليه البقاء على قارعة الانتظار والانصراف كسير الخاطر إذا ما حالت الظروف والحسابات دون حجز مكان له في وزارة أو نيابة.
والمشكلة عينها تتكرر إذا ما ذكر مقعد طرابلس الماروني الذي صار مقعداً ذهبياً يخطب الكثيرون وده، بعدما باتوا على يقين من أن دائرة زغرتا موصدة أمام مرشحي الفريق الشباطي السابقين واللاحقين لأنها مضمونة لرئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية بالكامل، وذلك بناءً على معطيات ووقائع سابقة وحالية.
ولا شك أن المشكلة عينها حاضرة في دائرة كسروان الانتخابية حيث بات واضحاً أن رموز الفريق الشباطي تتحاشى بشكل واضح التعاون مع "القوات اللبنانية" انطلاقاً من اعتقادها بأن الأمر "خسّير" وفرص الفوز ستصبح معدومة تماماً لأي لائحة تضم على متنها مرشحاً قواتياً.
والمعروف أيضاً أن القوى المسيحية المنخرطة في الفريق الشباطي تسعى من الآن لتكبير حصتها النيابية وتضخيم حضورها إدراكاً منها لحاجة قيادة الفريق الشباطي لها ولتماسكها، لأنه بات معلوماً أن الساحة المسيحية هي التي تقرر الاحجام والأكثرية والأقلية في الانتخابات النيابية المقبلة، ولأنه بات معلوماً أيضاً أن وصية "الرعاة" الخارجيين لهذا الفريق هي العمل بكل ما أوتي من قوة لضمان تماسكه أولاً، ولضمان العودة إلى البرلمان بالأكثرية الحالية على أقل تقدير، والا فهو مهدد بالزوال.
وعلى طريقة أن الحبيب يفرط في دلاله عندما يعرف مكانته عند الآخر، فإن أطراف الفريق الشباطي سيبالغون في طلباتهم، وسيغالون في السعي لتضخيم حضورهم النيابي والسياسي لأنها الفرصة الأخيرة لهم، فمن دون هذا التحالف الشباطي سيكون قسم لا يستهان به من هؤلاء بلا حيثية وبلا دور وموقع.
وعليه فكلما تقدمت المصالحات وكلما هدأت الأمور وبردت المناخات، اقترب موسم الانتخابات وتعاظمت أيام الأزمة في هذا الفريق.
الانتقاد/ العدد1311 ـ 31 تشرين الاول/ اكتوبر 2008
في الوقت الذي كانت غالبية الوسط السياسي اللبناني تعرب عن ارتياحها لتحقق اللقاء المنتظر بين الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله، ورئيس تيار "المستقبل" النائب سعد الحريري، وفي الوقت الذي كانت تبنى على هذا اللقاء الكثير من توقعات التفاؤل بمرحلة سياسية مريحة وهادئة مقبلة، كان نافراً مشهد بعض من صاروا يعرفونهم بـ"مسيحيي الموالاة" وهم يستخدمون كل ما يمكنهم استخدامه من وسائل خبيثة وأحداث مزيفة لتبريد وهج هذا اللقاء والنيل من تأثيراته الايجابية.
فقد كان نافراً، على سبيل المثال، وليس الحصر، مشهد النائب السابق فارس سعيد وهو يزعم أن هذا اللقاء الذي انتظر الجميع حدوثه إدراكاً لايجابياته ليس الا عبارة عن "فك اشتباك أمني"، كذلك كان سخيفاً وتافهاً مشهد الرئيس السابق أمين الجميل وهو يتكئ على رواية كاذبة من ألفها إلى يائها تتمحور حول مجموعة شباب ينتمون إلى "جبهة العمل الاسلامي" ضُبطوا مع أسلحتهم وهم في طريقهم، كما ادعى، إلى أحد معسكرات حزب الله لتلقي التدريب، وهو أمر نفته نفياً قاطعاً قيادة الجيش. بالطبع لم يكلف هذا الرجل نفسه عناء الاعتذار، حفاظاً على ماء وجهه، فهو بنى كل "رصيده" السياسي وكل تاريخه على قاعدة الكذب والادعاء وتزوير الحقائق وحرف الوقائع.
وبصرف النظر ع هذه الحقيقة الراسخة، ولأن الموضوع ليس موضوع إقاء الضوء على تاريخ هذا الرجل الحافل بالسلبيات، فإن الواضح أن لقاء السيد نصر الله ـ الحريري أعاد الأنظار مجدداً إلى أزمة الخلافات والإرباكات التي تعصف في داخل فريق 14 شباط.
ففي السابق كان قسم من رموز هذا الفريق يحاول طمس هذه الأزمة، والتهرب منها، تحت ستار المشاركة في "الهجمات" المتكررة على المعارضة وخصوصاً "حزب الله"، والنفخ في "نار المذهبية"، والتهويل من حجم المخاطر الناجمة عن "الخلافات" بين أطراف الساحة اللبنانية.
فلم يعد خافياً أن بعض رموز فريق 14 شباط ولا سيما منهم أيتام لقاء قرنة شهوان والمهددين بفقد أدوارهم ومواقعهم بفعل المقبل من التطورات وبفعل التحولات والتغييرات التي فرضت نفسها على الواقع السياسي بعد أحداث أيار واتفاقية الدوحة، كانوا يعتاشون ويعيشون طوال الفترة الماضية على وهج التناقضات والخلافات وعدم إتمام المصالحات، وإعادة الأمور إلى نصابها الطبيعي من التهدئة والتبريد لا سيما بعد تأليف حكومة الوحدة الوطنية وفق مقاييس المعارضة.
وعليه فإن هؤلاء وبعد لقاء نصر الله ـ الحريري وما سبقه من لقاءات مصالحة طالت أكثر من طرف، وما يمكن أن يبنى على اللقاء الأخير من مصالحات وتفاهمات أخرى، فإن هؤلاء وجدوا أنفسهم أمام أزمتين راسختين، الأولى: أزمة الوظيفة عند فريقهم، فالمعلوم أن هؤلاء تنكبوا في السابق أكثر الهجمات قذارة وهي تزييف الحقائق واجتراح التنظيرات البائسة والواهمة للهجوم على أطياف المعارضة ولا سيما "حزب الله" والتيار الوطني الحر وتشويه صورتهم، اضافة إلى مهمة التحريض الطائفي والمذهبي والشحن السياسي، والظاهر أن هؤلاء استمروا بلعب هذا الدور الطفيلي واندمجوا فيه إلى أقصى الحدود حتى صاروا مجرد أبواق صغيرة، وأصوات "غب الطلب".
الثانية: أزمة الدور والموقع حاضراً ومستقبلاً، فلم يعد سراً القول إنه بعد انصرام المرحلة الماضية، واقتراب موسم الانتخابات النيابية، فإن كثيراً من رموز الفريق الشباطي، الذين استخدموا نوابا بالإيجار والوكالة ووضعت لهم أرجل من قصب لكي يطلوا على الجمهور بحيثية وأدوار ليست لهم بالأصل، باتوا أمام حقيقة لا يمكن القفز فوقها وهي أن عليهم أن يستعدوا للرحيل، ومغادرة المسرح لأن "المخرج" لم يعد بحاجة إلى أدوارهم، ولأن عليه أن يعطي الدور لسواهم، ولأن مساحة المسرح باتت تضيق عن استيعابهم وحجز أمكنة ومساحات لهم.
فالمعلوم أن في الفريق الشباطي أزمة اسمها أزمة "إرضاء الذين يجاهرون بمظلوميتهم".
وعليه بدأت أزمة البحث عن أمكنة لهؤلاء لتضمن إيصالهم الى الندوة البرلمانية، فكان أن دب التباين والخلاف باكراً بين "القوات اللبنانية" وحزب الكتائب بعدما بادر الرئيس الجميل إلى تسمية مرشح لهذا الحزب في دائرة البترون، وهو يدرك أن هذا المرشح هو من أجل منافسة مرشح القوات أو الأخذ من أصواته.
كذلك الأمر في دائرة الشوف حيث يحاول النائب وليد جنبلاط تأجيل مشكلة فرضت عليه، اسمها مشكلة ايجاد مقاعد في لائحته لمرشح القوات ومرشح حزب بقايا "الأحرار"، والنائب السابق غطاس خوري الذي ضاقت أمامه الأمكنة فصار مجرد "لاعب احتياط" عليه البقاء على قارعة الانتظار والانصراف كسير الخاطر إذا ما حالت الظروف والحسابات دون حجز مكان له في وزارة أو نيابة.
والمشكلة عينها تتكرر إذا ما ذكر مقعد طرابلس الماروني الذي صار مقعداً ذهبياً يخطب الكثيرون وده، بعدما باتوا على يقين من أن دائرة زغرتا موصدة أمام مرشحي الفريق الشباطي السابقين واللاحقين لأنها مضمونة لرئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية بالكامل، وذلك بناءً على معطيات ووقائع سابقة وحالية.
ولا شك أن المشكلة عينها حاضرة في دائرة كسروان الانتخابية حيث بات واضحاً أن رموز الفريق الشباطي تتحاشى بشكل واضح التعاون مع "القوات اللبنانية" انطلاقاً من اعتقادها بأن الأمر "خسّير" وفرص الفوز ستصبح معدومة تماماً لأي لائحة تضم على متنها مرشحاً قواتياً.
والمعروف أيضاً أن القوى المسيحية المنخرطة في الفريق الشباطي تسعى من الآن لتكبير حصتها النيابية وتضخيم حضورها إدراكاً منها لحاجة قيادة الفريق الشباطي لها ولتماسكها، لأنه بات معلوماً أن الساحة المسيحية هي التي تقرر الاحجام والأكثرية والأقلية في الانتخابات النيابية المقبلة، ولأنه بات معلوماً أيضاً أن وصية "الرعاة" الخارجيين لهذا الفريق هي العمل بكل ما أوتي من قوة لضمان تماسكه أولاً، ولضمان العودة إلى البرلمان بالأكثرية الحالية على أقل تقدير، والا فهو مهدد بالزوال.
وعلى طريقة أن الحبيب يفرط في دلاله عندما يعرف مكانته عند الآخر، فإن أطراف الفريق الشباطي سيبالغون في طلباتهم، وسيغالون في السعي لتضخيم حضورهم النيابي والسياسي لأنها الفرصة الأخيرة لهم، فمن دون هذا التحالف الشباطي سيكون قسم لا يستهان به من هؤلاء بلا حيثية وبلا دور وموقع.
وعليه فكلما تقدمت المصالحات وكلما هدأت الأمور وبردت المناخات، اقترب موسم الانتخابات وتعاظمت أيام الأزمة في هذا الفريق.
الانتقاد/ العدد1311 ـ 31 تشرين الاول/ اكتوبر 2008